أهم الاخباراسليدرالتقارير والتحقيقات

التســـــــــول

كتب : أحمد مرعي

(مريضه وبجري على يتامى – ابويا عاجز ومحتاجه اجبله علاج – حاجه لله – ربنا يكرمك بابن الحلال – ربنا ما يحرمكم من ضناكم )

جزء من مصطلحات في قاموس التسول نسمعها باستمرار، حيث أن ظاهره التسول من اخطر الظواهر التي يعانى منها الشعب المصري، فهي تمارس باحتراف، ليست مقترنه بفئه عمريه محدده، حيث نرى اطفالاً محترفين وكذلك شيوخاً ونساءً وشباباً وفتيات، فهي في تزايد مستمر، وتختلف اوضاع وسبل وطرق التسول في العالم، ففي الهند مثلا هناك مدينه للمتسولين، لها قوانينها وشريعتها وطريقه العيش فيها، وفى البلاد الشرقية المسلمين بختار المتسولون اماكن العبادة والجوامع والارصفة، وفى البلاد الغربية تجدهم في انفاق المترو والمتاحف يمارسون عملهم بطرق مختلفة كالغناء والعزف وربما الرسم.

ويبقى السؤال الذى يطرح نفسه، كيف يمكننا التغلب على هذا الاحتراف المفرط؟، فهل هناك من يفكر ف التصدي له ام سنظل نعانى وتظل المشكلة قائمه، وهل التسول في مصر فقر ام عمل؟، ما الذي ادى بهؤلاء الى التسول هل يرجع ذلك للأسرة ام هي مشكله بيئية وعجز في التنمية المصرية؟ تعددت الأسئلة فهل من مجيب !

“التسول ..ما بين المهنة والهواية”
في البداية يقول “اشرف السقطي” موظف بالعلاقات العامة بجامعه سوهاج, ان التسول ظاهره عامه فبعض الناس تأخذها مهنه والبعض الاخر يأخذها هواية، وقد تكون القلة من الناس مضطرة بسبب الفقر، وان يكون هناك حلا فهذا ليس يسيرا، فالتسول فساد اخلاقي اجتماعي يسكنه الطمع والجشع، لذا فالتوعية ليست كافيه فلابد من وجود توعيه من الجهات المختصة،..

اي تتولى مؤسسه او فئه معينه التعامل مع بعض المتسولين بعد دراسة حالتهم، وتقديم المساعدة لهم مع بعض التوجيه والتوعية بخطورة التسول، وعند الوصول لأفضل النتائج معهم يتم الاتفاق على انهم حلقه الوصل بينهم وبين متسولين المجتمع بتقديم ما لديهم من الافضل للنهوض بمجتمع نقى.

“التسول ظاهره لا يمكن علاجها”
“التسول لا حل له” هكذا كانت الكلمات الاولى التي نطقت بها “اسراء محمد” تربيه انجليزي فكل منطقه لها متسولين مسئولين بها، كما يوجد ايضا مناطق يتفق فيها المتسولين مع رجال الشرطة على تركهم دون مضايقتهم، لكن يجب عليهم ما يعكس تركهم يتسولون وهو مواجهة هذه الظاهرة بتوفير فرص عمل ومساكن لهؤلاء.

“نحن من نزيد الخطأ سوءاً”
“اما نجلاء عبدالقادر” تربيه نوعيه, ترى ان الظاهرة انتشرت جدا وبطريقه تبدو مستفزه، واصبح هناك طرق وسبل مختلفة للتسول، تتمثل في تقرب الطفلة او الفتاه المتسولة من الشاب وتحسسه حتى يلبى رغبتها في اعطائها ما تريد، وهكذا نوعا من الاستغلال، فترى ان المشكلة فينا وليس بهم، فاذا عرفنا كيف نتعامل معهم بالأسلوب الصحيح، نستطيع التغلب والتقليل من شأن تلك الظاهرة الى ان تختفى، لكننا نحن بكل (سذاجة) نتيجة لإلحاحهم نلبى رغباتهم للتخلص من هذا الالحاح دون النظر في عواقب هذه التلبية، لذلك فنحن من نزيد الخطأ سوأ بعدم اهتمامنا بعواقب افعالنا.

“غياب الاباء والدولة عن ادراك دورهم”
وفى رأي اخر لـ “زينب محمد” طالبه بكليه الزراعة, تقول التسول من اكثر المشكلات التي نعانى منها في البلدان وخاصه مصر، وهو ناتج من عده اسباب تتمثل في غياب الاباء عن دورهم الفعلي بالتربية وتنشئه الابناء وغياب الدولة عن دورها بتوفير الاحتياجات، كما نرى ايضاً أن التغلب عليها يحتاج إلي هيكله بناء الاسرة وتحسين المعيشة وتوفير الاحتياجات والاهتمامات بالتعليم والتنشئة الصحيحة وزياده الوعى بخطورة تلك الظاهرة عن طريق وسائل الاعلام المختلفة.

