اهم المقالات

جمعيات واعلام السبوبة اين انتم من التشرد الحقيقى؟

يوميا الكاتب الصحفى _ اشرف المهندس

 ظاهرة التشرد التى يعيشها المجتمع عندما يكون المتشردون غير قادرين على الحصول والحفاظ على المسكن الدائم، الآمن، والعيش الكريم، أو يفتقدون “محل الإقامة الثابت، الملائم للسكن ليلًا، حيث ينام أغلبهم على قارعة الطريق بأجسادهم النحيلة وأقدامهم العارية، و أصوات أمعائهم الخاوية التي تعزف لحن الجوع بنغمة حزينة).

وهنا ياتى السؤل عن معاناة المتشردين؟ ولماذا يرحب بهم الليل والأرصفة ولا يحضنهم الوطن ؟ وماهي أسباب الكره المتبادل بين طبقتيّ (المتشردون – الأغنياء)؟

إن المتشردون قذفتهم الأيام في مستنقع مملوءة باليأس والفقر والمرض، وترسبت الغيوم في محيطها، و اشتعلت نيرانها الحارقة على الأجسادهم الواهنة.
أناس خلقوا للشقاء فقط، ينحتون في جبال الصبر حيث نجد المتشرد كل همه كيس صغير فيه حلمه، كل شهقة تؤذي دواخلهم إلى التيه، لم يجدوا التوجيه والعناية ويعيشون داخل الأرصفة والدكاكين والمنازل المغلقة.

هل تعلم كيف لا يشعرون بالبرودة ؟ يستعملون كحول الحريق الممزوجة بمشروب غازي، وشم لصاق (السيليسيون) و(الدوليو) للوصول إلى مرحلة تخدير متقدمة، تجعلهم لا يشعرون بأطرافهم المتخشبة جراء البرد والنوم في العراء.

هل تعلم كيف يمكن لك أن تفرق بين المتشرد والغني؟ أعلم أنه سؤل سهل! فبكل بساطة يتفق المتشردون جميعًا في الملامح، وعلامات الزمن تبدو على الوجه خطوطًا وتجاعيد، يوجد بينهم عجائز تخلى عنهم أبنائهم، ومنهم المختلون عقليًا الذين يحتاجون إلى علاج، هم فقراء لا يعلمون الدفء، رغم ذلك يقاومون قسوة الصقيع! ترتجف الأجساد من البرد، حتى بطونهم الخاوية تجعلهم يأكلون من القمامة، والخروج للتسول.

هل تعلم كيف ينامون في الليل ؟ أغلبهم ملفوف في أوراق من الكرتون، كما هناك من يحمل فراشه أو نوعًا من الأثاث فوق ظهره كالحلزون، وينتقل من مكانٍ لآخر بعد أن يُطرد من هنا وهناك.

ولا يخفى عليكم أن التشرد له نتائج هو التحوُّل للجريمة، فمن أخطر النتائج هو استقطاب المنظماتِ الإجراميةِ عدداً كبيراً من هؤلاء المتشردين وجلبهم للعمل معهم، واختلاط الأطفال بمدمني المخدرات والسارقين والقتلة، والتخلي عن القيم الأخلاقية الجميلة التي كانت تبعث روح الجماعة والتكافل داخل الأسرة.
أصبحنا نقتل التضامن في مقابل ننشر روح الفردية وإنتاج أطفال الشوارع!

إنها ظاهرة مؤسفة تشهدها الشوارع، ولا أحد يقوى على مقاومتها أو صدّها لكوننا لا نعالج مشاكل الأسرة، حيث يقول “الدكتور أحمد طرمش” أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق الأسرة لأنها نواة المجتمع ثم المدرسة لدورها التكميلي إلى جانب الأسرة، كما ينبغي معالجة الهدر المدرسي بحلول حقيقية ومنطقية وليس بحلول ترقيعية، وينبغي دعم الجمعيات والمؤسسات والمعاهد التي تعنى بالأسرة والطفولة.
كما يجب على القطاع الخاص أن يتحمل مسؤوليته الكاملة لما له من دور مهم في تنمية المجتمع، وترسيخ مفهوم التضامن الذي نجده متجذرًا في نفوس المغاربة.

وأما فيما يخص كره الطبقتين (المتشردون/الأغنياء) لبعضهما البعض، فهناك أسباب متعددة:
الأغنياء ينصحون أبناءهم بعدم الاقتراب من المتشردين، نعم! هكذا كانوا يلقبونهم (شرذمة من الفقراء – السكارى) حسب قناعاتهم، وأنهم سيفسدون أخلاق أولادهم الحميدة، أما نحن المتشردون فكنا نكره الطبقة الغنية لسببين: الأول لأننا نعتبرهم سارقيين ببدلات سوداء، وربطات العنق، أصبحوا أغنياء من اختلاس ثروات شعب ينزف. والسبب الثاني لأن فتيات الطبقة الأخرى الجميلات يتحاشون مرافقتنا نحن المتشردون معتبرين ذلك إهانة فظيعة لهنّ ولعائهلاتهنّ.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى