زمن الفن الجميل

الشاويش عطية.. من حياة الترف إلي نهاية مأساوية

علاء الدرديري

نعيش لحظات مع الحديث عن فنان مشهور قضي أيامه في رسم الإبتسامة علي وجوه الملايين، انه الممثل المصري رياض القصبجي، الملقب بـ “الشاويش عطية” المولود في 13 سبتمبر عام 1903 وتوفي في 23 إبريل عام 1963، وعمل في بداية حياته العملية كمساري بالسكة الحديد، ونظراً لحبه واهتمامه المبكر بالتمثيل إنضم إلى فرقة التمثيل الخاصة بالسكة الحديد، وأصبح عضوا بارزاً بها، ثم إنضم لفرق مسرحياة عديدة، منها فرقة الهواة، وفرقة  أحمد الشامي، وفرقة علي الكسار، وفرقة جورج ودولت، وأخيراً فرقة إسماعيل يس المسرحية.

وعلى الرغم من أعماله المسرحية، فإنها لم تحقق له الشهرة، كما أنها لم تكن كافية للعيش الكريم، خاصة بعد أن ترك وظيفته الميري كموظف في السكة الحديد ولم يعد له راتب ثابت، فاتجه للسينما التي كانت بوابة السعد عليه، واستطاع القصبجي أن يعبر سريعاً من أدوار الشر، إلى الكوميديا، حتى برع فيها.

من أشهر افيهاته “هو بعينه بغباوته وشكله العكر” ،”صباحية مباركة يا ابن العبيطة” ،”بورورم.. شغلتك على المدفع بورورم؟” ،”بتضحك قدامى يارفدى يابن الرفدى”،”أنت ياجدع مش مجنون”.

لكن ككثير من الفنانين كانت نهايته مأساوية، لإصابته بشلل نصفي في الجانب الأيسر نتيجة ارتفاع ضغط الدم، ولم يستطع أن يغادر الفراش ولم يستطع أيضا سداد مصروفات العلاج.

وفي أبريل عام 1962 كان المخرج حسن الامام يقوم بتصوير فيلم ‘الخطايا’ الذي ينتجه عبد الحليم حافظ، وأرسل حسن الامام إلي الممثل رياض القصبجي للقيام بدور في الفيلم،  بعد ما سمع بأن رياض القصبجي قد تماثل للشفاء بعد الشلل الذي أصابه وأنه بدأ يمشي ويتحرك، فأراد أن يرفع من روحه المعنوية وكان الدور مناسبا جدا له، جاء الشاويش عطية إلي الاستوديو ودخل البلاتوه مستنداً علي ذراع شقيقته وتحامل علي نفسه ليظهر أمام العاملين في البلاتوه أن باستطاعته أن يعمل، لكن حسن الامام أدرك أن الشاويش عطية ما زال يعاني وأنه سيجهد نفسه كثيراً إذا ما واجه الكاميرا، فأخذ يطيب خاطره ويضاحكه وطلب منه بلباقة أن يستريح وألا يتعجل العمل قبل أن يشفي تماماً وأنه أرسل إليه لكي يطمئن عليه، لكن الشاويش عطية أصر علي العمل وتحت ضغط وإلحاح منه وافق حسن الامام علي قيامه بالدور حتي لايكسر بخاطره، ووقف الشاويش عطية يهييء نفسه فرحا بمواجهة الكاميرا التي طال ابتعاده عنها واشتياقه إليها ومضت لحظة سكون قبل أن ينطلق صوت الكلاكيت وفتحت الكاميرا عيونها علي الشاويش عطية الذي بدأ يتحرك مندمجا في أداء دوره، وفي لحظة سقط في مكانه وانهمرت الدموع من عينيه الطفولتين وهم يساعدونه علي النهوض ويحملونه بعيدا عن البلاتوه، وعاد إلي بيته حزينا وكانت تلك آخر مرة يدخل فيها البلاتوه وآخر مرة يواجه فيها الكاميرات.

وفي الثالث والعشرين من إبريل 1963 لفظ القصبجي، أنفاسه الأخيرة عن عمر 60 عاما بعد أن قضي سهرة الوداع مع عائلته وتناول خلالها الطعمية واستمع إلي صوت أم كلثوم الذي يعشقه عبر الاذاعة، إلا أن المأساة ظلت حتى بعد وفاته، وظل جسده مسجي في فراشه ينتظر تكاليف جنازته ودفنه حتي تبرع بكل هذه التكاليف المنتج جمال الليثي، وهكذا كانت نهاية نجم الكوميديا الذي أضحكنا كثيرا مع إسماعيل ياسين درامية وحزينة.

زر الذهاب إلى الأعلى