الأدب و الأدباء

الصراع النقدي بين تياري القِدم والحداثة

بقلم / أ : مُصعب أبوبكر أحمد

وبما أن الأدب هو : الكلام الذي يُعبر عن العقل والعاطفة ، إذاً ينبغي أن تُنزع عن الأدب كل القيود ونحرره من محرماته الإجتماعيّة ؛ بنفوذنا إلى سر قوته ، وعندئذ قد يصير مستطاعاً أن نصنع تاريخ الأدب من جديد . بل تاريخ الناس في المجتمع استناداً إلى حوار مبدعي الكلام ، والأساطير والأفكار ، لأن تلك القيود التي يفرضها كل من أنصار الفريقين ماهي إلاّ تكبيل للأدب ، والحد من قوته في إتمام رسالته ؛ لأنها ذات علاقة وثيقة بالأذواق . يقول الشايب : ( الشعراء والكتاب كثيرون ! وآثارهم الأدبيّة صور لشخصياتهم المتباينة فلا بد أن تختلف الآثار تبعاً لإختلاف الأمزجة والأذواق ) بمعنى أن كل منهم يعجبه من النصوص ما يلائم ذوقه ، وبقدر المشابهة بين المنشئ والقارئ يكون إطمئنان الثاني إلى الأول ، وشغفه بأدبه ، وحسن تقديره ؛ لأنه صوّر نفسه ومزاجه .
عليه نرى : أن الخلاف ليس في أيهم أجاد ، ولكن الخلاف في أيهم أشعر !! .
ومما وجدناه قد أطل برأسه أنه كلما همّ المحدثون بالتجديد أوجدوا في النقد مشاكل لم توجد فيه من قبل ، وكلما آثروا الإبتعاد عن روح القديم ، أمعن النقاد في التخاصم والجدل . ففي الأدب عصران طويلان يشطرانه شطرين : عصر القدماء ، وعصر المحدثين . فلما بدأ الشعر العربي يتغير في أوائل القرن الثاني الهجري ، أخذ النقد الأدبي يتغيّر ، ويخوض فيما جاء به المحدثون . ونحسبه خطراً يهدد عرش الشعر العربي وقد يأتي يوم لا نجد فيه مساراً واضحاً أو منهجاً يستند عليه . يقول طه أحمد إبراهيم : (حال الشعر العربي حيث ورثه المحدثون ورثوه صحيحاً قوي العبارة وآضحها ، جزل التراكيب ، ولاتزال فيه روح البداوة في النهج والصياغة والخيال والمعنى… ) . آخذين في الإعتبار أن الأصل في ظهور هذا الإتجاه أنه في ذلك القرن – الثاني الهجري – جاءت الدولة العباسيّة وقد وتوطدت الصلاة بين العرب والدول التي أخضعوها ، واكتمل الإتفاق والتفاهم بالمعاهدة والإقامة والولاء ، فما كان همهم التجديد بمعناه الحديث ، ولايعنيهم في شيء ، ولكن كان همهم موافقة شعرهم لمرابع اللهو والغناء والمجون ، وليست عبارة الشعر الجديد أرق من عبارة كثير من الشعراء الجاهليين…

* الأسلوب دراسة بلاغيّة – أحمد الشايب – ط التاسعة 1995
* تاريخ النقد الأدبي عند العرب – طه أحمد إبراهيم – مكتبة الصفاء

زر الذهاب إلى الأعلى