مقالات واراء

وَصِيۃ شَهِيد..

الكاتبة: شيماء سليم

يَقُولون أنني قُتِلت يا أُمي..

كَانت فقط جَريمة قَتل يُحاولون خمد نِيارنها الحَارقة بقلبك أنتي ووالدي. لا تحزني، ولا تحزن أنت الآخر يا والدي لا تَنعُتني أنني لم أكُن رَجُلًا، أُقسم لَكَ أنني لم يدفعني إلي ذلك المصير المشؤوم سِوى أنني كُنت رَجُلًا.. ولكِنهم قد تَكاتلوا عليَّ يا أبي وأبرحُوني ضَرباً وركلًا، ثُم الكَثيرُ من الرَكلات والضَربات المُتتالية وطَعنات هُنا في مِعدتي ومِن بين أحشائي وكأنما كُنت مُجرد لوحة رُسِمت بيدٍ باردة ثُم لُونت بسيل دمائي المُنهَمِر. لم أستطِع الدفاع عن نفسي، لم أقدر على حِمايتي وخَرت قُواي وتَراخى جسدي المُشقق أثر طَعنات ذَلك الذِي تَفنن في تَعذيبي ومن ثَم نَزعُ رَوحي نَزعاً.. لا تحزن، هلا أخبرت أصدقائي ألا يحزنوا، هُم الآخرون؟! أعلم أن أحدَهم حَاول الدِفاع عَني ولكِنها الكثرۃ يا أبي كما تَعلم “قد غَلبت الشَجاعة” ولكِن لا بَأس عليكُم، هَلا ضَممتُم الكُفوف وشَددتُم بـ أذرِ بعضِكم حَتى تَتجاوزوا فَقدي؟ لقد نَسَيتُ سُؤالِكم عن حَقي، وبالله أقسِمُكم أن تُقسِموا حُكام تِلك الأرض ومَن عليها ألا يَتهاونوا بحَقِي، ألا يَستبيحوا إِرَاق دَمائي؛ فإِنني وإن كُنتُ مُنعم فِي جِنان الله فـ أنا أريدُ حَقي من ذَلك الذي سَرقني فِي عُمري وأيامُ شَبابي. أُريد حَق ذُعري وتَوجُعِي، أُريد حَق مَوتي مُرتجِفاً مَذعُورًا، لا ضُمِم۟تُ بَين أَحضان أُمي لتُخفِف عَليَّ سَكراتُ مَوتي ولا مِتُ مُطمئناً خَالي الألم والوجِيعة.. أُريد حَق قلب والدتي المُحترق هذا وإِنحناء ظَهرَ وَالدِي بَعد فَقدِي، أُريد حَقَ رَبيع عُمري وكُل لَحظة سَعيدة صَنعتُها لأَصدقائي وأصبحت اليوم ذِكرى تَنهُش فِي جِدار قُلوبهم من شدۃ الفَقدِ والألم.. أنا فَقط.. أُريدُ حَقي ليِرتاحَ جَثمانِي بَين حَوائِط تِلك الغُرفة المُظلمة البَاردة.. تَضرعُوا إلي الله للدُعاء مِن أجلي، أخِبرُوه عَنِي وأسألوه المَغفرة عن ذَلاتي، أخبِروه أنني قَد صَليت يوَماً ونَسيتُ أَياماً أُخری بينما كُنت أظُن أن هُناك مُتسع مِن الوَقت لأَتُوب وأطلُب مَغفرته؛ ولكِن الوقت كان حَالفي وغَالِبي هُو الآخر. ومع هذا فـ إنني أطمَعُ في رَحمة الله التي وَسِعت كُل شيء.. أسألوه أن يُعامِلني برَحمته لا بَِعملي وحاشاه ألا يَرحم عَبداً جَاء لهُ مَظلُوماً مَقتولا، طالِباً عَدالة السَماء إن غَابت وضَلت عَدالة الأَرض. لا تنسوا حقي يا رِفاق، ولا تَنسُوني فَضلًا بالدُعاء..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى