اسليدرالأدب و الأدباء

بطل من بلادي

بقلم : إبراهيم خليل إبراهيم

الإنسان المصرى لا يعرف المستحيل وعناية الله تعالى تحفظه وترعاه ما دام فى معيته والتاريخ المصرى الحديث زاخر ببطولات عظيمة منها ما سطرته صفحاته ومنها التى تحتاج للبحث والتنقيب وتقديمها للعالم كل العالم

ومن البطولات التي رصدتها تلك التى نفذها البطل السيد محمد محمد على داود الشهير بالسيد داود أحد رجالات الصاعقة المصرية خلال معارك الاستنزاف التى بدأت بعد نكسة يونيو مباشرة وأيضاً خلال معارك أكتوبر 1973م رمضان 1393هـ هذا البطل الذى دوخ إسرائيل وعاش وسط قواتها وتلاحم مع بدو سيناء وانقطعت أخباره واعتُبر فى عداد المفقودين ،

عاشت أسرته وبلدته صافور مركز ديرب نجم بمحافظة الشرقية أحزان الفقد وضمت أفراح العودة ففى 22 نوفمبر عام 1969 حصلت المخابرات الحربية على معلومات تفيد بأن قوة إسرائيلية سوف تتحرك فى قطاع الجيش الثانى

وتم تحديد المكان والزمان ثم تكليف البطل السيد داود ومجموعة من رفاقه أبطال الصاعقة بالتحرك لمواجهة هذه القوة وفى التوقيت المحدد وصل الأبطال إلى المكان المحدد بدقة وانتظروا قدوم القوة الإسرائيلية وفي الوقت المحدد جاءت القوة الإسرائيلية فى كبرياء وخيلاء فعاجلوها الأبطال بالنيران من أعلى الساتر الترابى وتمكنوا من تدميرها تماما

وبلغت خسائر العدو 3 دبابات وقتل أفراد القوة وبعد تنفيذ المهمة قام البطل السيد داود بخلع سترته التى تحمل أسمه وتركها فى مكان تدمير الدبابات وذلك ردا على الاستفزاز والغرور الإسرائيلي وخلال عبور الأبطال قناة السويس سباحة

فى طريق العودة إذا بدبابة إسرائيلية تصعد فوق الساتر الترابى وتقوم بإطلاق نيرانها على الأبطال ثم حلقت طائرة إسرائيلية وبارتفاع منخفض وقامت أيضا بالضرب على الأبطال ،نظر البطل السيد داود إلى اليمين فوجد زميله البطل السيد النجار مصابا فى جبهته ثم صعدت روحه إلى بارئها ثم نظر إلى اليسار فوجد زميله البطل عفيفى فى صمود عظيم برغم الضرب المكثف عليه

ثم أصيب وتم أستئصال كبده وطحاله ،عناية الله حفظت البطل السيد داود وتمكن من عبور قناة السويس برغم سقوط دانة بين قدميه ولكنها لم تنفجر وعندما وصل إلى الشاطئ الآخر للقناة فجأة توقفت أمامه سيارة ملاكى فاخرة

وسأله قائدها :إلى أين يا بطل ؟ فقال البطل السيد داود : إلى الصالحية ، فقال قائد السيارة : برغم إنها ليست فى طريقى ولكن سوف أقوم بتوصيلك فقد أذاعت الإذاعة منذ قليل خبر نجاح أبطال الصاعقة فى تدمير قوة إسرائيلية وبالطبع أنت من أبطال الصاعقة ، هنا قال البطل السيد داود : الحمد والشكر لله تعالى .

استقبل رجال الشرطة العسكرية البطل السيد داود وقدموا له الطعام و الشراب وأخبروه بأن الإذاعة الإسرائيلية تذيع أسمه ، قام قائد سلاح الصاعقة بتكريم البطل السيد داود

كما منحه الرئيس جمال عبد الناصر نوط الشجاعة من الطبقة الأولى وواصل البطل السيد داود كفاحه وتم تكليفه مع مجموعة من أبطال الصاعقة بزرع الألغام فى الطريق الترابى الواقع بين القنطرة والكاب والذى سوف تسلكه الدبابات الإسرائيلية ..

تم تنفيذ المهمة بنجاح .. وتحفيزا للأبطال قررت القيادة العسكرية منح الكتيبة التى تتمكن من تدمير دبابة إسرائيلية مكافأة مالية قدرها 200 من الجنيهات على أن يتم توزيعها على الأبطال الذين قاموا بالتنفيذ بالإضافة إلى المخطط

وفي يوم السبت الموافق للثلاثين من شهر مايو عام 1970 تم تكليف البطل السيد داود مع مجموعة من رفاقه أبطال الصاعقة بتدمير دورية إسرائيلية فى المنطقة الواقعة مابين القنطرة والتينة وفى التوقيت المحدد تحرك الأبطال وعبروا قناة السويس ووصلوا إلى الضفة الشرقية

وفى الكمين المحدد أتخذ كل بطل موقعه وبعد قليل حضرت الدورية الإسرائيلية وأثناء مرورها فوجئت بوابل نيران الأبطال ، هذه الدورية الإسرائيلية كانت مكونة من عربتين مدرعتين تحميهما دبابتين ولكنها دمرت بالكامل وبقيت مع البطل السيد داود دانة أربجية

وفجأة شاهد جندياً إسرائيلياً فعاجله بها فقتل ثم قام البطل بخلع سترته وتركها فى مكان تدمير الدورية الإسرائيلية ، تمكن الأبطال أيضا من أسر أحد الجنود الإسرائيليين وصعدوا به إلى أعلى الساتر الترابى ثم هبطوا به إلى قناة السويس