“التسول وفساد النظام”
هكذا يرى “محمد السيد” مدرس ابتدائي, أن التسول ظاهره سلبيه نتيجة للفساد والظلم المتراكم في انظمه الحكم المتوالية، كما يرى انه يمكن التغلب عليه بالعدل، وتوفير فرص عمل للجميع ورفع دخل الفرد ,كما ذكر ايضا اشكالا للتسول، فقال ان هناك أناس تأكل من صناديق الزبالة، وأناس تبات ليلا على الارصفة وغيرها من الاشكال التي تمثل عين التسول، فالظاهرة تزايدت بشكل ملحوظ فى الفترة الاخيرة، فترى ايضا شخصيات بلباس محترمه ونظيفة ولكنهم يتسولون كما انه من الممكن ان يتحول التسول الى نصب وسرقه بنسبه كبيره في بعض الاحيان.

“تدهور الاسرة ..اساس التسول”
اما الناحية النفسية فتقول الاخصائية “عائشة زايد عرفات” ان التسول مشكله خطيره تتعدى الحجم الطبيعي في مصر مقارنه بالدول الاخرى، فـ مصر تحتاج دعم لأبنائها وتوفر لهم الحماية والامان والمسكن المناسب وتدعيمهم نفسيا وعقلياً لتحميهم وتنزعهم من التسول بالتنمية والاصلاح لهم.

وتقول ايضاً.. ان مشكله التسول الذى نعانى منها في معظم محافظات مصر، ترجع الى تأسيس الابناء في الاسرة التي تعدهم اجتماعيا، وتقدم لهم الحنان والرعاية وتعدهم الى تحمل المسئولية في الاسرة بلا نزاع، حيث أنها المؤسسة الاجتماعية الاولى، وهى ايضاً جذور للإصلاح، في الاسرة حتي ان يولد الفرد في بيئة مهيأة لمعيشه في ضوء جو يناسب الفرد ان يولد في بيئة طبيعية تعلمه وتهتم به، حتى يبتعد عن مخاطر البيئة، واما ان يولد الفرد في اسره قاسيه اجتماعيه فتولد منه شخص عدو لبيئته

واضافت ايضاً ,بان المبدأ التسلطي في الاسرة هو الذى تسير عليه لتدعيم ابنائها، ويكون ذو وعى ومسئولين عن انفسهم حتى فى ظل الظروف التي تعانى منها بلدته من عجز في هذه اللحظة.

وذكرت حلولا لمعالجه الظاهرة من الناحية النفسية، بأن يجب عليها كمؤسسة اجتماعيه ان يهتمو بمثل هذه الحالات، خاصة حقوق الانسان التي تقدم للإنسان حقوقه، وتحمى كرامته، كما يجب على الدولة ان تأخذ بأيدي هؤلاء الابناء من خلاص تقديم لهم المسكن المناسب وتدعيمهم حتى يعيشوا في بيئة امنه.

“التسول …والحالة الاجتماعية”
وحول رؤيه علم الاجتماع لتلك الظاهرة ترى “مروه على” اخصائية اجتماعيه ان التسول فئه تمثلها اطفال الشوارع، والسبب في ذلك يسمى حدث وتكون الاسرة المسئولة عنه بمعنى ان الطفل يلجأ الى التسول والانحراف بعد تفكك الاسرة.. مثلاً انحراف الاب, وشرب المخدرات, الذي يؤثر سلبا على تنشئه الطفل, وسوء الاحوال المادية والمعيشية, الذي يؤدى الى ضعف الاسرة وتفككها, فيلجأ الطفل الى الشارع والتسول, وببيع سلع تافهة, ويلعب الالعاب المضحكة, ويلم اعقاب السجائر, حيث أنه من الممكن اللجوء الى فعل الفاحشة والادمان ومصاحبه اصدقاء السوء, كما ينام على الارصفة لأنه ليس لديه مأوى او ليس لديه عائل يؤتمن, بمعنى لا يوجد له دخل او احد يعتنى ويصرف عليه.

وتقدم ايضا بعض القوانين التي نصت ع حقوق الطفل بانه في قانون الطفل رقم12لسنه1996 المعدل بالقانون رقم126لسنه2008,” بان تكفل الدولة حمايه الطفولة والامومة وترعى الاطفال, وتعمل على تهيئه الظروف المناسبة لتنشئه الصحيحة فى كافه النواحي في اطار من الحرية والكرامة الانسانية كما تكفل الدولة كحد ادنى حقوق الطفل وغيرها من المواثيق الدولية ذات الصلة النافذة في مصر”

“الاعلام ومواجهته للتسول”
وفى معالجه وتناول الاعلام للقضية يقول “هاني ابو عقيل” باحث ماجستير اعلام, ان الاعلام قام بكافه اشكاله ووسائله المقروءة والمسموعة والمرئية بمعالجه هذه القضية، حيث أن هناك العديد من المقالات التي تناولت التسول في الشوارع المصرية، كما ان هناك العديد من البرامج التليفزيونية تناولت القضية من جوانب اخرى,, مثل موضوع اطفال الشوارع وتم التركيز على الاسباب التي ادت الى ذلك ولا ننسى الدراما والسينما ايضا فبدورها تناولت القضية فى عده اعمال, مثال ..”فيلم المتسول “,”وفيلم العفاريت”, ومع ذلك فيرى ان التغطية لم تكن بالشكل والمساحة المطلوبة والملائمة لأهمية وخطورة القضية التي تحتاج الى مزيد من الاهتمام فى كافه مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، كما أن لا سيما الاعلام حتى يلقى الضوء بشكل اكبر يستطيع من خلاله المسؤولون من تقديم الحلول المناسبة والمتاحة في ظل ظروف الدولة الحالية.

“التسول مرتبطا بالدول”
ذكر ايضا “محمد شراقه” مفكر وباحث حر, بان التسول ظاهره اجتماعيه تلاقى رواجا في المجتمعات الفقيرة والغنية على حد سواء، وسببها في غالب الاحيان نفسى يعود الى تعود الكسب بغير عمل وعن طريق حيل مختلفة يوقع المتسول بضحاياه – واشار الى ان هذه الظاهرة تنتشر اكثر فى البلدان التي لا تضع قوانين مفعله لخدمه الفئات الاجتماعية المستحقة بالفعل للرعاية كالمرأة المعيلة او المعاقين.

وعلى جانب اخر تنتشر هذه الظاهرة بالمثل في الدول التي تسن القوانين الصارمة، لمعاقبه مستغلى هذه العادة السيئة والحيلة الكريهة بعد توفير الرعاية للمستعففين كما قدمنا وتأهيل الشباب للعمل من ناحيه ,ثم سن قوانين اخرى لمعاقبه من يرتكب فعل التسول بشكل يحقق النظام العام دون تعارض مع حقوق الانسان الاساسية كما نصت عليها المواثيق والمعاهدات الدولية، فهكذا يكون علاج الدولة لهذه الظاهرة.

“الثقافة وعلاقتها بزياده ونقصان محترفي التسول”
يقول” شراقه” ان العلاج الاجتماعي يقوم على دور التربية النفسية القويمة التي من شأنها تخريج افراد ضالين يتمتعون بالسواء النفسي الذى ينشد الكرامة والايجابية في احتراف المهن المختلفة دون التحقير من شأن اي مهنه طالما ان صاحبها مجيد فيها – كما يرى ان هذه الثقافة العامة وحدها والتي ينبغي ان تتعدى الفرد والاسرة حتى تستغرق المجتمع من شأنها وحدها ان تحد من تعداد الافراد المحترفين للتسول.

” الدين والتعفف”
اضاف ايضاً أحد الدعاة بان الباعث الديني وحديث رسول الله صل الله عليه وسلم “اليد العليا خير واحب الى الله من اليد السفلى” اي ان الاسلام يحض على ترفع المرء عن استجداء الناس بل وينعت الفقير المستحق للعطاء بأنه المتعفف، لا الذى يسأل الناس ويلح عليهم – كما قال تعالى “يحسبهم الجاهل اغنياء في التعفف تعرفهم بسياههم لا يسألون الناس الحافا” حيث أن الداعي يرى ان هؤلاء الثلاث جوانب الرئيسية لعلاج هذه الظاهرة: “دور الاسرة – والمجتمع – والدولة “

“الجانب الاقتصادي”
لعل اخر هذه الادوار علاجاً للتسول هو الجانب الاقتصادي، فالوضع الاقتصادي وليكن اخر المؤثرات على عكس ما يتصوره معظم الناس، حيث يرى البعض ان العامل الاقتصادي قد يرفع المرء الى الكسب بطرق ملتويه لتعويض نقص احتياجاته سيما الاساسية منها فعلى الدول احتراك توفير الحد الادنى فى الحياه الكريمة من مأكل ومشرب ومسكن وتعليم وصحه لتجنب خطر ذلك على عامه افراد المجتمع .

وأخيرا ً تبقي مشكلة التسول من أصعب وأخطر المشاكل التي تواجه أي مجتمع يخطو نحو “التنمية – والتقدم – والعدالة الاجتماعية، حيث لا سيما أنها ذات جانب اجتماعي وأخلاقي، حيث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار وقال النفيلي في موضع آخر من جمر جهنم فقالوا يا رسول الله وما يغنيه قال ما يغديه او يعشيه “صدق رسول الله صل الله عليه وسلم , الي غير ذلك من الأحاديث التي تحض علي المشاركة والتضامن الاجتماعي وتنهي وتنهي عن التسول والتكاسل عن العمل.

زر الذهاب إلى الأعلى