مقالات واراء

أغربوا عن المشهد قليلاً كى يستعيد الوطن عافيته

بقلم / سعيد الشربينى
حث الإسلام على التضحية للحق في صور عديدة بالنفس والمال والوقت، لما في ذلك من نصرة للدين وتكافل بين المسلمين وتراحم، وصيانة للأموال والأعراض، فحماية الدين والوطن تحتاج إلى التضحية والفداء بالمال والنفس، والتضحية وسيلة الجهاد وطريق العزة والنصر، فالأمة التي لا تضحي لا يمكنها ان تجاهد، والأمة التي لا تجاهد أعداء الله تعيش ضعيفة ذليلة.

وهنا نتوقف لنتسائل : من هم أعداء الله ؟ ومن أجل من نضحى ؟

لايقتصر التعريف على أن أعداء الله هم فقط الذين لايؤمنون بالله والملائكة واليوم الآخر ولا يؤمنون بالأوطان، فهؤلاء فوق رؤسهم راية نعرفهم من بين البشر ولا نحتاج فى ذلك الى بذل الجهد أو البحث أو التوضيح فهم مثل قرص الشمس لانستطيع اخفاء شعاعها بل هم انفسهم يجهرون بذلك فنعد لهم ما استطعنا من قوة ومن رباط الخيل .

وهناك صنف آخر من اعداء الله لانعرفهم ولن تتطرق اليهم التعريفات بشكل مباشر وهؤلاء هم اكثر خطرا واشد فتكا ممن حاصرتهم التعريفات بشكلها المباشر وهم الذين يسعون فى الارض فساد.

فالحاكم الذى لايقيم العدل ويعمل من أجل رفعة الوطن وبنائه فهو عدوا لله والقائد، سواء على مستوى الوزارة أو المحافظة أو الادارة أو المؤسسة أو مجمع تعليمى أو عامل فى مصنع أو اى فرد يكون فى موقع المسئولية لايؤدى واجبه كما ينبغى ويسعى فى خرابه والتستر على المتكاسلين والمتراخين والمفسدين فهو ايضآ عدوا لله

وهذا النوع أكثر شراسة من غيره لأنه بذلك يدمر المجتمع بآثره، والتستر عليه يخرج صاحبه من اسس الدين واصوله واركانه الخمس، ومن أجل ذلك والقضاء عليه يجب على كل من فرضت عليه أو رقى اليها أو اسند اليه بالتكليف أن يضحى بالوقت والمال والنفس من أجل اصلاح المفاسد وتقدم الوطن ونصرته .

فكم من مجتمعات ودول قد سقطت بسبب التهاون والتستر والتخاذل فى استئصال هذه الافات من المجتمع وتركتها ترعى وتنتشر فى جسده حتى اصبح عليلا لايستطيع مقاومة المرض وبارحته العلة .

فأولى اسس النجاح هى لبنة الادارة الجيدة القوية التى لاتعترف الا بالوطن وصالحه حتى ولو كان ذلك على حساب النفيس والغالى، فاللوائح والقوانين داخل مؤسسات الدولة والمعمول بها يجب أن تفعل وبشكل واضح وملموس على الارض فأى تهاون أو تراخى فى تطبيقها تحت مسمى روح القانون سوف يؤدى الى انهيار تتابعى لتلك الوزارة أو الادارة أو المؤسسة .

ومن هنا يجب علينا اعادة النظر فى بعض القوانين المنظمة لاختيار القيادات التى تستعين بها الدولة فى ادارة مؤسساتها، فالقيادة أو الادارة لن تتأتى عن طريق التدرج الوظيفى فقط لأن الكثير من هذه التجارب قد ثبت فشلها، ولكن يجب أن يراعى بأن القيادة والادارة هى غريزة فطرية لاتمنح للكثير من البشر أو بمعنى آخر هى من يطلقون عليها ( الكيريزما ) أو الملكة فأذا ما توافرت لشخص ما وقدر له القيادة أو الادارة فسوف يتحقق النجاح المرجو لأنه بدوره سوف يقضى على كل السلبيات ويستبعد كل المتخاذلين والمتكاسلين عن اداء واجبهم .

هؤلاء اللذين يتقاضون الاموال من مرتبات وحوافز وبدلات وخلافه دون وجه حق بل لايكتفون بذلك ولكن يعملون لأتساع رقعة الفساد من حولهم ويصبح المجتمع بآثره عليلآ غير قادرآ على العطاء، هؤلاء الذين ينازعون ويحاربون من أجل تقلد المناصب والادارات وهم غير اهلا لها، نقول لهم كفاكم واتركوا الوطن كى ينهض فأنتم ما الا اعداءآ لله لاينال الوطن منكم غير اللمم والشقاء .

فنحن نحتاج الان الى ثورة من الضمير اليقظ الذى يدعوا دوماً الى الاصلاح وتغير الصورة التقليدية الوظيفية البروقراطية التى ظلت تمسك بثوب الوطن لسنوات طوال حتى تخلفنا عن ركب الدول المتقدمة علمآ بأننا اصحاب الحضارة والتاريخ .

فهل يصل اليكم صوتنا يومآ لتغربوا عن المشهد قليلآ كى يستعيد الوطن عافيته وعبثوا فيما بينكم بعيدآ عنه .

( حمى الله مصر شعبها وجيشها وقيادتها من كل مكروه وسوء )
تحرير فى : 22 / 11 /2017

زر الذهاب إلى الأعلى