وأثناء سباحتهم قامت إسرائيل بالهجوم المضاد وتم تكثيف الضرب على الأبطال فتفرقوا فى المياه ثم تجمعوا مرة أخرى وحاولوا الرجوع والإحتماء بالصخور وبالفعل نجحوا فى ذلك ،

فوجئ الأبطال بوجود ذلك الجندى الإسرائيلي الذى كان معهم بين صخرة برغم إصابته فأخذوه وعلموا أنه ماهراً فى السباحة وعادوا به وخلال السباحة فى مياه القناة فوجئ البطل السيد داود بحبل يلتف حول جسمه فتخلص منه وهنا حاول الإسرائيلي الأسير إغراق البطل السيد داود لأجل الفرار من الأسر ولكن الأبطال تمكنوا منه

وعلى الجانب الآخر نجحت مجموعة أخرى من أبطال الصاعقة فى تنفيذ مهمة أخرى وعادت أيضاً إلى شاطئ القناة وكانت تقوم بحماية البطل السيد داود ورفاقه وتمكن أبطال الصاعقة المصرية من تكبيد العدو خسائر فادحة حيث دمروا له 4 دبابات و 3 عربات مدرعة وقتل وجرح 35 جندياً إسرائيلياً وأسرت أسيراً إسرائيلياً ،

أشادت القيادة العسكرية والسياسية المصرية ببطولات الأبطال وقامت بتكريمهم ونظرا لفداحة الخسائر أطلقت إسرائيل على هذا اليوم (يوم السبت الحزين)

وقالت وكالة اليونايتدبرس :إن إسرائيل تحاول أن تهون من خسارتها الفادحة فى هذه المعركة ولكن الكوماندوز المصريين قد أثبتوا نجاحاً رائعا فى هذه المعركة وأن هذا النجاح قد أثار قلقاً شديداً وانفعالاً بالغاً لدى الرأى العام الإسرائيلى ..

أيضاً نقلت وكالات الأنباء تصريحات المتحدث العسكرى الإسرائيلى الذى قال : إن القوات المصرية أظهرت تخطيطاً وتكتيكاً متناسقاً فى التنفيذ خلال هجومها على الدوريتين الإسرائيليتين نتيجة للتدريب الممتاز الذى تتلقاه ،أقيمت احتفالية فى التل الكبير للبطل السيد داود ورفاقه أبطال الصاعقة شارك فيها مجموعة من الفنانين وحضرها نخبة من القادة العسكريين

ونذكر منهم البطل عبد المنعم واصل والبطل فؤاد عزيز غالى وفى صباح يوم الاثنين الثامن من أكتوبر 1973 الموافق الثانى عشر من شهر رمضان 1393هـ شاهد البطل السيد داود بعض الشهداء فذهب إلى مكانهم وأخذ أسلحتهم وطعامهم وواصل تنقلاته بين القوات الإسرائيلية فإذا بكمين إسرائيلي آخر فعاجله البطل بالقنابل اليدوية ودمره تماما

ثم فر لمكان آخر وفى الطريق تقابل مع البطلين عادل محمد على وعبد الرؤف وقصدوا معا النقطة الشمالية وفجأة وجدوا كميناً إسرائيلياً فتعاملوا معه دونما أية اهتمامات بنداءات الكمين بالاستسلام ..وفر البطل عادل إلى مكان آخر ،أصيب البطل عبد الرؤف بدانة إسرائيلية فى مكان حساس فحمله البطل السيد داود لأحد الجبال

وكاد العطش أن يقضى عليهما وهنا كانت المعجزة الإلهية فقد خرج الماء من بين إحدى الصخور فشرب البطل السيد داود ورفيقه وتم غسل وتنظيف جرح البطل عبد الرؤف بالماء وفى المساء انقطع الماء وعاد المكان لسيرته الأولى ..

وواصل البطل السيد داود كفاحه وجهاده وفى طريقه تجاه (أبو رديس) تقابل مع الأبطال مجدى شحاتة ومحمد عبد الرحمن وعبد الحميد وصاروا معا وأثناء سيرهم وجدوا بدوياً من أهالى سيناء يقوم بتفقد الشهداء وجمع بياناتهم ثم دفنهم حفاظاً عليهم ،

أخبرهم البدوى أن المكان الذى ظهر فيه الماء معروف بالجفاف وأن ما حدث يعد معجزة إلهية كما أخبرهم أيضا بأن القوات الإسرائيلية تبحث عنهم وبعد قليل أنصرف البدوى ثم عاد بملابس بدوية للأبطال وأخذهم إلى مكان بعيد عن القوات الإسرائيلية .

يذكر أن البطل السيد محمد محمد علي داود من مواليد 10 سبتمبر عام 1946 م بصافور مركز ديرب نجم بمحافظة الشرقية وبعد حصوله على شهادة دبلوم المدارس الثانوية الفنية الصناعية من مدرسة المنصورة الثانوية الصناعية الفنية

تم تجنيده وتوزيعه على سلاح الصاعقة وخرج إلى الحياة المدنية عام 1974 م وعمل بالتربية والتعليم وترقي حتى وصل إلى درجة مدير إدارة ورزقه الله من الأبناء بعاطف وعلياء وتم تكريمه من جهات رسمية ومدنية وفي 9 ديسمبر 2012 م فاضت روحه إلى بارئها .

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى