اسليدرالأدب و الأدباء

صونوا لها حقها

بقلم : إبراهيم خليل إبراهيم

مصر كنانة الله فى أرضه .. فميمها مجد .. وصادها صفاء .. وراؤها رخاء .. ذكرها رب العزة فى كتابه الحكيم المنزل على خير المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم فى آيات نقرؤها إلى يوم الدين .

قال تعالى فى سورة البقرة : (( وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ )) الآية 61
وقال تعالى فى سورة يونس (( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ))الآية 87
وقال تعالى فى سورة يوسف : (( وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ )) الآية 21
وقال تعالى : (( فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ)) سورة يوسف الآية 99
وقال تعالى فى سورة الزخرف : (( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ )) الآية 51
وعمرو بن العاص رضى الله عنه بعد أن نصره الله بفتح مصر قال ( أهل مصر أكرم الاعاجم كلها وأقربهم بالعرب عامة وبقريش خاصة )
مصر .. قد تمرض ولكنها لاتموت .. مصر هى تاج العُلا ودرة البلاد والعباد فعلى لسان شاعر النيل حافظ إبراهيم تقول مصر عن نفسها :
أنا تاج العلا فى مفرق الشرق
ودراته فرائد عقدى
أنا إن قدر الإله مماتى
لاترى الشرق يرفع الرأس بعدى
وأوصى المفكر الكبير عباس محمود العقاد كل المصريين بالحفاظ على مصر ومكانتها فقال :
بنى مصر صونوا لها حقها
كبار النفوس كبار الشيم
وعالم الأجتماع الفرنسى جان كلود جارسينى قد سجل شهادته عن الشخصية المصرية التى أذهلته فقال :
( الشخصية المصرية تستطيع أن تجمع بين الإيمان والعلم والفن فى شخص واحد وهى تنهض نهضة رجل واحد عندما تستشعر الخطر ) نعم .. فالوطن كالعِرض نضحى من أجله بالمال وبكل العزيز والنفيس لأجل حمايته .
لقد تجلى ذلك في ثورة 25 يناير التي اندلعت عام 2011 م ضد الظلم والفساد والبطالة والمحسوبيات والكوسة مما جعل مصر تتراجع عن مكانتها المناسبة مع أنين الشعب المصري من ضنك العيش بل والأخطر هو تصحر العقل المصري ..
أشاد العالم بالمارد المصري الذي خرج من القمقم وثار ضد كل المعاناة والفساد ولكن ماحدث من تبعات بعد الثورة من مظاهر فئوية وقطع الطرق وتدمير الكثير من المرافق العامة والخاصة وضع علامات تعجب حول ماأصاب الشخصية المصرية ؟ لماذا هذه الفرقة ولماذا هذا الشتات ؟؟ لماذا هذا الصدام والتناحر بين المصريين ؟؟
مرت الأيام وجرت انتخابات رئاسة الجمهورية وتولى د. محمد مرسي رئاسة الجمهورية وعلى مدار سنة كاملة لم يجد الشعب المصري من الرئيس المنتخب إلا الشعارات والأزمات في السولار والبنزين والطوابير على المحطات لتموين السيارات وأيضا استمرار انقطاع الكهرباء أكثر من مرة في اليوم الواحد وارتفاع أسعار السلع والخدمات وزيادة الضرائب ومحاولات تقسيم الدولة والصدامات المستمرة بين رئاسة الجمهورية والوزارات مع تهديد وترويع الشعب وارتفعت الصيحات والأنات ولا مجيب .
طالب الشعب المصري بتدخل القوات المسلحة لحمايته من بطش رئيس الجمهورية وفاشيته وعدم قدرته على إدارة مصر ذات التاريخ والحضارة وقلب الأمة العربية .
أعطيت رئاسة الجمهورية مهلة لتوحيد الصف وتحقيق مطالب الشعب ورفع المعانة عنه ولكن لم تستجيب للمهلة المحددة ولم تهتم بمطالب الشعب بل كان اهتمامها بالذين يناصرون رئيس الجمهورية برغم قلة عددهم مقارنة بملايين الشعب المصري وفي مساء يوم الأربعاء الثالث لشهر يوليو 2013 عقدت القيادة العامة للقوات المسلحة لقاءات مع عدد من الرموز الدينية والوطنية والسياسية والشبابية وعقب الاجتماع أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة هذا البيان :
بسم الله الرحمن الرحيم
شعب مصر العظيم
إن القوات المسلحة لم يكن في مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب التي استدعت دورها الوطني وليس دورها السياسي على أن القوات المسلحة كانت هى بنفسها أول من أعلن ولا تزال وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسي ولقد استشعرت القوات المسلحة – انطلاقاً من رؤيتها الثاقبة – أن الشعب الذي يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته … وتلك هى الرسالة التي تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها وقد استوعبت بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها وقدرت ضرورتها واقتربت من المشهد السياسي آملة وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب والمسئولية والأمانة .
لقد بذلت القوات المسلحة خلال الأشهر الماضية جهوداً مضنيه بصوره مباشره وغير مباشره لاحتواء الموقف الداخلي وإجراء مصالحة وطنية بين كافة القوى السياسية بما فيها مؤسسة الرئاسة منذ شهر نوفمبر 2012 بدأت بالدعوة لحوار وطني استجابت له كل القوى السياسية الوطنية وقوبل بالرفض من مؤسسة الرئاسة فى اللحظات الأخيرة ثم تتابعت وتوالت الدعوات والمبادرات من ذلك الوقت وحتى تاريخه كما تقدمت القوات المسلحة أكثر من مره بعرض تقدير موقف إستراتيجي على المستوى الداخلي والخارجي تضمن أهم التحديات والمخاطـر التي تواجه الوطن على المستوى ( الأمني / الاقتصادي / السياسي / الاجتماعي ) ورؤية القوات المسلحة كمؤسسة وطنية لاحتواء أسباب الانقسام المجتمعي وإزالة أسباب الاحتقان ومجابهة التحديات والمخاطر للخروج من الأزمة الراهنة .
في إطار متابعة الأزمة الحالية اجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة بالسيد رئيس الجمهورية في قصر القبة يوم 22 يونيو 2013 م حيث عرضت رأى القيادة العامة ورفضها للإساءة لمؤسسات الدولة الوطنية والدينية ، كما أكدت رفضها لترويع وتهديد جموع الشعب المصري ولقد كان الأمل معقوداً على وفاق وطني يضع خارطة مستقبل ويوفر أسباب الثقة والطمأنينة والاستقرار لهذا الشعب بما يحقق طموحه ورجاؤه ، إلا أن خطاب السيد الرئيس ليلة أمس وقبل انتهاء مهلة الـ 48 ساعة جاء بما لا يلبى ويتوافق مع مطالب جموع الشعب الأمر الذي استوجب من القوات المسلحة استناداً على مسئوليتها الوطنية والتاريخية التشاور مع بعض رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب ودون استبعاد أو إقصاء لأحد حيث اتفق المجتمعون على خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصري قوى ومتماسك لا يقصى أحداً من أبنائه وتياراته وينهى حالة الصراع والانقسام وتشتمل هذه الخارطة على الآتـي :
* تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت .
* يؤدى رئيس المحكمة الدستورية العليـا اليميـن أمام الجمعية العامة للمحكمة .
* إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيساً جديداً .
* لرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية .
* تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية .
* تشكيل لجنة تضم كافة الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذي تم تعطيله مؤقتاً .
* مناشدة المحكمة الدستورية العليا لسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء في إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية .
* وضع ميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن .
* اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة ليكون شريكاً في القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة .
* تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات .
تهيب القوات المسلحة بالشعب المصري العظيم بكافة أطيافه الالتزام بالتظاهر السلمي وتجنب العنف الذي يؤدى إلى مزيد من الاحتقان وإراقة دم الأبرياء وتحذر من أنها ستتصدى بالتعاون مع رجال وزارة الداخلية بكل قوة وحسم ضد أي خروج عن السلمية طبقاً للقانون وذلك من منطلق مسئوليتها الوطنية والتاريخية .
كما توجه القوات المسلحة التحية والتقدير لرجال القوات المسلحة ورجال الشرطة والقضاء الشرفاء المخلصين على دورهم الوطني العظيم وتضحياتهم المستمرة للحفاظ على سلامة وأمن مصر وشعبها العظيم .
حفظ الله مصر وشعبها الأبي العظيم … والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثم وجهت القوات المسلحة تحية إعزاز وتقدير إلى الشعب المصري العظيم – الوعاء الحاضن لجيشه الوطني – وإلى شباب مصر الواعد المُلهم الذي دائماً ما يبهر العالم بعبقريته وإصراره على تحقيق طموحاته المشروعة بكل رقى وتحضر وسمو وأكدت إن عمق المؤسسة العسكرية المصرية ينبع من عراقة شعبها وقوة شبابه الدافعة فهم حلم مصر الحقيقي ومستقبلها المضئ في سبيل وطن تسوده مبادئ العدل والحرية والسلام المجتمعي .
أيضا قالت القوات المسلحة : إلى شباب مصر من التيارات الدينية بمختلف أشكالها وتوجهاتها ، لا يوجد بين المصريين من يشكك في وطنيتكم وانتمائكم وإخلاصكم وعطاؤكم الصادق لصالح هذا الوطن ورفعته ، شأنكم في ذلك شأن باقي المصريين … ونؤكد أن الإجراءات التي اتخذتها القيادة العامة للقوات المسلحة بالتوافق مع عدد من الرموز الدينية والوطنية والشباب لم تكن موجهة على الإطلاق ضدكم ، ولم تكن تقليلاً من دوركم ولا مكانتكم في المسيرة الوطنية المصرية ، ولا تفصلكم عن جسد مصر الواحد … ومهما تباينت الآراء والتوجهات ، نحن على يقين من حرصكم على استقرار مصر في الماضي والحاضر والمستقبل .
أن حلم شعب مصر لمستقبل زاهر وواعد يحققه ” تجمع الدولة المصرية ” بسواعد جميع أبناءها وشبابها في ظل سلام مجتمعي ودون إقصاء أو استبعاد لأحد .
أن القوات المسلحة لن تسمح بإهانة أو استفزاز أو الاعتداء على المنتمين إلى التيار الإسلامي كجميع أبناء مصر ، لهم ذات القدر من الكرامة والاحترام والحب في قلب القوات المسلحة وكل المصريين .
وبعد أن خلعت الإرادة الشعبية الرئيس مرسي عن حكم مصر كانت تجمعات أنصاره في ميداني النهضة ورابعة العدوية والتظاهرات التي شملها القتل والإرهاب وترويع الشعب ومع هذا نادت القيادة السياسية بضرورة ضبط النفس ولكن لاحياة لمن تنادي ونقول هنا :
هل الاختلاف في الآراء أو الوطنية تؤدي إلى قتل النفس التي حرم الله تعالى قتلها ؟ وهل التحيز لشخص أو حزب أو جماعة يكون بالترويع والبلطجة ومحاولات هدم الدولة ؟!
في صباح يوم الأربعاء 14 أغسطس 2013 م الموافق 7 شوال 1434 هـ وبعد رفض أنصار مرسي المخلوع كل نداءات الوطن والعقل هبت قوات الأمن وبصورة حضارية لفض بؤر الإرهاب في النهضة ورابعة العدوية .
أيها المصريون الشرفاء :
مصر لكل المصريين ..
صونوا لمصرنا حقها وقدرها وعزتها ورفعتها ..
أيها المصريون الشرفاء :
توحدوا مع القوات المسلحة ورجالات الشرطة للحفاظ على الأرواح والمؤسسات والمرافق ودحض محاولات هدم الوطن ..
مصرنا في مفترق الطرق وتحتاج إلى وحدة الصف والكلمة وزيادة الإنتاج فإما أن نكون أو لانكون .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى