اخبار عربية وعالميةاسليدر

مهزلة الانتخابات في ظل الحكم المطلق لـ «الولي الفقيه»

بقلم _ العلامة السيد محمد علي الحسيني
التغيير الذي حصل في إيران في 11 شباط 1979، کان تغييرا کبيرا عولت عليه الدول العربية والإسلامية الکثير من الآمال خصوصا بعد قطع العلاقات الإيرانية مع إسرائيل والإعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية کممثل شرعي للشعب الفلسطيني، وقد ذهب البعض بعيدا حتى إعتبروه بداية تغيير جذري ومميز في موازين القوى في الصراع العربي ـ الإسرائيلي لصالح العرب، لکن مع مضي الأعوام تبين بأن المتفائلين بهذا التغيير في إيران قد ذهبوا بعيدا جدا في تفاؤلهم حتى جاء اليوم الذي وجدوا أنفسهم فيه مصدومين بالحقيقة المرة التي أثبتت خلاف ذلك تماما.
نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية الذي إرتکز على مبدأ ولاية الفقيه، سعى منذ البداية للإيحاء بأنه نصير ومعين وسند للقضايا العربية والإسلامية ولاسيما قضية فلسطين، کما أنه حاول جهد إمکانه التأکيد على أنه نظام ديمقراطي تحرري مناصر للشعوب وهو إدعاء صدقته شريحة کبيرة من الشارعين العربي والإسلامي، خصوصا من حيث التأکيد على أن إيران تحظى لوحدها بنظام ديمقراطي يؤيد حصول شعوب المنطقة و العالم على الديمقراطية و الحرية، وإنه و طوال 37 عاما الماضية، ظل هذا النظام يطبل و يزمر لديمقراطيته مؤکدا بأن الشعب الإيراني هو الذي يتحکم بالنظام و الحکومة في إيران.
الإنتخابات البرلمانية التي جرت في ظل نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية طوال أکثر من ثلاثة عقود، و التي إنبهر و إنخدع بها کما أسلفنا قطاع کبير من الشارع العربي، دلت التطورات والأحداث بأن الشعب الإيراني لم يعد مؤمنا ومقتنعا بها منذ ثلاثة عقود و لذلك فإنه يقاطعها بصورة واضحة جدا، لکن و على الرغم من ذلك فإنه لايزال”شيئ”من ذلك البعض الذي أشرنا إليه، مؤمنين بأن هذا النظام ديمقراطي وإن تجربته لايطالها الشك!
ما نود أن نشير إليه وإيران تستعد للإنتخابات النيابية التي ستجري في أواخر الشهر الجاري، هو أن هذا النظام الذي أقام الدنيا و لم يقعدها بشأن تجربته السياسية ـ الفکرية و عزمه على تصديرها من خلال مبدأ”تصدير الثورة”، و ماقد أکده من نيته في إستنساخ تجربته في بلدان أخرى، لکن و بعد الدور الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين، و ماقد جرى ويجري في هذه البلدان العربية من مجازر ودمار ومصائب و ويلات من جراء التدخل الإيراني وتأسيس أحزاب و جماعات وميليشيات عميلة ومشبوهة لها هناك، أکد و بشکل واضح بأن مزاعم طهران بشأن”تصدير الثورة”، المزعومة ماهي إلا مجرد تخرصات وعبارات و مفاهيم عبثية لاوجود لها إطلاقا في الواقع.
ونحن ننتظر إجراء الإنتخابات النيابية الإيرانية القادمة، والتي يحاول فيها نظام ولاية الفقيه وبمختلف الطرق والأساليب جذب ودفع أکبر نسبة ممکنة من الشعب الإيراني للمشارکة فيه، وفي خضم صراع غير معهود يدور بين جناحي هذا النظام، فإن علينا أن ننتبه بأن ليس بوسع نتائج أية إنتخابات أن تؤثر على هذا النظام ذلك أن عملية الإنتخابات هذه والتي يشرف عليها مجلس صيانة الدستور الذي يتم إختيار أعضائه من جانب المرشد الاعلى، تهدف بالاساس من أجل المحافظة على النظام وتجميل صورته وليس العکس، ومن هنا فإن من ينتظر أو يتوقع أن تفرز هذه الإنتخابات عن نتائج إيجابية ملفتة للنظر في صالح الشعب الإيراني وشعوب المنطقة، إنما يعيش أحلام اليقظـة و يرکض خلف سراب بقيعة.
إننا إذ نشكك بشفافية ونزاهة الإنتخابات الإيرانية ونعتبرها فاقدة للشرعية ومسرحية مجرد لعبة يقوم بها النظام من أجل المحافظة على نفسه والدعاية و الإعلام له، فإننا نود أن نلفت أنظار الشعوب والدول في المنطقة إلى ماجنته التدخلات الإيرانية السافرة على المنطقة وإنه لو کانت هذه التجربة(نظام ولاية الفقيه)، تجربة إيجابية تخدم الشعب الإيراني وتلبي طموحاته ومطالبه وآماله، لکان يجب أن ينعکس ذلك على الدول التي تدخلت فيها، حيث أن الدمار والفرقة والانقسامات و الفتنة الطائفية هي التي تعصف بهذه الدول و لاوجود إطلاقا لتجربة ديمقراطية أو تحررية وانما هناك أحزابا و جماعات و ميليشيات عميلة و مشبوهة في تلك الدول تعمل ليل نهار من أجل المصالح الايرانية فقط دون غيرها.
العلامة السيد محمد علي الحسيني
الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان
alsayedelhusseini@gmail.com

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر
زر الذهاب إلى الأعلى