الثقافةصفحات من تاريخ مصر

وصية بطرس الاكبر قيصر روسيا الى الروس

كتب – رياض حجازي

الروس والصراع القديم الحديث للسيطرة على القسطنطينية وبلاد الشام

هذه بعض مقتطفات من وصية بطرس الأكبر أحد أشهر قياصرة روسيا إلى خلفائه من بعده، يوصيهم فيها بمواصلة قتال الدولة العثمانية وإخراج المسلمين من أوروبا وتقسيم العالم بين الروس وبين باقي قوى الصليب. حيث يقول بطرس الأكبر في الفقره التاسعه من وصيته : ….. نقترب من القسطنطينية والهند بقدر الإمكان فمن يملك القسطنطينية فقد ملك العالم. بناء على ذلك ينبغي ملازمة الحرب مع العثمانيين… و في الفقره 11 منها :….نشارك النمسا فيما قصدناه من إخراج العثمانيين من أوروبا، وبعد التسلط على الممالك العثمانية، نجمع جيوشنا وتدخل أساطيلنا بحر البلطيق والبحر الأسود، ونشرع في التفاوض مع فرنسا ودولة النمسا في قسمة العالم بيننا.
بدأ الصراع الروسي الاسلامي في عهد الخلافة العثمانية، بعدما كانت الدولة العثمانية قوة إسلامية عظيمة لا يستهان بها وكانت تحكم مساحات شاسعة في آسيا وأوروبا وإفريقيا، دب الضعف والوهن فيها حتى أطلق عليها ” الرجل العجوز”.
وقد قامت سلسلة من الحروب بين الدولة العثمانية وروسيا ما بين القرنين السادس عشر والعشرين، انتصرت الدولة العثمانية في معظمها حتى بدايات القرن الثامن عشر، وفي مراحل ضعف وانحلال الدولة العثمانية طمعت فيها قوى الصليب الاستعمارية كروسيا وفرنسا وبريطانيا والنمسا وغيرها، وخاضت الدولة العثمانية حروبًا طويلة ضد تلك الدول.
وشن “بطرس الأكبر” الحرب على الدولة العثمانية ونجح في السيطرة على مدينة أوزوف عام 1696م. ولم يدخر من خلفه من الأباطرة جهدًا في تنفيذ وصيته التي حث فيها الروس على استمرار الهجوم على الدولة العثمانية ومحاولة إنهاء سيطرتها. ومن أبرز حلقات الصراع بين الدولة العثمانية وروسيا هي الحرب التي دارت رحاها بين عامي 1768 م و 1774 م، فقد تسبب احتلال روسيا لبولندا وقيام الرهبان الروس بإثارة الفتن في صربيا وبلغاريا والجبل الأسود إلى استياء الدولة العثمانية، التي كانت تفرض سيطرتها على تلك المناطق فأرسلت تحذيرًا لروسيا لسحب قواتها من بولندا ولم تستجب، فأدى ذلك لاندلاع الحرب بعد فترة من الهدوء استمرت ل29 عاماً، فترت فيها همة الجيش العثماني وضعفت قوته على العكس من الجيش الروسي. وانهزم الجيش العثماني في تلك الحرب هزيمة منكرة، عقدت على إثرها معاهدة “كوتشك كينارجى” الجائرة.
جاءت هذه المعاهدة في 30 مادة، وبمقتضى هذه المعاهدة المخزية انفصلت شبه جزيرة القرم عن الدولة العثمانية، وأصبحت دولة مستقلة، لا ترتبط بالدولة العثمانية إلا من خلال قيام شيخ الإسلام في إسطنبول بتنظيم الشئون الدينية للقرم، ونصت المعاهدة على منح الأفلاق والبغدان “رومانيا” الاستقلال الذاتي تحت السيادة العثمانية، مع إعطاء روسيا حق التدخل في اختيار حكامها، وأعطت المعاهدة لروسيا حق رعاية السكان الأرثوذكس الذين يعيشون في البلاد العثمانية، وكان هذا الاعتراف ذريعة لروسيا في أن تتدخل في شئون الدولة العثمانية. وألزمت المعاهدة أن تدفع الدولة العثمانية غرامات حرب لأول مرة في التاريخ، فدفعت 15,000 كيس من الذهب للروس.
استمرت الهجمات الغاشمة على المسلمين من قبل الروس في العصر الحديث، ففي جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية التي احتلها الروس بداية من عصر الأباطرة الذين قاتلوا المسلمين هناك وفتنوهم في دينهم وفرضوا التنصير عليهم وصادروا أراضيهم وممتلكاتهم. مرورًا بالشيوعيين الذين أعملوا القتل والذبح في المسلمين على يد ستالين، وصولًا إلى الحرب السوفيتية على أفغانستان و أخيرًا وليس أخرًا العدوان الروسي على بلاد الشام.

المصدر
روائع التاريخ

زر الذهاب إلى الأعلى