اسليدرالأدب و الأدباء

“جنون الكتابـــة”

كتب: محمود المناعي

من امتع اللحظات عند البعض عندما يمسك قلمــاً .. ليكتب .. فهي اللحظات التي ينفرد فيها مــع ذاته ويتعمق في عالمه المحبوب .. فالكتابة كما قال عنها ادهم الشرقاوي: ” هي جنوننا عندمــا يأخذ شــكلاً لغويــاً ” .. فالكتابة هي الطّعام والمأوى والرفقة بالنسبة للكثيريــن .. وهي الفن الأكثر نبــلًا وجمــالًا .. فهي فن الحرف الذي يفرض فيه الكاتب أفكاره ونزعاته على أكثر مساحات القارئ خصوصية ليلمس عقله وقلبه .

والكتابة لا تحتاج لجزيرة نائية او عزلة بعيدة .. لكي تبدع .. فكاتبنا الكبير نجيب محفوظ يقول: ” كنت موظفاً حكومياً في الصباح وكاتباً في المساء ” فالكتابة سهلة بسيطة لمن أحبها .. لمن تغلغلت في عروقه .. لمن استوطنت في قلبه .. وهي علاج لمن اشقي الدهر قلبه .. لتصبح متنفس لجوارحه .

لكن – للأسف باتت الكتابة تشكل عبئاً علي اصحابها .. فالمعادلة صعبة نفسيًّا ، بلا شكّ .. فانت تكتب في فضاء منفتح ملئ بالمتفائلين .. المحبطين .. المشككين .. فقد يتقبل منك المتفائلون .. ويجرحك المحبطون .. ويقلل منك المشككون .. فتعيش كابوساً مزعجاً يلاحقك أينما تذهب! فتبدأ الوجوه اللوامة بمحاصرتك بنظرات صريحة من الاستغراب الذي ينتهي بتساؤل عقيم:

ما جدوى كتاباتك؟ وهل ستغير المجتمع ؟ وما ان تنتهي النظرات .. حتي تلاحقك الألسنة قائلة: دعكِ من هذا الكلام! ثم تبدأ من جديد أعين التشكيك بالغرس في مدى تطبيق ما تكتبه في حياتك الخاصة! وقد يتهمك البعض بالجهل .. وان حضورك باهت غير مرئ ..

فقلمك غير جيد بالكتابة .. ولغتك ركيكة بلا معني .. وقد تتهم في أخلاقك أن لم تصيب ما يريده البعض .. فان كتبت عن الرجال قالوا رجعي وحاقد ! .. وان كتبت عن المرأة قالوا متعدد العلاقات ، مّزواج ! .. وان كتبت في الطب قالوا جاهل؟! وان كتبت عن اخلاق الناس قالوا فاسد!

فمن الطبيعيّ أنّ نتساءل: أي شيء يدفعهم لكل هذا العناء؟! هل شغف الكتابة؟! ام حب الشهرة ؟! لنكتشف أن شغف الكتابة هو دافعهم الأول .. فقد لايُدرك البعض .. ان الكتابة كائن عنيد لا يقاوم .. فلا يستطيع الكاتب أن يحرم قلمه من نعمة التنفس علي المساحات البيضاء ! ليعلن في لحظات معدودة احتلاله لهذه المساحات .. فتتحول السطور المتعاقبة، إلى قصص وحكايات يتناسل بعضها من بعض .. لتحكي وتعبر عن الوجود .. الذات .. المشاعر .. الخواطر .. فليس كل ما يكتب يكتب من اجل الشهرة او المال .. فهناك اعمال غاية في الروعة اخذت من اصحابها سنوات ولم تحظي باي شهرة .. اي عناء هذا واي حب! .. أنه حب الكتابة ! .. لذا لا تحبسوا ابدعاتكم جراء نقد او رأي .. فالكتابة رسالة سامية لا يجب التوقف أو الإبتعاد عنها .. لكن _ يجب أن تعطي للقارئ رأياً سديداً يضفي جواً من المتعة والثقة .. دام عطائكم .. ودام ابداعكـم.

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى