المرأةمقالات واراء

مصير الأبناء بعد الطلاق ” المشاكل ….. العلاج “

بقلم : محمد عطية

نسمع عن الكثير من العلاقات الزوجية التي تكثر فيها المشاكل والمشاحنات التي يصعب السيطرة عليها أو حلها فيتم اللجوء للطلاق، ولأن الأصل في العلاقة الزوجية أن تقوم على أساس متين من التفاهم ،كان لا بد من مراعاة الصبر والحلم والعفو بين الزوجين حتى تتسنى المحبة بين أفراد الأسرة الواحدة .

ولكن ماذا عن مصير ضحايا هذه العلاقة ” الأبناء” ؟

بعد الطلاق يتولد نزاع جديد بين الزوجين حول من الأحق في حضانة الأبناء رغم وجود قوانين تحسم و تنظم هذه الحضانة، ويقع الأبناء في شتات حول طبيعة الحياة الجديدة التي سوف يعيشونها، والإعتياد على العيش مع طرف واحد سواءً كان الأب أو الأم مع افتقادهم للطرف الأخر و اضطراب مشاعرهم نحو الوضع الجديد.

وفي هذه الحالة يكون الأبناء بحاجة لرعاية خاصة لأنهم أصبحوا متأثرين بأحداث رأوها أو سمعوها قبل الطلاق وكانت مخاض طلاق أبيهم وأمهم من شجارات أو ضرب للأم ورفع صوت بينهما، والمفروض منع الأبناء من رؤية شجارات أبويهم لأنها سوف تؤثر عليهم نفسياً.

كما أنهم يحتاجون لمراقبة ومتابعة حتى لا يقعوا كضحايا سهلة لأصحاب السوء في غياب الأب أو الأم وفي سن يحتاج لرعاية خاصة كسن المراهقة .

فهناك العديد من المشاكل التي حدثت لأبناء الأسر المطلقة مثل بداية شربهم للدخان وهم صغار والتدرج بهم لأخذ حبوب مُخدّرة أو مخدرات ووقوع بعض الأبناء ضحايا أو دخولهم سجون الأحداث بقضايا مثل هذه أو تعرضهم لاعتدءات جنسية بكون الرقابه ضعيفه عليهم سواءً كان ولد أو بنت أو أن يتم التلاعب بعواطفهم بحجة سد الجانب العاطفي لديهم خاصةً إن كان مفقوداً.

كل هذه و غيرها من النماذج والمظاهر بحاجة لحرص أكثر ومراعاة لجانب حساسيتهم وتأثرهم لِما حدث لهم وتعويضاُ لجوانب النقص عندهم سواءً من بُعد أب أو من بُعد أُم.

ونعرض هنا المشاكل التى يقع فيها الطرفين والعلاج

1- اخطاء مشتركة :
يحاول معظم المطلقين -من الجنسين- استمالة الأبناء إلى صفوفهم، وتأليبهم ضد الأطراف الأخرى، وتأكيد أنهم ظالمون، وأنهم حرموا الأبناء من الدفء العائلي “وحكموا” عليهم باليتم رغم وجود الوالدين قيد الحياة، وإخبارهم بكل التفاصيل السيئة لما ارتكبوه، واستخدام جمل مثل: لقد تحطمت بسببه، لو كانت تحبكم لما طالبت بالطلاق، لقد ترككم ليتزوج، إنها أنانية لا تحب سوى نفسها، إنها سيئة هي وأهلها وقد “أضعت” عمري من أجلكم ولكنه لم يقدر، لقد جلبت لنا العار وأصبحنا حكاية تتناقلها الألسن، لن أسامحكم أبدا إذا لم تحصلوا على حقي منه، إذا تكلمتم معه أو مع أحد من أهله فإنني سأتبرأ منكم.

وأسوأ ما يمكن أن يفعله المطلقون –من الجنسين- بأنفسهم هو الاستسلام للتحريض من الأهل والأصدقاء، “وتوهم” أنهم لم يخطئوا “أبدا” أثناء الزواج، وأن الأطراف الأخرى هي التي “احتكرت” كل السوء والأخطاء، وأنهم ضحايا، ويجب عليهم إما الانتقام لأنفسهم أو الانتظار أن يقوم الآخرون بتعويضهم وتناسي أن لا أحد يعوض غيره عما يضايقه، وأن من الذكاء أن نكون نحن الأيدي التي تمسح دموعنا بحب واحترام، وأن “انتظار” الاهتمام والتعاطف، ونيل صكوك الاعتراف بالبراءة من التسبب بالطلاق، وكيف كان رائعا طوال الزواج، ولم يقدر الطرف الآخر ذلك.. كل ذلك قد يمنح “متعة” الانتصار المزيف مؤقتا، مثل المخدرات التي تعطي من “يختارها” متعة زائفة وتزيد من الابتعاد عن الواقع “وتنال” من القدرات الحقيقية للتعامل بذكاء مع المعاناة؛ “ليستخلص” منها الخبرات وليستنهض نفسه بحب ومرونة ودون تعجل أيضا، حتى يواصل حياته بنجاح.

فأي طلاق لابد أن تكون وراءه مسئولية مشتركة، ولو اقتصرت على التسرع في الزواج أو الافتقاد إلى مهارات التعامل مع أخطاء الشريك الآخر.

ويخطئ المطلقون في تفسير أي أخطاء للأبناء على أنه دليل مؤكد على إصابتهم بالعقد النفسية جراء الطلاق، وتناسي أنه لا يوجد أولاد لا يخطئون، وأن أبناء الطلاق أكثر صحة نفسيا من أبناء المتزوجين الذين “يتنفسون” الصراعات والمشاحنات المريرة بين الوالدين “بشرط” أن يتمتع ولو أحد الوالدين بالذكاء وبالرغبة الأكيدة في حماية الأبناء من أضرار الطلاق، وتوفير مناخ صحي لهم، بتجنب الإساءة للطرف الآخر، وبالاعتدال في التربية، وبطرد التفكير بأن الطلاق لابد وأن يؤذي الأولاد؛ فهذا خطأ شائع، وبالحرص على إخبار الأبناء ببساطة بأن الطلاق أباحه الخالق وهو أرحم الراحمين حتى مع وجود أبناء، وأن الطلاق رحمة؛ لأنه يحمي الجميع من خسائر العيش في حياة تضرهم مع عدم “توهم” أن الأبناء سيقدرون ضيق الأهل ويقللون من المشاكل؛ فهذا توقع غير واقعي كما أنهم ليسوا مسئولين عن حدوث الطلاق.

ولن يصاب أبناء الطلاق بالضرر ما لم يقم الأهل “بغرسه” بداخلهم، بالتصرفات السابقة أو بالتحذير من الجنس الآخر عامة والتحريض ضده وكأنه الشر، أو بتجاهل أخطاء الأبناء والمبالغة في تدليلهم أو الإغداق المادي عليهم “لتعويضهم” عن الطلاق، وكأنهم يحمون أنفسهم من الشعور بالذنب بهذه التصرفات.

وعليهم تعليم أبنائهم الفصل بين تعاملهم مع الطرف الآخر وبين الطلاق، فيتعاملوا مع الأب لكونه أبا لهم وليس كزوج “سابق” للأم ينبغي الانتقام للأم منه وكذلك بالنسبة للأم.

وأتذكر مطلقا أخبر أولاده بأن والدتهم سيئة السمعة ليسيء إليها، والحقيقة أنه أساء إلى نفسه دينيا ودنيويا، فحتى لو كانت كذلك، فديننا أمر بالستر، وكيف يتوقع أن يتعامل أولاده معها؟ ألن يحرمهم من علاقة حب واحترام مع الأم؟.

كما أخبرت مطلقة أولادها بأن والدهم كان دائم التحرش بخادمات الجيران وأنه لا يهتم بنظافته الشخصية و.. و..

ولا نطالب المطلقين من الجنسين بالكذب على الأولاد وإعطائهم صورا براقة عن الأطراف الأخرى، ولكن نفضل الاكتفاء بذكر أن الاختلافات بينهما كثيرة، وأن الطلاق “أفضل” للجميع.

ويخطئ المطلقون –من الجنسين- بمنع الأولاد من زيارة أهل الطرف الآخر.

وأتذكر مطلِّقا أخبرني أن ابنته تحولت إلى “جاسوسة” تخبر والدتها تفاصيل كل ما يحدث مع زوجته الثانية “إثر” زيارتها له في بيته، وأنه يفكر في منعها من زيارته.

وبقدر كراهيتي لتحريض المطلقة لأولادها على التجسس ضد والدهم أو أن يفعل المطلق ذلك أحيانا، فإنني أرفض استسهال المطلق لمنع الأولاد زيارته لبيته الجديد، وأفضل التحفظ في التعامل مع زوجته الجديدة أمامهم احتراما لمشاعرهم، وألا يستجيب “لمكر” الزوجة الثانية التي أحيانا تتعمد استدراجه لتدليلها أمامهم لإغاظتهم هم وأمهم أيضا.

وعلى المطلقة التي تزوجت أن تراعي مشاعر أولادها فلا تتدلل مع زوجها أمامهم، وأن تكتفي بأن يكون صديقا لهم، ولا تحاول “فرضه” كأب عليهم.

كما يخطئ المطلقون إذا احتفظوا بالإساءات السابقة للأطراف الأخرى، ولم يتعاملوا معها على أنها صفحة يجب المسارعة بطيها لصالحهم هم، فليس من الذكاء “إهدار” ثانية من الحاضر في مواصلة التألم من الماضي.

ولا ننادي بمسامحة الطرف الآخر، ولكن “البخل” عليه بأي تواجد في الحياة.

مع ضرورة تجاهل أي إساءات بعد الطلاق، عندما ينقلها الأبناء أو المعارف، فمع الأبناء يفضل الاكتفاء بأن هذه الأمور تحدث عادة بعد الطلاق وأنها ستزول تدريجيا، أما مع الآخرين، فلا يتم التعليق ويُكتفى بتغيير موضوع الحديث، مما يكسب صاحبه الاحترام “ويحرم” المتطفلين من تحويله إلى مادة للقيل والقال، و”يسلب” من الطرف الآخر رغبته في الاستمرار في الصراع بعد الطلاق مما سيضطره إلى التراجع ولو بعد حين

2- أ خطاء للرجال!!

ومن أخطاء الرجال مع أولادهم عدم زيارتهم؛ لأن الأمهات “سرقتهم” وقامت بتحريضهم ضدهم.. وهذا خداع “بشع” للنفس “وتزيين” للسلبية والتهرب من المسئولية، فلا شك أن أي رجل لو أدرك أن زميله في العمل يحرض رئيسه ضده فإنه “سيقاوم” بشدة وبكل الحيل ولن يترك له الفرصة للاستحواذ على كل “مكاسب” العمل فلماذا “يختارون” الابتعاد عن رعاية الأولاد ولا يتصدون بذكاء ودون عدوانية لحيل بعض الأمهات لمنعهم من رعاية الأولاد بعد الطلاق؟!.

كما يلجأ البعض إلى التضييق المادي على أولادهم بعد الطلاق واعترف لي أحدهم: لابد أن “تذوق” مطلقتي الضائقة المالية لتعرف أنها كانت تعيش في نعيم معي، فرددت بهدوء: ولكنك “تعاقب” أولادك ويكفيك أنك ظلمتهم، ولم تتمكن من إنجاح زواجك.

كما يكتفي الكثيرون “بإلقاء” المال وترك كل مسئوليات التربية على عاتق الأمهات وحدهن، ويتناسون أنهم لن يحصدوا “أفضل” مما يزرعون، فسيفقدون حب واحترام الأبناء، والخالق يمهل ولا يهمل، ويكفي الحديث الشريف: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول، ولا شك أن الإعالة ليست مادية فقط ولكن نفسية وعاطفية أيضا.

كما يخطئ البعض عندما يتزوجون ثانية، “ويخافون” من الزوجة الجديدة ويرفضون استقبال الأبناء في منازلهم، ويكتفون بلقاءات عابرة أو محادثات هاتفية في المناسبات، ويتناسون أنهم يظلمون أنفسهم قبل أن يظلموا أولادهم.

وأتذكر رجلا “محترما” خصص لطفليه من زواج سابق حجرة في منزله عندما تزوج للمرة الثانية، وأحضر لهم ألعابا وملابس ليستخدموها عند زيارتهم له، “وأخبر” زوجته بوضوح، أن عليها الترحيب بهما، وأنه لا يطالبها أن تكون أمهما، ولكن عليها أن تتعامل معهما بود وصبر، وتدرك أن لهما “حقوقا” لن تنتهي أبدا لديه، ولدى أي أطفال قد ينجبهم منها.

كما يخطئ بعض المطلقين بتوهم أنهم لا يستطيعون تربية الأبناء إذا تركتهن الأمهات، ولم يتمكنوا من الزواج الثاني، فقد نجح رجال في ظروف مماثلة في تربية الأولاد، وتمكنوا من امتلاك مهارات شئون البيت، مع الاستعانة ببعض المساعدات المدفوعة من آن لآخر.

3- وللنساء أخطاء!

ونأتي إلى أخطاء النساء، وأبرزها “المن” على الأبناء ليلا ونهارا؛ لأنها لم تتزوج ولم تقم “برميهم” للخلاص منهم كما تفعل معظم النساء، وكما توصيها الصديقات حتى “تعيش” حياتها.

وأحترم بالطبع شعور المطلقة بالمعاناة بعد الطلاق، ولكنني أتمنى ألا تحمل أطفالها ما لا يطيقون، وأن تحسم أمرها سريعا، فإذا أرادت الزواج ووجدت زوجا مناسبا “واطمأنت” إلى أن هناك من سيقوم برعاية أولادها، سواء كانت والدتها أو والدة طليقها، فلتخبرهم بذلك بود، وتؤكد أنها لن تتخلى عنهم، ولكنها “تحتاج” من يشاركها حياتها، وتواصل اهتمامها بهم بعد زواجها، وتتصل بهم هاتفيا عدة مرات يوميا لتتواصل معهم نفسيا وعاطفيا، وتحرص على لقائهم دائما لتعوضهم عن غيابها.

وإذا لم تجد الزوج المناسب أو لم ترغب في الابتعاد عن أولادها فلا داعي للمن عليهم طوال الوقت؛ لأنه يسرق منها فرصها في قضاء أوقات سعيدة مع أولادها، كما “يحرضهم” على الضيق منها، فلا أحد يحب العيش أسيرا للمن أو تحت الإحساس بالذنب بأنه يعيش على “أنقاض” حياة غيره، فخسائر المن تكون من نصيب الأم والأبناء معا، بينما “مكاسب” الشعور بالرضا عن حياتها وعن اختيارها “التفرغ” لتربية الأبناء وبأنهم “يستحقون” ذلك وأن نجاحها في دورها كأم ووضعه على قائمة أولوياتها، سيعود بالخير عليها وعلى الأبناء أيضا.

وتخطئ بعض الأمهات عندما “تتوهم” أنها لن تستطيع وحدها تربية أبنائها “وتتناسى” أن معظم الأمهات في كل زمان ومكان هن اللاتي يتولين تربية الأبناء، إما لانشغال الآباء أو لافتقادهم لمهارات التربية أو “لتهربهم” من المسئولية.

وتظلم بعض المطلقات أنفسهن عندما يعشن في سجن “قلة الحيلة”، ويتوقعن أن يقوم الأهل بالنيابة عنهن بتربية أولادهن، مما يفقدهن دورهن كأمهات، والأذكى الاستعانة بالخالق عز وجل أولا، ثم السعي لامتلاك مهارات حسن التربية والاستفادة من خبرات مطلقات تمتعن بالذكاء ورفضن السماح لقلة الحيلة بالاقتراب منهن فسعدن هن وأولادهن.

أخيرا بإمكان المطلِّقين دائما اختيار حياة أفضل بعد الطلاق لهم ولأولادهم، وهو ما أدعو لهم به من كل قلبي

زر الذهاب إلى الأعلى