التقارير والتحقيقات

اهمال السادة المسؤلين وكوارث السيارات وعدم تطبيق القانون

كتب : محمد عبد الله سيد الجعفرى
لإهمال كسلوك بشري، مصدر وسبب رئيسي لكثير من المشاكل اليومية، وسبب للعديد من الكوارث، ورغم ذلك تعاني البشرية في كل لحظة من كوارثه، وقف عاجزة عن فهم مسبباته، وعلاجه لارتباطه بسمات الشخصية ذاتها، وبثقافة الفرد نفسه، وبأنماط وأنواع القوانين الوضعية السائدة في هذا المجتمع أو تلك، بالرغم من أن جميع القوانين في كافة بلدان العالم تتفق على أن الإهمال هو سلوك مقصود أو غير مقصود، يسبب نوعاً من الضرر أو الجرم، للفرد نفسه وللآخرين من حوله، جنائياً كان أم مدنياً، ويستحق عليه عقوبة جزائية. وعادة ما يكون الإهمال الذي يتسبب في حوادث دهس الأطفال غير مقصود أو غير متعمد، لكنه يرجع إلى عوامل عديدة ، منها ما يتعلق بالشخص نفسه، أو بعوامل بيئية محيطة.

13876452_539581829584928_2802936556616189981_n
مسؤولية من؟
وانا انحدث هنا واشير أن حوادث السير وصدمات السيارات، تبقى سبباً رئيساً في وفيات الأطفال، إلحاق الضرر والأذى بهم، وفي معظمها هي نتيجة عدم اكتراث، أو الإحساس بمسؤولية الرعاية والحماية لهؤلاء الصغار، فالأب الذي يدهس ابنه لحظة رجوعه بسيارته إلى الخلف، أو ذلك الطفل الذي يخرج فجأة من بين الطرقات أو في عرض الشارع ويترك أمه أو المربية التي تصطحبه، أو الطفل الذي يضل طريقه بعد أن تنشغل عنه أمه وتصدمه سيارة أو دراجة في الطريق، إنما هي حوادث غير متعمدة، لكن إهمال هؤلاء للحظة معينة، من الممكن أن يسبب هذه الكوارث، ونفقد ببساطة روح طفل تزهق بسبب الإهمال».وايض اهمال السيد المسؤل عن تنظيف الشوارع من السيارات والقمامة والبناء المخالف وعدم تطبيق القانون ولو نظرا مثلا فى مناطق شعبية مثل البساتين نجد فى الشوارع العمومية كارثة بكل المقايس واهمال لرئيس الحى الذى يتقاضة اموال من الدولة لحماية الشعب من البلطجية والمخالفين واصحاب المصالح

13879261_539581982918246_6298867215409664560_n
ونجد ايضاً حوادث دهس الأطفال غالباً ما تكون بسبب رعونة بعض السائقين، وعدم الالتزام بقواعد السير، أو بسبب طبيعة الأطفال العمرية. فمهما كانت مشرفة الحافلة منتبهة، فان الإهمال أو الخطأ وارد الحدوث في لحظة معينة قد تنشغل فيها المشرفة أو التي تتولى مسؤولية مراقبة الحافلة، فالأطفال في هذا السن يتميزون بكثرة الحركة والنشاط، وعدم الانصياع للنصائح والإرشادات بسهولة، كذلك
نرى كثيرا من الأطفال في سن المدرسة من لا يلقي بالاً أثناء عبورهم للطريق أو ركوبهم للدراجات، أو رفضهم للرقابة اللصيقة من قبل الأم أو من قبل المربية أو الخادمة أثناء السير أو التواجد في مكان عام، وفي لحظة يبتعد فيها الطفل عن من معه فتحدث الكارثة

ونقول . ما هي الظروف التي تزيد من خطر تعرض الطفل أو الصبي لحادث السير؟ وتجيب: «الطفل غير مسؤول في كل الحالات عما يجري له، إنما هي مسؤولية الأبوين الأولى، ويجب ألا يلقى الأمر برمته على الخدم، لأن معظم الخادمات ثقافتهن محدودة، ولا يشغلهن كثيراً تعرض الطفل للخطر، فالأب والأم مسؤولان في كل الحالات. فكثيراً ما تنشغل الأم أو حتى المربية أو الخادمة بالرد على الهاتف، أو بالحديث إلى من يرافقهن، وفي لحظة يبتعد فيها الطفل ويحدث ما لا يحمد عقباه».

تساهل الأب والأم إلى أن معظم أسباب حوادث دهس الأطفال ترجع إلى الأسرة التي تسمح للخادمة باصطحاب أطفالها، وأحياناً يكون هناك أكثر من طفل، وفي أعمار متقاربة، ولا تستطيع الخادمة السيطرة على الأطفال، أو لا تستطيع الانتباه لحركة مفاجئة من الطفل الصغير، أو أن تتوقع ما يمكن أن يفعله، وبالتالي تحدث المشكلة، ويقول: «في إحدى المرات كانت الخادمة تصطحب ثلاثة أطفال إلى الحديقة العامة، ونزلت من سيارتها وتمسك بطفل في كل يد، وما أن وقفت تنتظر إشارة المرور في المكان المخصص لعبور المشاة، حتى أسرع الطفل الثالث الذي لا تمسكه بيدها إلى عبور الشارع فجأة، ومن ثم لم يستطع قائد إحدى السيارات تفاديه، واصطدم به، لكن الحمد لله كانت الإصابة خفيفة لأنه لم يكن مسرعاً لأنه كان قد تحرك للتو من انتظاره الإشارة الخضراء، ولو كانت سيارته بسرعتها الاعتيادية لكان قد تسبب في وفاة الطفل بكل تأكيد».

و تزداد نسبة حوادث السير وضربات السيارات عند الأطفال والمراهقين في حال استخدام الهواتف الجوال أثناء القيادة من قبل الأب أو الأم اللذين يتساهلان في كثير من الأحيان في الأمور الضرورية لضمان سلامة الطفل لإبعاده عن المخاطر المحتملة في الشارع أثناء السير، أو السماح للطفل بالتواجد واللعب في أماكن خطيرة أو غير آمنة، أو يكثر فيها حركة السير بالسيارات، أو ترك الطفل وحيداً أو دون رقابة أو إشراف من شخص بالغ وأمين، ولعل من أبرز أسباب حوادث الدهس تتمثل في الإهمال وعدم الانتباه، وعدم إعطاء الأولوية لعبور المشاة، وعدم تقدير مستخدمي الطريق والسرعة دون مراعاة ظروف الطريق، والرجوع للخلف دون انتباه».
وعي السائق

أن حوادث الأطفال يجب أن تعطى عناية خاصة، وربما تتكرر ليس إهمالاً من قبل السائقين، وإنما لصعوبة توقع تصرف الأطفال حال وقوع الحوادث، أو لعدم وعي وإدراك كثير من السائقين فمنهم حينما يقود سيارته، يعتقد أن الطريق قد أصبح ملكاً له، وأن له الأولوية فيه دون مراعاة للظروف التي قد تطرأ أو تحدث في الطريق فجأة، ومنهم لا يتوانى عن السرعة ولو اقترب من منطقة المدارس، لذا فتوعية السائقين أمر مهم، ومن الضروري أن يكون هناك تكاتف وتعاون بين المرور والبلدية والتعليم ، ومراعاة تخطيط الأحياء السكنية بشكل يحقق السلامة للأطفال، والاهتمام بعمل «المطبات» الصناعية فيها، والإقلال من المداخل قدر الإمكان، لأنه كلما كثرت المداخل كثرت التقاطعات، مما يسبب كثرة وقوع حوادث الدهس، ويقترح وضع عدسات عاكسة عند مداخل الأحياء ليرى من خلالها السائق ما قد يكون في الطريق الذي سيدخله، فالسائقون المتسببون في حوادث دهس الأطفال يتحملون المسؤولية الجنائية بكل تأكيد نتيجة عدم التزامهم بقواعد السير والمرور والسرعة الزائدة وعدم الانتباه، كما يفترض توجيه تهمة الإهمال إلى ولي الأمر، على اعتبار أنه يمثل سببا غير مباشر لوقوع تلك الحوادث.

تشتت الانتباه. أن هناك عوامل أخرى تتسبب في كوارث دهس الأطفال، منها ما يتعلق بقائد السيارة نفسه، ومنها ما يتعلق بمن هو مسؤول عن الطفل، فالسرعة في قيادة المركبات والدراجات تتقدم معظم أسباب حوادث السير، ثم تأتي ظاهرة الانشغال باستخدام أجهزة المحمول والهواتف الذكية أثناء القيادة، أو الانشغال بسماع الموسيقى والأغاني مما يجعل السائق أقل تركيزاً، أو عدم الاكتراث بالعلامات الإرشادية للمرور ولا سيما في المناطق السكنية أو حول المدارس والحدائق، الأمر الذي يعرض حياة الصغار والكبار لخطر الدهس، كذلك يؤدي إهمال استخدام وسائل الأمان في السير إلى تعرض الركاب وخاصة الأطفال لمخاطر الموت أو الإصابات المؤثرة. ومن ثم يفترض مراقبة الالتزام بقواعد السير، إلى جانب تحديد أماكن آمنة لنزول وصعود طلاب المدارس، ومنع الأطفال من اللعب في الطرق العامة أو الشوارع الفرعية، وتوعية سائقي الحافلات المدرسية بوجوب الالتزام بالنظم والقوانين المرورية، وتعريفهم بالأمور الانضباطية المتعلقة، وغيرها من القضايا المرورية المهمة، والعمل على توفير بيئة مرورية آمنة لوقاية الطلاب والطالبات من الحوادث المرورية، وتعزيز دور المدرسة وأولياء الأمور والهيئات التعليمية والإدارية وسائقي الحافلات واستقطابهم وإشراكهم في عملية التوعية المرورية.

يؤكد السيد المسؤل عن المرور . أن هناك أهدافا مباشرة للقانون تهدف إلى ضبط السلوك الاجتماعي للأفراد، وتضمن عدم تعريض حياة الناس، ولا سيما الصغار للخطر. فالتعليمات المرورية أداة ووسيلة قانونية تساهم إلى حد كبير في ضبط التصرفات العامة أو السلوكيات التي تهدد حياة الآخرين للخطر. فقد نظرت محاكم الدولة، خلال الفترة الماضية، كثيرا من قضايا التعويضات لأطفال وقعوا ضحايا حوادث، سواء بالإصابة البليغة أم بالوفاة، وحمّلت المحاكم، في كثير من هذه القضايا، كامل المسؤولية للسائقين، استنادا إلى أن قانون المرور الذي يشدد على قائد أي مركبة ألا يعرض المشاة للخطر، وأن يتوقف عند اللزوم لتجنب إزعاج أو إصابة أي مستعمل للطريق، وألا يجاوز السرعة القصوى المحددة للطريق مع مراعاة ظروف المكان والطقس والمركبة، وغيرها من متطلبات السلامة. فهناك مسؤولية قانونية وأخلاقية على الوالدين والأسرة تلزمهم بحماية أطفالهم، وهناك من القوانين التي تتصدى للإهمال الأسري، ومن الأهمية أن تشدد العقوبة على ذوي الأطفال الذين يتسببون بإهمالهم الجسيم في حوادث دهس على الطرق لأطفالهم، أو تفعيل التشريعات التي تحمّل الأهل جزءا من المسؤولية عما تعرض له أطفالهم من إصابات ووفيات، نتيجة تقصيرهم في تأمين حياتهم، ومن الضروري أن يتحمل الأهل جانبا من المسؤولية القانونية في الحوادث المرورية التي تلحق بالأطفال، خصوصا عندما يكونون في مرحلة عدم القدرة على تقدير أخطار الطريق،

مشيرا إلى أن بعض الأهالي لا يقدرون حجم الخطر المحدق بأبنائهم، عندما يتركونهم بمفردهم في أماكن قريبة من حركة سير المركبات، فمن واقع القضايا نرى أن ذوي الأطفال لا يحاسبون عن ركن الإهمال الذي أسهم في وقوع الحوادث، وقد يكتفي القاضي بالغرامة المالية، فيما يتحمل السائق المسؤولية كاملة، لعدم احترازه أثناء القيادة، مع أهمية العمل على تعزيز الوعي المروري بين كافة شرائح المجتمع، وخاصة في المدارس، لتوفير الوسائل الكفيلة بالحد من حوادث دهس الأطفال.

سيكولوجية الإهمال وحوادث وحوادث دهس الأطفال، «الإهمال هو نوع من الضرر أو الجرم، جنائياً كان أم مدنياً، يستحق عقوبة جزائية. وإهمال الأطفال بشكل عام يشير إلى غياب الرعاية الأبوية، ومن سمات الإهمال، عدم القدرة على التخطيط، وانعدام الثقة حول المستقبل، وصعوبة إدارة المال، وعدم النضج العاطفي، وعدم معرفة احتياجات الأطفال، ووجود مستويات عالية من التوتر. وهناك علاقة مباشرة بين الوعي الذاتي والثقافة الشخصية، وتحمل المسؤولية، ودرجة الإهمال. فكلما كان الشخص مدركاً لمسؤولياته وواجباته، تراجعت بالضرورة سلوكيات الإهمال لديه، فغالباً ما نجد الشخص المهمل غير مدرك تماماً لمسؤولياته الأسرية والاجتماعية».

ويضيف الدكتور الجارحي: «علينا ألا نهمل ضغوط الحياة وتأثيراتها السلبية على تفكير الناس، فربما تؤدي كثرة المشاكل، أو ثقل ضغوط الحياة إلى النسيان، وعدم التركيز الذي يتسبب في حوادث من هذا النوع، دون أن نهمل المشاغل التي تغرق الكثيرين وينهمكون فيها أثناء القيادة، وتتسبب في تشتيت تركيزهم وانتباههم، كاستخدام الهواتف المحمولة والانهماك فيها، والانشغال بها أثناء القيادة. كما أن مخالفة القوانين والتعليمات وقواعد السير جزء أو حالة من حالات الإهمال، لأن عدم الاكتراث أو عدم التقيد بالأنظمة والقوانين، واجهة صريحة للإهمال بكل تأكيد».

زر الذهاب إلى الأعلى