الثقافةصفحات من تاريخ مصر

** حي بولاق **

بقلم المهندس/ طارق بدراوى

 

حي بولاق أوبولاق أبو العلا تمييزا له عن حي بولاق الدكرور التابع لمحافظة الجيزة هو حي قديم من أحياء مدينة القاهرة عاصمة مصر ويقع علي ضفة النيل الشرقية مقابل جزيرة الزمالك وقد بدأ حي بولاق يأخذ شهرته مع قدوم الحملة الفرنسية علي مصر بقيادة نابليون بونابرت عام 1798م حتي عام 1801م ومحاولة إستخدام موقعها للوصول إلى مناطق الوجه البحري ولذلك قال بعض الناس إن أصل تسمية الحي بإسم بولاق يعود إلي الفرنسيين أثناء وجودهم في مصر أثناء تلك الحملة حيث أن كلمة بولاق تتكون من مقطعين هما بو Beau أي الجميلة بالفرنسية ولاك Lake أي بحيرة بالفرنسية أيضا أي إن معنى الكلمة هوالبحيرة الجميلة ثم تحرفت من بولاك إلى بولاق ولكن لا يوجد ما يؤكد هذا حيث أن بولاق كانت موجودة قبل الحملة الفرنسية وهناك قول آخر بأن كلمة بولاق تعني الميناء وذلك بعد أن أصبحت المنطقة ميناءا تجاريا هاما علي ضفاف نهر النيل شمالي مدينة القاهرة خاصة بعد القرن الخامس عشر الميلادى ترسو فيه السفن القادمة إلي القاهرة وكذلك المبحرة منها وقد أدى تحول طرق التجارة المصرية بداية من عصر السلطان المملوكي الأشرف برسباي مابين عام 1421م وحتي عام 1438م وإعتمادها على تجارة البحر المتوسط بعد أن كانت تعتمد على تجارة البحر الأحمر عبر الطريق التقليدي عيذاب – قوص – الفسطاط وعيذاب هو الميناء المصرى الذى كان قائما علي شاطيء البحر الأحمر ومنه تتجه السفن والمراكب إلي قوص بمحافظة قنا الآن عبر القناة التي كانت تصل النيل بالبحر الأحمر ومن قوص عبر النيل إلي ميناء الفسطاط المعروف حتي اليوم بإسم ميناء أثر النبي وذلك بعد تخريب عيذاب في أواسط القرن التاسع الهجري ففقدت بذلك الفسطاط أهميتها الإقتصادية وبدأت التجارة تتجه إلى بولاق الذي أصبح ميناءا بديلا لميناء أثر النبي وبدأ ميناء بولاق يلعب دورا هاما في الحياة الاقتصادية للقاهرة تدريجيا حتي بلغ ذروة أهميته بداية من القرن الخامس عشرالميلادى فأطلق عليها إسم بلاق بكسر الباء وهي كلمة مصرية قديمة تعني المرساة أو الميناء ثم تم تحريفها بعد ذلك إلي بولاق …..
وعن أصل تكوين منطقة بولاق فالبعض يرجعه إلى غرق سفينة كبيرة في نهر النيل في موقع بولاق الحالية ثم مع تراكم طمي النيل بكثرة في هذه المنطقة بدأت الأرض تعلو وتتكون أرض جديدة هي حي بولاق الآن وكانت الجزيرة المقابلة لبولاق الحالية وهي جزيرة الزمالك الآن يطلق عليها إسم جزيرة بولاق وتتحدث كتب التاريخ عن الطرح السابع للنيل الذي حدث عام 1771م وتركز عند بولاق وكيف كسبت القاهرة زيادة كبيرة في مساحتها بفعل هذا الطرح وأن الأهالي كانوا يلقون الأتربة وبقايا البيوت بجوار ساحل بولاق الحالي فتراكم طمي النيل عليها وبذلك تكونت الأراضي التي قامت عليها في عصر محمد علي دار المطبعة الأميرية والورش الحكومية ومصلحة الوابورات أي الترسانة وأصبح الساحل الجديد عند بولاق ملتقى لتجار القمح والزيت والسكر وكانت المنطقة تزخر بالمدارس والمساجد والدور وترسو علي الشاطئ المراكب الشراعية المحملة بالبضائع القادمة من شمال مصر وهكذا تحول الواقع بين القاهرة والنيل وبولاق من أرض تغمرها مياه الفيضان إلى هذا الحي الشعبي الكبير الواقع على ضفاف نهر النيل
وكما قلنا في صدر المقال فقد بدأ الإهتمام بضاحية بولاق منذ الحملة الفرنسية على مصر وكانت البداية شق طريق مستقيم يبدأ من منطقة الأزبكية إلى بولاق وقام بتمهيده المهندس لوبيريه كبير مهندسي الطرق والكباري في الحملة وغرس على جانبي الطريق الأشجار تسهيلا لمرور فرق الجيش الفرنسي وكان هذا الطريق يصل ما بين الأزبكية وبولاق بعد مروره فوق قنطرة المغربي التي كانت مقامة فوق خليج الطويلة أو الخليج الناصري القديم مخترقا التلال الموازية للخليج ولكن العصر الذهبي لحي بولاق بدأ مع عصر محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة عندما أمر بإستكمال شق الطريق بين القاهرة.وضاحية بولاق وكان لهذا الطريق فعل السحر في تعمير بولاق كما أن محمد علي أنشأ هناك دارا لصناعة السفن مع بدء الإعداد لإرسال الحملة الوهابية علي الحجاز وكذلك لضرورة إنشاء أسطول قوي لمصر في البحر الأحمرثم أخذ في تحويل المنطقة إلى منطقة صناعية ضخمة فانشأ فيها المسابك والمصانع والتي مازالت قائمة حتي اليوم في المنطقة الصناعية في السبتية وفيما بين بولاق وشبرا على ساحل النيل أقيمت الورش الكبرى ودار الصناعة الكبرى والمباني الحكومية وحظيرة واسعة أطلق عليها إسم المبيضة حيث كان يتم تبيض الأقمشة بالأساليب المستحدثة بها كما أنشأ مصنع للخوخ على شاطئ النيل إمتاز بجودة إنتاجه وأزيلت أيضا أنقاض بولاق مما بقي منذ أيام الحملة الفرنسية وكان من أهم المنشآت التي اقامها محمد علي في بولاق المطبعة الأميرية وكانت أول مطبعة رسمية حكومية وأول دار للطباعة في الشرق كله وبجوارها أنشئ مصنع لصناعة الورق ليمد المطبعة بما تحتاجه بل أنشئ مسبك لسبك الحروف العربية اللازمة للمطبعة وكان الهدف من إقامة تلك المطبعة هو وضع أسس لصناعة الطباعة تعمل على إحداث نقلة ليست نوعية فحسب بل أيضا نقلة كمية ومعرفية للعلم في المنطقة العربية بأسرها وقد أنشأها محمد علي باشا في عام 1820م كما هو ثابت باللوحة التذكارية لتأسيس المطبعة والتي هي عبارة عن قطعة من الرخام طولها 110 سنتيمترات وعرضها 55 سنتيمترا وقد نقشت عليها أبيات شعرية باللغة التركية وترجمتها إن والي مصر الحالي محمد علي فخر الدين والدولة وصاحب المنح العظيمة قد زادت مآثره الجليلة التي لا تعد بإنشاء دار الطباعة العامرة وظهرت للجميع بشكلها البهيج البديع وإن دار الطباعة هي مصدر الفن الصحيح وبذلك تحولت المنطقة إلى حي صناعي راق فعلاوة علي المصانع والمخازن أقيمت بها مساكن للمهندسين ومدرسة صناعية كبيرة حتى أصبحت بولاق بحق ثغر القاهرة من جهة الشمال وتحولت منطقة بولاق ومنطقة السبتية التي تعد إمتدادها الطبيعي إلى منطقة صناعية علي أعلي مستوى …..
وزاد الإهتمام أكثر وأكثر بحي بولاق عندما خطط الخديوي إسماعيل القاهرة الخديوية ووصل التخطيط الجديد من ميدان الإسماعيلية جنوبا إلى نهاية شارعي شريف باشا وسليمان باشا حاليا وكان لابد من تجـديد شارع بولاق سابقا 26 يوليو حاليا الآن مع مشروع تخطيط ميدان الأزبكية لأن هذا الطريق هو بداية تعمير ضاحية بولاق الذي أدى إلى ربط القاهرة الجديدة بشاطئ بولاق ولم تعد بولاق مجرد ضاحية للمدينة الأم بل جزءا أساسيا منها ثم جاءت الطفرة التعميرية الكبرى عندما تم إنشاء كوبري بولاق الذى تم تسميته كوبرى أبو العلا والذي إفتتح في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني حفيد الخديوى إسماعيل عام 1912م وكان الذى صممه المهندس المعمارى الفرنسي الشهير جوستاف إيفل مصمم برج إيفل وكان هذا الكوبري معجزة هندسية حقيقية في ذلك الوقت ليربط بين القاهرة وجزيرة الزمالك ثم تم علي إمتداده إنشاء كوبرى الزمالك القديم ليعبرمن جزيرة الزمالك إلى إمبابة على اليمين وإلي العجوزة والدقي على اليسار وكانت تمتد فوق كوبري أبو العلا وعلي إمتداده وعلي كوبري الزمالك خطوط الترام لتصل إلى ميدان الكيت كات في إمبابة يمينا وإلى شارع النيل عند العجوزة يسارا وإلى حدائق الأورمان والحيوان وصولا إلى ميدان الجيزة ثم إلى منطقة الأهرام ومما لا شك فيه أن وجود وسيلة مواصلات مثل الترام أدى إلى إنتعاش حركة تعمير منطقة غرب النيل في العجوزة والدقي والجيزة كما إمتد التعمير إلى منطقة إمبابة ذاتها وفي المنطقة بين بولاق وساحل النيل نجد سوق العصر ثم شمالا نجد جامع سنان باشا وهو أول مسجد كبير يقام على الطراز العثماني فقد كان سنان باشا من أوائل ولاة العصر العثماني في مصر ثم نجد سوق الحطب شرقي المطبعة الأميرية وشارع المطبعة الأهلية وعلى يسار شارع بولاق سابقا 26 يوليو حاليا وخلف جامع السلطان أبو العلا نجد إصطـبلات الخاصة الملكية ثم نجد حي الحطابة حيث المقر الجديد والحالي لوزارة الخارجية وجنوبها نجد شارع إصطبلات الطرق ومقر مصلحة نظافة العاصمة قبل إنشاء بلدية القاهرة وجنوبها جمعية الرفق بالحيوان وكلها غير بعيدة عن شارع ظهر الجمال ويجب علينا ملاحظة العلاقة القوية بين سوق الحطب والحطابة والإصطبلات والرفق بالحيوان وظهر الجمال …..
ومن اهم معالم حي بولاق سراى العدوية وهى عمارة سكنية مكونة من عدد 4 أدوار مبنية على مساحه 600 متر مربع وتاريخ بنائها عام 1910م وشارع السبتية وهو أشهر الشوارع التجارية والصناعية في مجال الحديد والصلب وسينما على بابا أو الكورسال حاليا وسينما فؤاد وهى من أهم سينمات الخمسينيات من القرن العشرين الماضي وسوق وكالة البلح وإسطبل الملك وحمام التلات الشعبي الذى يعود تاريخه إلي العصر العثماني ومدرسة عباس الإعدادية والمهنية بشارع السبتية ومنزل الكابتن عبد الفتاح أحمد وهو أشهر مدرب سباحة في مصر والوطن العربي والذى ولد في عام ١٩٣٠م وتوفي في عام ٢٠٠٥م والمنزل عبارة عن عمارة مكونة من 7 طوابق وهي أول عماره ببولاق يتم تركيب مصعد بها ومكانها بجوار سينما علي بابا …..
وبالإضافة إلي ماسبق فإن حي بولاق يتميز بوجود العديد من المساجد الأثرية الهامة منها مسجد السلطان أبو العلا وهو من أشهر معالم الحي ويعد ذو قيمة كبيرة وعظيمة بسبب قِدمه وتاريخه العريق حيث شهد عصور وأزمنة مختلفة ونسب هذا المسجد إلى الشيخ الصالح حسين أبى على.. المكني بأبى العلا صاحب الكرامات على ما يصفه به الصوفيون الذين ذكروا وتكلموا عن الكثير وبالغوا في كراماته وقد سكن الشيخ أبو العلا في خلوة بزاوية بالقرب من نهر النيل في القرن التاسع الهجري الموافق للقرن الخامس عشر الميلادي وكان للناس فيه إعتقاد فكثر مريدوه وزواره وكان من بينهم التاجر الكبير الخواجة نور الدين على إبن المرحوم محمد بن القنيش البرلسى فطلب منه الشيخ أن يجدد له زاويته وخلوته التى كان يتعبد فيها فإستجاب لطلبه وقام بإنشاء هذا المسجد وألحق به قبة دفن فيها الشيخ أبو العلا حينما توفى عام 890 هجرية الموافق عام 1486م وقد أنشئ المسجد في زمان إزدهرت فيه العمارة الإسلامية والغالب في تصميمه وقتها أنه كان على طراز المدرسة ذات الأربعة إيوانات المتعامدة علي بعضها والغنية بالنقوش والكتابات كما يتبين لنا من البقايا القديمة لهذا الأثر وتنحصر في الباب البحرى مع قسم من الواجهة البحرية والواحهة الشرقية والقبة والمئذنة والمنبر والباب العمومى له مبنى من الحجر ومكتوب عليه قوله تعالى وما تفعلوا من خير فان الله به عليم أما نجارة المسجد فقد كانت على جانب عظيم من الأهمية ولم يبق منها إلا المنبر الذى لا شك في أنه فخر المنابر الإسلامية في دولة المماليك الجراكسة فقد طعمت حشواته بالسن والزرنشان وإمتازت جوانبه وأبوابه بتقاسيم فريدة وخاصة في دائرته الكبرى ومما زاد في أهميته إشتماله على إسم صانعه المكتوب على باب المقدم بما نصه نجارة العبد الفقير إلى الله تعالى الراجى عفو ربه الكريم على بن طنين بمقام سيدى حسين أبو على نفعنا الله وقد أجريت على هذا المسجد عدة إصلاحات في عصور مختلفة ودفن به عدد من العلماء منهم الشيخ أحمد الكعكى المتوفى في سنة 952 هجرية الموافق عام 1545م والشيخ عبيد والشيخ على حكشة المتوفى عام 1271هجرية الموافق عام 1854م والشيخ مصطفى البولاقى المتوفى عام 1263 هجرية الموافق عام 1846م …..
وبالإضافة إلي هذا المسجد يوجد بحي بولاق أيضا مسجد سنان باشا والذى يعد ثاني مسجد يتم إنشاؤه في العصر العثماني بالقاهرة وشيد طبقا لعمارة المساجد التركية ويقع بشارع السنانية بالسبتية بحي بولاق وسنان باشا هو أحد ولاة مصر من العثمانيين وقد تولى ولاية مصر مرتين أولها عام 1567م وثانيها عام 1571م كما أنه تولى منصب الصدر الأعظم بتركيا مرتين وهو المنصب الذى يعد من يشغله بمثابة الرجل الثاني في الدولة العثمانية بعد الخليفة وهو منصب يعادل حاليا منصب رئيس الوزراء وكان هذا الرجل يتصف بالحكمة والدهاء والحنكة السياسية والمهارة العسكرية ويرجع له الفضل في قيادة المعارك العثمانية في اليمن ضد الزيديين وكان له الفضل أيضا في فتح تونس وضمها لولايات الدولة العثمانية بعد أن إنتصر علي الأسبان ومن أعماله العمرانية في مصر إعادة فتح خليج الإسكندرية وإقامة هذا المسجد والذى يبلغ طوله 35 متر وعرضه 27 متروتغطيه قبة مركزية كبيرة محاطة بثلاث إيوانات من الجهات الشمالية والجنوبية والغربية ويبلغ قطرها 15 متر وقد شيدت من الداخل بالحجر ومن الخارج بالطوب الآجر وهو نوع من الطوب يتميز بأنه يتحمل درجات الحرارة العالية وبرقبة القبة تم فتح عدة شبابيك عددها 16 شباك والمسجد ليس له حرم بمعنى أنه لا يتقدمه أو يتوسطه أي فناء مكشوف والسبب في ذلك صغر مساحته نسبيا حيث كان المسجد يقع مباشرة على شاطيء النيل وقد إستبدل المهندس الذى صممه الفناء بالأروقة وكان المسجد محاط من خارجه بأسوار كان بها عدة أبواب وقد تهدم السور الشرقي آخرجوانب هذا السور عام 1902م وأروقة المسجد تحيط بالقبة من جوانب ثلاثة وتفتح على القبة بواسطة عدد 3 أبواب عرض كل منها 8 أمتار وكل باب منها يحوي عقد يعلوه مقرنصات بدلايات متنوعة الأشكال ويعلو الأروقة قباب صغيرة يبلغ عددها خمسة قباب في الرواق الغربي بينما الرواقين الشمالي والجنوبي يحويان أربعة قباب فقط ومحراب المسجد يتوسط الضلع الشرقي للقبة ويكتنفه عمودان رخاميان يحملان عقد مدبب مزخرف بطريقة الصنجات المعشقة وصنع بدن المحراب من الفسيفساء الرخامية المزخرفة بأشكال الأطباق النجمية المتعددة الألوان وزخرفت طاقية المحراب بزخرفة الزجزاج بألوان صفراء وسوداء بديعة المنظر أما مئذنة المسجد فتقع في الركن الجنوبي الشرقي ومقامة على قاعدة مربعة يعلوها بدن أسطواني زخرف بستة عشر قناة من الخارج ويعلوها الطابق الثاني وهو دائري القطاع وينفصل عن الطابق الأول بشرفة ذات 16 ضلع ومزخرف بنقوش محزمة ويعلو الشرفة 3 صفوف من المقرنصات والدلايات وفي النهاية نجد الشكل المخروطي الذي يشبه أعلي القلم الرصاص وهو السمة المميزة للمآذن في العمارة العثمانية وجدير بالذكر أن المسجد يحوي مزولة قيشانية في النهاية الجنوبية الغربية صنعت على يد أحد الصنايعية المصريين المهرة المشهورين في ذلك الزمان إسمه حسن الصواف في عام 1862م …..
ومن المعالم الحديثة في حي بولاق نجد مبني الإذاعة والتليفزيون بكورنيش النيل بماسبيرو في أول حي بولاق من جهة الجنوب ومبني الإذاعة والتليفزيون هو المقر الرئيسي لإتحاد الإذاعة والتليفزيون المصرى والذى كانت تصور وتسجل داخل إستوديوهاته وتبث منه جميع البرامج التليفزيونية والإذاعية قبل إنشاء مدينة الإنتاج الإعلامي بمدينة السادس من أكتوبر ويطلق عليه أيضا مبني ماسبيرو نسبة إلى الشارع الذى يوجد به المبني والذى تم تسميته علي إسم عالم المصريات الفرنسي الشهير جاستون ماسبيرو الذى كان مهتما بالآثار المصرية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادى وكان وراء إنشاء دار الآثار المصرية القديمة في بولاق ثم بعد ذلك كان هو من وقع عليه إختيار الخديوى عباس حلمي الثاني للإشراف على بناء المتحف المصرى المتواجد حاليا بميدان التحريروهذا المبني الضخم تم البدء في تشييده بموجب قرار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في شهر أغسطس عام 1959م وعلي ان يكون جاهزا في شهر يوليو عام 1960م ليتم إفتتاحه وبدء البث التليفزيوني خلال الإحتفال بالعيد الثامن لثورة 23 يوليو عام 1952م وتم رصد ميزانية قدرها 108 آلاف جنيه لزوم تشييد هذا المبني الضخم وكان تحديا كبيرا وإستمر العمل الشاق ليلا ونهارا طيلة سنة كاملة بلا راحة وتم بالفعل إفتتاح المبني في الموعد المقرر ويضم المبني عددا كبيرا من إستديوهات التصوير التليفزيوني والتسجيل الإذاعي والبث التليفزيوني والإذاعي المباشر والمسجل والمكاتب الإدارية ويعد أول مبني للإرسال التليفزيوني في المنطقة العربية بأسرها وله الريادة في هذا المجال ولايفوتنا أن نذكر ان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان قد كلف الدكتور محمد عبد القادر حاتم والذى أطلق عليه لقب أبو التليفزيون المصرى بمهمة الإشراف علي تشييد هذا المبني وتشغيله بعد ذلك وبالفعل قام الرجل بمهمته علي أكمل وخير وجه فتحية تقدير وإجلال له ورحمه الله رحمة واسعة فقد توفي منذ مدة قصيرة ويبقي أن نقول إن الإذاعة المصرية كانت قد تم إنشاؤها في عام 1934م في عهد الملك فؤاد الأول وشغلت مبني في شارع الشريفين بوسط مدينة القاهرة وتم نقلها إلى هذا المبني الكبير بعد تشييده ….
وبالإضافة إلي مبني الإذاعة والتليفزيون بحي بولاق يوجد من المعالم الحديثة أيضا بالحي دار الكتب الجديدة بكورنيش النيل في الطرف الشمالي منه وكان قد تم إتخاذ قرار بالبدء في إنشاء تلك الدار بدلا من الدار القديمة التي تقع بميدان باب الخلق بوسط القاهرة بعد أن إكتظت وإزدحمت بمحتوياتها في عام 1961م في عهد الرئيس الرئيس جمال عبد الناصرولكن تأخر البناء لبعض الوقت نظرا لظروف نكسة عام 1967م وبعد أن تم بناؤه في أوائل سبعينيات القرن العشرين الماضي بدأ الإنتقال إليه تدريجيا بداية من عام 1973م في عهد الرئيس الراحل أنور السادات وتم الإفتتاح الرسمي له عام 1977م وهذا المبني الجديد لدار الكتب تم تجهيزه علي أعلى مستوى ووفقا لأحدث النظم العالمية وتم مده بكل إمكانيات التكنولوجيا الحديثة من أجهزة كمبيوتر وكاميرات وميكروفيلم وأجهزة مسح ضوئي وطابعات وخلافه بالإضافة الي أن المبني مجهز ومزود بكاميرات مراقبة وأجهزة إنذار ضد الحريق وحساسات للدخان للتنبيه وللوقاية من أخطار الحريق وجميع وسائل الإطفاء المناسبة حيث أن جميع محتويات المبنى من المخطوطات والكتب والوثائق نفيسة ونادرة ولاتقدر بثمن ولا يمكن تعويضها بأى حال من الأحوال ويبلغ عدد مخطوطات الدار حوالي 57 ألف مخطوط من أنفس وأندر المخطوطات وهي مرقمة ومفهرسة وتغطي تشكيلة كبيرة من المواضيع العلمية والإجتماعية والإقتصادية والسياسية والدينية كما تضم الدار مجموعة نفيسة ونادرة أيضا من البرديات منها مجموعة يبلغ عددها 3000 بردية عبارة عن عقود زواج وبيع وإيجار وإستبدال وكشوف وسجلات وحسابات خاصة بنظام الضرائب وتقسيم المواريث وكذلك تحتوى الدار علي مجموعة كبيرة من المخطوطات والوثائق الرسمية مثل حجج الوقف ووثائق الوزارات المختلفة وسجلات المحاكم إلى جانب تشكيلة كبيرة من مخطوطات القرآن الكريم المكتوبة علي الورق والجلد ومجموعة كبيرة من القطع النقدية المعدنية التي يعود أقدمها إلى القرن السابع الميلادى هذا غير آلاف الكتب الثمينة التي تعود إلي عصور متعددة وحتي وقتنا الحاضر …..
ومن المعالم الحديثة أيضا بحي بولاق المبنى الجديد الخاص بوزارة الخارجية المصرية وهو مبنى عملاق شيدته شركة المقاولون العرب ومقام على مساحة 4800 متر مربع ويتكون من 42 دور بإرتفاع إجمالي قدره 143 متر وإجمالي مسطحاته حوالي 73 ألف متر مربع ويتكون من بدروم بكامل مسطح المبنى وقاعدة مكونة من عدد 6 أدوار بها المدخل وعدد 3 قاعات إجتماعات ومكاتب ثم يعلو القاعدة البرج الرئيسي للمبني والمكون من عدد 30 دور بها جميع خدمات الوزارة والمكاتب الإدارية ثم يعلو هذا البرج أدوار الردود وتتكون من أربعة طوابق تضم قاعة إجتماعات كبرى وصالتي مطالعة ووحدات الحاسب الألى ومطعم وكافيتريا يعلو تلك الأدوار طابقان علويان خدميان لوحدات التكييف المركزى وماكينات المصاعد ثم يأتي الدور الأخير والمجهز كمهبط للطائرات المروحية الهليكوبتر ويتميزهذا المبني العملاق بالملامح الفرعونية حيث تيجان أعمدة واجهات قاعدته وأدوار الردود تأخذ شكل زهرة اللوتس وقد تم إفتتاح هذا المبني العملاق الجديد عام 1994م وإنتقلت إليه وزارة الخارجية بعد أن كانت تشغل مقرها القديم بميدان التحرير أمام جامعة الدول العربية والذى كان في الأساس قصر الأميركمال الدين حسين نجل السلطان حسين كامل والذى رفض عرش مصر بعد وفاة أبيه في شهر أكتوبر عام 1917م وجدير بالذكرأنه في يوم 25 ينايرعام 2013م إحتفلت وزارة الخارجية المصرية في مقرها الجديد بالذكرى الثانية لقيام ثورة 25 يناير 2011م حيث رسمت الأضواء على المبنى عبارة مصر 25 يناير والتي شاهدها سكان المنطقة والمناطق المجاورة نظرا للإرتفاع الشاهق للمبني وأخيرا فبالإضافة إلي ماسبق نجد أن هناك بعض المعالم الحديثة الأخرى في حي بولاق ومعظمها يقع علي كورنيش النيل منها فندق هيلتون رمسيس وفندق فيرمونت نايل سيتي ومركز التجارة العالمي وغيرها …..
وللأسف الشديد فإن حي بولاق حاليا يعاني حاليا من العديد من المشاكل حيث تعانى منطقة بولاق من العشوائيات والتي يشغلها سكان معظمهم قادمين من الأرياف والصعيد وأقامت في بعض مناطق الحي مثل الفرنساوى والصحافة والعدوية ومنطقة الكنيسة والتي من خلال الإحصائيات تبين أن بها 10% من الهاربين من أحكام قضائية أو مسجلين خطرين كما تعانى الكثير من المبانى بالحي من تهالك واضح حيث معظمها بنايات قديمة إلي جانب عدم وجود وعى من جانب السكان بضرورة عمل الترميمات والتجديدات والتحسينات اللازمة علي تلك البنايات مما يعرض معظم السكان لخطر إنهيار وسقوط تلك المباني المتهالكة وقد تجلى هذا بوضوح في زلزال شهر أكتوبر عام 1992م الشهير حيث جاء حي بولاق المنطقة الأولى في مصر من حيث الخسائر والتصدعات التي حدثت بالمنشآت والمباني خلال هذه الفترة …..

زر الذهاب إلى الأعلى