اسليدرالأدب و الأدباءمقالات واراء

آتحاد الشعب قوة

كتبت / مها حامد

آفة شعوبنا اليَقِين المأفور وَ أفورة اليَقِين . فهناك من يهاجم ، و من يدافع ، و البعض يقف ما بين ذاك والآخر يتأمل و يشاهد .
فهذا ثَوْرِيٌّ وذاك مُعَارِضٌ ، و هذا موالي النظام و الاخر يبكى ، وينزف علي الماضى البعيد .
الجميع علي يقين ، الجميع عالم ببواطن الامور ، ومتأكد جدا و متحفز جِدًّا جِدًّا..
الكل يكفر الآخر و الآخر يتهم الفريق المخالف له بالتخلف والرجعيه .
الفطرة البشرية السوية أن كل إنسان يصيب ويخطئ ، يجرب ويتعلم ، يفكر ويقرأ من أجل أن يناقش و يحاور ويتبادل المعلومات والخبرات .
فهكذا الحياة كل فرد من المجتمع له مطلق الحرية فى اتخاذ رأي وموقف في قضية ما ، ولا يحق لأحد مصادرة هذا الحق أو الإعتداء عليه .
فقد يكون مقبولا أن تعادى شخص لأنه تعدي علي حق من حقوقك أو أموالك.
لكن أن تمقت شخص وتستعديه لأن له رأى يعارض رأيك في قضيه سياسيه أو علميه أو أدبيه أمر غير منطقي ومرفوض .
ففى شريعتنا الإسلامية قال الله تعالى فى كتابه العزيز ” لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ” .
فلم يجبرنا اللهُ على التَّدَيُّنُ بِدِينٍ ، ولا الإعتقاد بشئ ولكنه أعطانا العقل الذى نميز به وترك لنا حرية الإختيار ، وإذا كان هذا منهاج الله مع خلقه فكيف بخلقه أن يخالفوا سنن الله الكونية.
إن الله تعالي لم يسمح حتى لأنبيائه أن يصادروا من الإنسان حرية رأيه و إختياره فهم يعرضون رسالة اللهُ على الناس ، دون فرض أو إكراه .
{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } .
ضاع بينا لغة الحوار وإندثر التفاهم و القدره علي تبادل الأفكار و المفاهيم .
نسينا أو تناسينا عن عمد أن القبول بالتنوع و الإختلاف في حقيقته هو إحترام الإنسان ككيان له حق الفكر والعقيدة والرأي , فكل شخص يرفض التنوع والتعدد والإختلاف هو إنسان يرفض إنسانية الآخر لغرور و قصور فكري لديه .
يعتقد البعض من البشر أن الإختلاف والتنوع ، ضد التقدم والحضارة ، مع إن تعدد إتجاهات البشر و إختلافهم ، أصلٌ وسنةٌ كونية ، وُجدت منذ خلق البشرية .
لذلك فإن رفض التعدد هو رفضٌ لمبدأ أصيل يقوم عليه الوجود الإنساني.
فمن يتأمل الطبيعة الكونية سيشاهد أن مخلوقات اللهُ مختلفة الأشكال والألوان حتي أن لها مسميات مختلفة .
مما يدعونا إلي التدبر في الحكمة الإِلَهِيَّةُ ، و سيدور في عقلنا السؤال ، لماذا خلق الله هذه المخلوقات ، وجعلها مختلفة ومتنوعة؟
لماذا لم يخلقها علي هيئة واحدة ، وشكل واحد ، وأسم واحد ؟
أليس الله سبحانه بقادر علي جعلها بصورة واحدة ؟
لكن الإرادة الإِلَهِيَّةُ تتجسد في قوله تعالى في كتابه الكريم : «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ »
البشر يختلفون و إختلافهم هو سر توزان الحياة ، الإختلاف سنة كونية فلولا إختلاف البشر لفسدت الأرض وسبحانه القائل (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)
علينا جميعا ألا نصدر أحكاما إعدامية على الرؤى المختلفة ، والآراء المبتكرة ، بل نربي أنفسنا و أولادنا ومن حولنا علي ثقافة الإختلاف فيما بيننا .
إن الأمم التي فهمت المغزى من الإختلاف بين البشر وأدركت أن الإختلاف إثراء وتنوع وتميز ، هي الدول التى صنعت حضارة ومستقبل لشعوبها لأنها تمكنت من إستيعاب الإختلاف وتقبله، و إدارة هذا الإختلاف بما يخدم مصالح مواطنيها ، وتحقيق لشعوبها سبل العيش الكريم .
فكان التعامل مع مواطنيها على أسس المواطنة القائمة على الحقوق والواجبات ، وسيادة القانون ، الذي يحمي الجميع دون استثناء أو تمييز بين أحد من مواطنيها.
و بالتالي أصبحت أمم متقدمة في كافة المستويات الثقافية ، والتعليمية ، والاقتصادية ، والسياسية ، والصناعية .. إلخ .
شعوبنا العربية في آقصى درجات الإحتياج إلي هذه الروح الإتحادية ، ف إتحاد كل الشعب والتلاحم قوة ، وبهذا الفكر نتخلص من السلبية والتبعية من حياتنا ، و ستظلل الإيجابية مجتمعاتنا .. إيجابية يستفيد منها كل صاحب فكر سواء نتفق معه أو نختلف ، ويسعد بها المجتمع بأسره .

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر
زر الذهاب إلى الأعلى