الثقافةصفحات من تاريخ مصر

** محمية وادى العلاقي **

بقلم المهندس/ طارق بدراوى

محمية وادى العلاقي هي محمية طبيعية في اقصي جنوب مصر تم الإعلان عنها في عام 1989م حيث صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 45 بذلك وتبلغ مساحتها 23 ألف كم مربع تقريبا وتقع المحمية على بعد 180 كم جنوب شرق مدينة أسوان في الجهة الشرقية من بحيرة ناصر بين خطى طول 33 و 35 شرقا وخطى عرض 22 و 23 شمالاً وتعيش بعض قبائل العبابدة والبشارية بها حيث قامت إدارة الحكم المحلي بإنشاء قرية العلاقي في عام 1991م بقرار من محافظ أسوان في محاولة لتوطين البدو الرحل الذين يستغلون الغطاء الخضري في ممارسة الرعي وهي بذلك تعد أحدث وأصغر قرية في محافظة اسوان وعلي الرغم من أن الوادي قريب من بحيرة السد العالي وأرض المنطقة صالحة للزراعة ومياه الرى متوافرة فإنه تتم زراعة مساحة محدودة منه ولذا فإنه يتم تدريب وتعليم أفراد قبيلتي العبابدة والبشارية علي القيام بنشاط الزراعة وتشجيعهم عليه من أجل توفير إحتياجاتهم من المحاصيل الغذائية وعموما فإن سكان وادي العلاقي من البدو يعتمدون في حياتهم علي الموارد الطبيعية الموجــودة في الوادي وبخبرات السنين يتفننون في تطويع هذه الموارد بما يتناسب مع إحتياجاتهم مثل الأشجار الجافة التي يقومون بحرقها ودفنها تحت الرمـال لفترة وذلك لعمل الفحم النباتي والذي له شهرة كبيرة في المناطق المجاورة لمـا يتميز به من سرعة وقوة الإشتعال ولكن يبقي الرعي هو النشـاط الذي يعتمد عليه المجتمع البدوي بشكل أسـاسي في حياتهم فهم يستغلون النباتات الخضراء الحولية منها والدائمة في رعي الأغنام والماعز والإبل وعليه فإن النظام الإقتصادي في المجتمع البدوي يقوم على أنشطة رعي الأغنام والماعز والإبل وتجــارة الفحم وتجميع النباتات الطبية والتجارة …..

%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d9%8a-2
صورة بانورامية داخل محمية وادى العلاقي

%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d9%8a-3
نموذج من النباتات بمحمية وادى العلاقيي

ومحمية وادى العلاقي عبارة عن محمية طبيعية تقع علي ساحل بحيرة ناصر وهي مأوى ومحطة عبور للطيور المهاجرة في فصل الشتاء مما ادى إلي ظهور قري جديدة في تلك المنطقة وقد أطلق علي وادي العلاقي إسم وادي الذهب وذلك لوجود 7 مناجم للذهب به إكتشفها المصريون القدماء وكان هذا الوادى هو مصدر الذهب في عهد الفراعنة وظلت هذه المناجم مفتوحة تنتج الذهب الخام حتي عام 1932م والوادي عبارة عن نهر جاف كبير كان ينبع من تلال البحر الأحمر وبعد بناء السد العالي وإمتلاء بحيرة ناصر بالمياه في عام 1967م دخلت إليه المياه وأصبح جزء من البحيرة ثم انحسرت المياه عن جزء كبير من الوادي نتيجة إنخفاض منسوب المياه بالبحيرة في السنوات الأخيرة وتوجد بمحمية وادى العلاقي أنواع عديدة من الصخور البركانية والنارية والمتحولة والرسوبية بالمحمية منها الجابرو والأنديزيت والسربنتين والرخام والحجر الرملي النوبي وكلها بها تراكيب نادرة ويتم إستغلالها في تصنيع أحجار الزينة ومواد البناء وإستخلاص المعادن الإقتصادية الهامة وتصنيع بعض أنواع الرخام بعد تقطيع بلوكاته الصخرية إلي طاولات في الورش المخصصة لذلك ثم جليه وصقله ومن أشهر أنواعه الرخام المعروف بإسم العلاقي نسبة إلي وادى العلاقي الذى تم الحصول عليه منه والذى يشبه الي حد كبير بعض أنواع رخام الكرارة الايطالي هذا والوادي وفروعه حاليا مغطاة بالرسوبيات الحديثة من طمي ورمال مما يجعل تربته خصبة جدا وصالحة لنمو أنواع عديدة من النباتات البرية وللزراعة …..

