بدون زعل العزاء على المقابر

كتب  : دكتور خلف مسعود  

تركت قريتى فى الصعيد من 25 سنة تقريبا .قريتى بها العشرات من الائمه والخطباء .

بها المئات من معلمى الازهر الشريف من الابتدائى الى الثانوى.قريتى بها حوالى 30 كادر جامعى من معيد الى استاذ .

قريتى بها عشرات من الحاصلين على الماجستير والدكتوراه قريتى بها الاف من طلاب الازهر الشريف بكل مراحلة

كل هولاء لم يجتمعوا للقضاء على سلبيه واحده من السلبيات المنتشره فى القريه
كل هولاء لم يجتمعوا للقضاء على المخدرات والخمور التى اصبحت فى يد الاطفال قبل الكبار لم يجتمعوا للقضاء على انحراف النشئ

كل هولاء لم يجتمعوا على القضاء على الجهل والمرض والوقوف فى وجه الفقر والبطاله وانعدام مقومات الحياة الاساسية لم يجتمعوا للقضاء على العصبية المقيته لم يجتمعوا للقضاء على ظاهرة تعسير الزواج بالاسراف والتبذير .

لم يجتمعوا من اجل توفير كوب مياه صالح للشرب .

لم يتجتمعوا من اجل ايجاد وحدة إسعاف او مطافى او طريق صالح للمشى

فقط فقط فقط كل هولاء اجتمعوا وعلى قلب رجل واحد للقضاء على العزاء !!!نعم العزاء

العزاء اللي هو آخر مناسبة اجتماعية “محترمة ” كانت بتربط الناس وتوحد بينهم في حالة من المواساة والمشاركة الوجدانية والاجتماعية.

العزاء اللى وسيلة من اهم وسائل تلاقى الناس الذين ابعدتهم مشاغل الحياة عن بعض

العزاء اللى كان من اهم وسائل تصالح الناس تذويب الخلافات بينهم

العزاء اللى كان من اهم وسائل تعارف وتلاقى وتواصل الاجيال ببعضها البعض

العزاء اللى كان من اهم وسائل ربط الطيور المهاجره المغتربه عن القرية بالقريه

العزاء اللى كان من اهم وسائل تقوية نسيج المجتمع القروى بمسلميه ومسيحييه واشاعة روح الوطنيه بينهم

العزاء اللى بمثابة الوفاء للميت واحترام قدسية الموت والتذكير بيه

العزاء اللى كان من اهم وسائل انتشار القران وتعلمه وتعليمه وتجويده وتحكيمه واجادته وتلاوته وتخريج اجيال من القراء والحفظه والمتقنين

العزاء اللى كان من اهم وسائل تدريب الدعاة والخطباء على الخطابه
والالقاء ومواجهة الجماهير من الصغر

قضوا على كل ذلك بجملة مشئومة مشمومة قاتل الله من روج لها جمله تفتقد الى اى سند من عقل او شرع او عرف وهى جملة (العزاء على المقابر)
وبعد ان كانت القريه تهتز خشوعا من أصوات المقرئين .

اصبحت تتمايل طربا ورقصا على اصوات (الدى .جى)
وخلت القرية من البلابل والعصافير وعششت فيها الغربان وباض فيها البوم وفقست فيها الجرزان
فاصبحت القرية عباره عن بوم وغربان وجرزان وجراد وصراصير وبعض مسوخ لهم لحى يلتحون بها ولكن ليس لهم عقول يعقلون بها يدعون بين الغربان والبوم والجرزان ب(رجال الدين)