السياحة و الأثاراهم المقالات

المدرسة الخديوية .

بقلم المهندس/ طارق بدراوى
تأسست المدرسة الخديوية في عام 1836م في عصر محمد علي باشا بالقاهرة فقد كان محمد علي باشا شديد الإهتمام بالتعليم ويدرك أنه لن يستطيع أن ينهض بمصر مالم يكن لديه كوادر من المتعلمين لديهم القدرة والكفاءة علي إدارة الأنشطة المختلفة في البلاد مثل التعليم والزراعة والصناعة والتجارة والعمران والجيش وكذلك جميع مرافق الدولة الحديثة والتي كان يحلم بتأسيسها وعلي النسق الأوروبي
وتعتبر المدرسة الخديوية أول مدرسة ثانوية في مصر وهي أم المدارس الثانوية التي أنجبت الكثيرين من رجال مصر منهم الزعماء ورجال السياسة والقضاء ورجال التعليم والأدباء والمهندسين والأطباء والفنانين والمفكرين والشعراء وكان أول مدير للمدرسة هو رفاعة الطهطاوي باشا والذى كان من ضمن من أرسلهم محمد علي باشا إلى فرنسا للتعليم ثم العودة إلى مصر ليقوموا بنقل ماتعلموه إلى تلاميذهم جيلا بعد جيل
وأطلق علي المدرسة الخديوية في البداية المدرسة التجهيزية حيث كان طلبتها يتم تجهيزهم للالتحاق بالمدارس العسكرية التي أنشأها محمد علي باشا بهدف تكوين جيش قوى يستطيع أن يدافع عن مصر وأن يحقق أحلامه في تكوين إمبراطورية تضم مصر والسودان وبلاد الشام والحجاز ثم أطلق عليها الإسم الحالى المدرسة الخديوية الثانوية للبنين في الأول من شهر نوفمبر عام 1889م
وكانت المدرسة تعد تلاميذها للمدارس الحربية كما أسلفنا وكانت في البداية تقبل أبناء الشراكسة والاغريق والأتراك فكان العنصر المصري بها قليلا بين تلاميذها وكان مكانها حينذاك في القصر العيني ونقلت المدرسة بعد ذلك إلى حي أبى زعبل ثم إلى حى العباسية سنة 1863م ثم أخيرا استقر بها الحال في شارع درب الجماميز في المكان الحالى بحي السيدة زينب في عام 1950م
وكانت مدة الدراسة فيها أربع سنوات وكانت داخلية و بالمجان أما الخروج فكان يوم الجمعة من كل أسبوع وبالطبع تغير هذا النظام الآن وبالنسبة للعقوبات التي كانت توقع على المذنبين من التلاميذ هي الإنذار ثم التأنيب ثم لبس الجاكتة مقلوبة ثم الحجز في غرفة خاصة ثم الحرمان من الخروج ثم الحبس في غرفة مظلمة مع الاقتصار على الخبز و الماء ثم تأتي أقصي عقوبة وهي الضرب بالكرباج و قد تغيرت بالطبع طرق العقاب الآن إلى استدعاء ولى الامر ثم الفصل لمدة معينة مع الحرمان من الدراسة ثم تأتي أقصى عقوبة وهي الفصل نهائيا
وكان من أشهر خريجي هذه المدرسة العريقة علي باشا مبارك والذى يعتبر أبو التعليم في مصر والذى تولي نظارة المعارف العمومية أيام الخديوى إسماعيل والتي تحولت بعد ذلك إلى وزارة التربية والتعليم وأمير الشعراء أحمد بك شوقي وزعيم الحركة الوطنية مصطفى كامل باشا والجراح العالمي علي إبراهيم باشا وأحمد لطفى السيد باشا الأديب الكبير والملقب بأستاذ الجيل وأول مدير للجامعة المصرية وعلي ماهر باشا رئيس الديوان الملكي للملك فؤاد ثم للملك فاروق ورئيس الوزراء اكثر من مرة والكابتن محمد لطيف لاعب الكرة والمعلق الرياضي الكبير والفنان الكبير محمود المليجي والشاعر الغنائى الكبير أحمد رامي
ومن أهمية تلك المدرسة العريقة كان يحرص حكام مصر من الأسرة العلوية علي زيارتها مثل السلطان حسين كامل الذى حكم مصر مابين عام 1914م حتي عام 1917م وأيضا الأمير فاروق الاول قبل أن يصبح ملكا في عام 1933م وكان من أشهر نظار تلك المدرسة المربي الفاضل صاحب العزة محمد بك توفيق البرادعي ومازالت تلك المدرسة العريقة تؤدى رسالتها حتي اليوم في تخريج آلاف الخريجين كل عام من المرحلة الثانوية بعد حصولهم علي شهادة الثانوية العامة والذين يلتحقون بالجامعات في الكليات المختلفة وفي خلال مرحلة الدراسة الإعدادية يحلم كل طالب في مصر بالنجاح وبالالنحاق بتلك المدرسة لكي يتشرف بكونه طالبا في أقدم وأعرق وأشهر المدارس في مصر

زر الذهاب إلى الأعلى