%d8%a7%d9%84%d8%ab%d8%b9%d9%84%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ad%d9%85%d8%b1
الثعلب الأحمر بمحمية وادى العلاقي

crocodylus_niloticus6
التمساح النيلي بمحمية وادى العلاقي

ويوجد بالوادي حوالي 15 نوعا من الثدييات منها الثعلب الأحمر والغزال المصري بالإضافة إلي عدد 16 نوعا من الطيور المقيمة وعدد 284 من الطيور المهاجرة التي تمر بالمحمية خلال رحلة هجرتها ذهابا إلى الجنوب ثم عودة إلي الشمال علاوة علي أنواع عديدة من الزواحف أهمها التماسيح النيلية التي تعيش ببحيرة ناصر والتي يبلغ متوسط طولها ما بين 4 متر إلى 5 أمتار ويزن الواحد منها حوالي 400 كجم إلي 500 كجم ويغطى جسم التمساح جلد حرشفي سميك مدرع بكثافة وهو حيوان ضارى من مفترسي القمة ومتحين للفرص وهو نوع عدواني جدا من التماسيح يمتلك القدرة على قنص أي حيوان يتواجد في مجاله ويتغذى على مجموعة متنوعة من الفرائس ويتكون نظامه الغذائي في الأغلب من أنواع مختلفة من الأسماك والزواحف والطيور والثدييات وهو أيضا صبور جدا ولا يتعجب أبدا ويعد من مفترسي التربص ويمكنه أن ينتظر بالساعات والأيام وحتى الأسابيع ليتحين اللحظة المناسبة للهجوم على الفريسة وجرها إلى الماء كما أنه حيوان مفترس ذكي قادر على التفكير بسرعة وبذكاء وينتظر الفرصة لتقترب الفريسة حتى تدخل في مداه الهجومي حتى الفرائس سريعة الحركة لا تكون آمنه من هذا الهجوم وهو لديه أفكاك لها عضة قوية للغاية فريدة من نوعها بين جميع الحيوانات وأسنان مخروطية حادة تغوص في اللحم مما يجعل قبضته على الفريسة من المستحيل تقريبا أن ترتخي ويستطيع أن يطبق على الفريسة بتلك المستويات العالية من القوة لفترات طويلة من الزمن وهي ميزة كبيرة تمكنه من الإستمرار في الإمساك بفريسة كبيرة تحت الماء حتى تغرق وهناك أيضا بالمحمية بعض الزواحف النادرة الخطيرة مثل الأفعي القرعاء وتسمي أيضا أفعي الرمال ويقتصر عيش هذه الأفعي على الأماكن الرملية وتعتمد فى غذائها على السحالى والقوارض وفى بعض الأحيان الطيور الصغيرة وتتميز هذه الأفعى بالرأس العريضة التقليدية والحركة الجانبية الملتوية التى تعد علامة مميزة لعائلة الأفاعى ساكنة الرمال كما يوجد بالمحمية أنواع من العقارب تعيش عادة مختبئة في الجحور والشقوق تحت الحجارة والصخور إلتماسا للرطوبة وتجنبا لحرارة الشمس كما توجد بالمحمية أنواع كثيرة من الحشرات وتتميز المنطقة أيضا بعدد كبير من اللافقاريات التي يعيش معظمها تحت الشجيرات مثل النمل والخنافس والتي تتغذى على النباتات والفطريات واللافقاريات وقضم الأشجار الحية والميتة من الداخل وهذه اللافقاريات لها دور هام في التوازن البيئي والبيولوجي وخصوبة التربة وقد تم تسجيل 92 نوعا من النباتات دائمة الخضرة والرعوية والحولية والطبية والعطرية وبعضها له أهمية إقتصادية كبرى حيث يدخل الكثير منها في صناعات عديدة وخاصة صناعة الأدوية والعطور والمبيدات الحشرية مثل الكلخ والحنظل والسينامكي والسواك والحلف بر والحرجل والدمسيسة وبلح اللالوب كما يوجد نشاط سكاني من العصر الفرعوني حيث أن المنطقة كانت مصدر هام لإستخراج الذهب وخامات النحاس والنيكل والكروم واليورانيوم والتلك وبوجه عام يمكن تقسيم المحمية إلى ثلاث أقسام هي منطقة القلب للبحوث العلمية الأساسية وتبلغ مساحتها حوالي 350 كم مربع ولايسمح فيها بالرعى أو التعدين وهناك منطقة أخرى تجري بها المشروعات البحثية التى تهدف الى التوصل لطرق إستخدامات الأرض بمتطلبات بيئية تجعل منها تنمية متواصلة ويتم فيها عمل مشروعات بحثية لإستزراع نباتات طبية اما المنطقة الثالثة والأخيرة فهي تعد منطقة إنتقال ويسمح فيها بأنشطة لزراعات التقليدية والرعي والتعدين ……

%d8%a7%d9%81%d8%b9%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%85%d8%a7%d9%84
الأفعي القرعاء من الزواحف بمحمية وادى العلاقي

%d9%82%d8%a8%d8%a7%d8%a6%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d8%af%d8%a9
قبائل العبابدة يحتفلون بأحد المناسبات داخل محمية وادى ىالعلاقي

وبعد إعلان وادى العلاقي كمحمية طبيعية عام 1989م تبنت وحدة الدراسات البيئية بجامعة جنوب الوادي مشروعات بحثية متنوعة بتمويل من برنامج الأمم المتحدة للبيئة بالإشتراك مع السوق الأوروبية المشتركة وهيئات أخري وبلغ حجم التمويل 3 ملايين جنيه وتمت إقامة مركز علمي للصحراء ودراسات المياه الجوفية بوادى العلاقي ووضعت خطة لتنفيذ مشروعات التنمية المتواصلة بالوادي وفي حقيقة الأمر كان الهدف من إنشاء المحمية هو حماية التنوع البيولوجي المهدد بالإنقراض مع تنفيذ مشروعات التنمية المستديمة بمشاركة المجتمعات المحلية المحمية وتتعاون كلية العلوم بأسوان من أجل دعم عمليات تطوير إستخدام النباتات الطبية الموجودة بالمحمية بما يعود بالفائدة علي السكان المحليين وهم أبناء قبائل البشارية والعبابدة الرحل وهناك أبحاث خاصة بالحيوانات المهددة بالإنقراض مثل الكبش الأروي والنعام وأيض فإن بيئة محمية وادى العلاقي تعد منطقة خصبة للبحوث العلمية وخاصة المتعلقة بدراسات الجيولوجيا والحيوان والنبات وكذلك فإن هناك مطالب بالإعلان عن منطقة وادي العلاقي كمنطقة صالحة لسياحة السفاري من الدرجة الأولي إستغلال إمكانياته في جذب السياحة العالمية وخاصة من قارة أوروبا حيث يهوى الكثيرون هذا النوع من أنواع السياحة مما يعود بالنفع والفائدة علي أهل المنطقة ويوفر لهم العديد من فرص العمل المتنوعة من خلال النشاط السياحي المتوقع نموه وإزدهاره بالمنطقة …..

زر الذهاب إلى الأعلى