اسليدرمقالات واراء

الأسعار إلى أين ؟

كتبت / جيهان حكيم

مما لا شك فيه أن الاستقرار المادي يمثل مدخلاً حقيقاً لمعرفة الأوضاع الاقتصادية _ الاجتماعية ، بل والسياسية أيضا،وبلغة اقرب إلى الموضوعية وتبتعد عن التهويل ، هذا المقال يستدعى مشكلة الحتمية الجبرية لواقع المواطن الذي أصبح محاط بأزمة مادية مستحكمة , فكل ما جرى ويجرى قد تم تقريره ، وما المواطن إلا آلة تعمل وفق قوانين لا علاقة لها بالذات ولا بالعدالة الاجتماعية

وفى هذا الإطار ستكون أشارتنا مقصورة على ظاهرة الغلاء التي مازالت تزحف وتستوطن بيوتنا يمنة ويسرة ، وتقفز فوق أجورنا الضئيلة طولا وارتفاعا
وتفتك بالضروريات عرضاً واتساعا، حتى وصلت إلى حدود اللا منطقي واللا معقول

ولعلنا لا نغالي اذا قلنا أنها ظاهرة تنذر بمخاطر اجتماعية كبيرة فقد اجتاحت معظم فئات الشعب بدرجاته المتفاوتة واختلف وقع حجمها ووقع صداها وأثارها على محدودي الدخل بصفة خاصة حتى أصبحوا غير قادرين على مواجهة الشؤون اليومية المتعلقة بكيفية كسب عيشهم وطريقة مواجهة الحاجات الملحة الضرورية التي تفرضها عليهم دنياهم وهو ما يمهد الطريق لظهور مخاوف تشد الوثاق على أعناقنا بالآلام والأوجاع والأمراض

بالتالي ،عندما يميل الحق عن طريقه نطرح السؤال على أنفسنا حول السياسة التي سبقته ، وما هي اسبابها ، ومن هو المسئول عنها ..؟
والسؤال الآن (وهذا هو المهم)
هل أصبحنا من الضعف لدرجة تحولنا إلى حقل للتجارب يستعرض فيه صناع القرار مدى قدرتهم على رسم خطوط ووضع فروض تخنق المواطن بشكل عام ؟

لا أريد أن أبدو محبطة أو متشائمة أكثر مما ينبغى ..
فأنا ليس لدى مشكلة أن نعيش فترة أخرى من اجل خلق مجتمع منتج يعتمد على نفسه ، للدلالة على مناعة وصبر الشعب ، لكن ليس على حساب المستوى المعيشي الأدنى للمواطن
ولست ضد التغيير لكن الخوف من التغيير السريع والمفاجئ لأنه يعنى خسارة كل شيء

فلا نريد لكل شيء فوق حدود الطاقة
أن يصبح فرضا ،وأن لم يتم وضع معايير محددة لهذا الارتفاع الجنوني في الأسعار
فلا عجب أن ينشغل جشع التجار بالاستثمارات التي تقتات من محدودي الدخل تحت مرأى ومسمع صناع القرار، وعليه يحق لنا أن نتساءل بقلق كبير حول الاتساع الذي يفصل بين المسئول وبين الواقع

* أليس من المفارقة خضوع السلع الأساسية المدعمة للزيادة المطردة وهى التي قال عنها المسئول انه لا مساس بها ؟

* لماذا يتعرض المواطن المكافح لمختلف أنواع الحرمان تبعاً لاعتقاد مفاده انه عنصراً أساسيا لتحقيق الدمج الاجتماعي والاستقلال الاقتصادي فيما بعد ،دون أن يتمتع بأبسط شروط تحسين وضعه المادي

* لماذا نستورد أساس طعامنا، ونلبس من نسيج الآخرين ، وأصبحنا من المستهلكين ، وتحت سماء بلادنا ثروة قومية وبشرية واسترتيجية قوية ؟

* ما هو المغزى من الإشارة إلى ظاهرة الغلاء من زاوية ضيقة مشوبة بضحالة التحليل دون تقديم اى حلول، وفى أحيان أخرى نجد الصمت دون تعليل ؟
بينما المسألة أصعب وأعقد من ذلك بكثير

* كيف يمكن لمحدودي الدخل مواكبة الطفرات المتتالية في زيادة الأسعار دون مساعدة ملموسة تقابل ذلك النمط من العيش؟

* إلى متى سنظل نحيا في أزمة تلو الأخرى حتى أصبحنا كمن يسير في نفق معتم طويل ويرمى بنا في هوة سحيقة بدلاً من أن يدفعنا في اتجاه المستقبل

*أين دور الجهات المعنية من تطبيق القوانين اللازمة لحماية المستهلك ، ومتى يتم تفعيل الضوابط لمجابهة التصعيد المستمر والقضاء على احتكار التجار
وحتى لا نجد أنفسنا في كل الأسئلة الواردة آنفاً في حالة صدام مع قانون (التناقض) في الأقوال والأفعال
نحتاج إلى قبضة من حديد ووقفة جادة واعية من صناع القرار ومواجهة الخطر
دون أن يكون هناك مبررات متلاحقة محصورة في أن يدفع محدود الدخل الحساب بالكامل دون اى تعديلات تجعل حياتهم أفضل قليلاً

فالقضاء على جشع التجار وإنهاءه وتطويق تهديداتهم مسؤولية الحكومة فبنيان الدولة الصحيح لا تصنعه النوايا بل تنفيذ وتفعيل الخطط والقوانين لصالح استقرار محدودي الدخل
وألا سيبقى المواطن البسيط يعيش حالة قلق دائم
وسوف يستعصى عليه حصر ردود الفعل حول المفاهيم التي تتضارب والقوانين التي تنحاز للتحالف ضده وتتعامل مع معاناته المريرة باستهانة
وبالتالي يصبح هناك تخوف حقيقي من أن يتحول الصبر إلى عواصف وأعاصير طالما بقى دور المسئول عاجز عن أدراك كم المعاناة
التي تحيط بالمواطن المطحون

في النهاية ، أرجو ألا يتصور القارئ أنني ضد التقدم والدفع بالوطن إلي الأمام
ولكن ما استطيع أن أقوله ختاماً هو أنى ضد التواطؤ على طمس حقوقنا كمواطنين والإصرار على تهميش وجودنا وزهق أرواحنا أحياء والاستخفاف بعقولنا ووضع قيود على حرية إرادتنا

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى