اسليدراهم المقالاتحصرى لــ"العالم الحر"

مفارقات على شاشة الجزيرة

كتب : محمد عبد الحميد
المهنية وحرية التعبير والرأى والرأى الآخر كلها شعارات براقة تبنتها شبكة الجزيرة ادعاءا للمصداقية والحياد فى نقل الأحداث لكن المتابع لهذه الشبكة يرصد مفارقات عديدة على شاشاتها فى نقل الأحداث المتشابهة بطرق مختلفة مما يؤكد ازدواجية المعايير فى نقل الأحداث حسبما تقتضية السياسة والمصلحة القطرية

ولعله من المفيد قبل استعراض مفارقات الجزيرة إلقاء الضوء بشكل مختصر على ملامح السياسة الخارجية القطرية حتى يتضح لنا طريقة تغطية الجزيرة للأحداث حسب التوجهات القطرية

فمن المعروف أن دولة قطر تبنت خلال السنوات الماضية العديد من التنظيمات والحركات المسلحة ودعمتها ماديا وعسكريا وإعلاميا وأصبح لقطر قنوات اتصال مفتوحة مع هذه الحركات والتنظيمات لكى تستخدمها كورقة ضغط تضغط بها قطر على الأنظمة المختلفة وابلغ دليل على ذلك أن قطر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى تستطيع التوسط بين هذه الحركات والدول المختلفة فقد توسطت قطر بين حركة طالبان والولايات المتحدة الأمريكية فى عملية إطلاق سراح بعض معتقلى الحركة من معتقل جوانتنامو وتعهدت قطر بتنفيذ بعض شروط هذه العملية ومن أهمها بقاء هؤلاء المفرج عنهم لمدةعامين تقريبا على الأراضى القطرية قبل عودتهم إلى افغانستان كما هللت الجزيرة لنجاح الوساطة القطرية بين اثنتين من قبائل ليبيا ومنذ أيام توسطت قطر بين الحكومة اللبنانية وجبهة النصرة فى سوريا لتبادل بعض الأسرى من الجانبين

أما فى سوريا فقد دعمت قطر معارضى الأسد وأمدتهم بالسلاح وكان من الطبيعى إن تلتقى هذه السياسة القطرية فى سوريا مع السياسة التركية هناك لالتقاء المصالح فشكلا مايشبه التحالف وتبنت الجزيرة الدفاع عن تركيا

وبعد هذا الاستعراض لبعض ملامح السياسة الخارجية القطرية يبدو لنا دور الجزيرة فى تنفيذ هذه السياسة حرفيا ويبدو ذلك جليا من خلال العديد من المفارقات التى تظهر يوميا على شاشتها والتى يمكن استعراض بعضها من خلال العناصر التالية

اولا: تهاجم الجزيرة روسيا بشدة بعد دخولها الحرب مع الأسد فى سوريا وتحملها المسئولية عما يحدث هناك من دمار ولاتذكر الجزيرة من قريب أوبعيد دور أنصارها هناك فى دمار سوريا بل وتحرص الجزيرة فى تغطيتها للأحداث السورية على تخصيص الجزء الأكبر من التغطية للدمار الذى أحدثته روسيا تحديدا هناك وأنا لست هنا أدافع عن روسيا أو الأسد ولكنننى استعرض طريقة تناول أحداث من قبل قناة بلغة السياسة والمصالح و تدعى الحيادية فمنذ أيام كان الخبر الأول على شاشتها (مقتل 44مدنيا فى سوريا جراء الغارات الروسية) ثم استضافت المذيعة احد المحللين الروس للتعليق على الخبر إلا أن المحلل الروسى أراد من المذيعة أن تثبت له أن الصور الملتقطة هى من المنطقة التى تتحدث عنها وانه تم التقاطها اليوم وان تثبت أن الطيران الروسى تحديدا هو الذى تسبب فى ذلك وان تثبت أيضا أن عدد الضحايا كما قالت فلم تجد المذيعة ماترد به وبعدها بيوم واحد ادعت الجزيرة نشر تقرير دولى عن قيام روسيا بقصف محطة المياه الرئيسية فى حلب وتسبب ذلك فى حرمان مليون و400الف من المياه ثم استضافت الجزيرة مسئولة من هذه الجهة الدولية التى نشرت التقريروماقالته المسئولة كان مفاجأة فقد قالت إن أزمة المياه هذه ليست بسبب القصف الروسى اليوم ولكنها بسبب حرب الأطراف المختلفة وان المشكلة ليست وليده قصف اليوم وان العدد المذكور هو من خارج حلب وأنا اؤكد مرة أخرى أننى لا أدافع عن روسيا أو الأسد بل استعرض تغطية غير مهنية

ثانيا : ما فعلته الجزيرة فى تغطيتها لحادث إسقاط تركيا طائرة مقاتلة روسية كان حقا مثيرا للضحك فقد دافعت الجزيرة عن تركيا أكثر من دفاع تركيا عن نفسها وحاولت تكذيب كل المعلومات الروسية حول هذا الموضوع فقد قالت روسيا إن لديها من الأدلة مايثبت تورط اردوجان وحكومته فى شراء النفط من داعش وان الاصرار المتكرر لاردوجان على اقامة منطقة عازلة بين تركيا وسوريا ليس بهدف حماية اللاجئين بل هدفه اخفاء عمليات سرقة النفط وبثت شريطا مصورا لأحد المعابر الحدودية بين سوريا وتركيا ويوضح خروج شاحنات النفط منه حاولت الجزيرة بشتى الطرق أن تكذب ذلك وتدعى أن المعبر هو بين تركيا وإقليم كردستان العراق والحقيقة أن روسيا ليست غبية لكى تنشر صورا كاذبة فالشخص العادى يستطيع الدخول على(جوجل ايرث) ليتأكد بنفسه من مكان المعبر الحدودى المذكور

ثالتا: لأن قطر دخلت فى تحالف مع السعودية ضد الحوثيين فى اليمن ويشن طيرانها العديد من الغارا ت الجوية يوميا هناك لا تتطرق الجزيرة من قريب أو بعيد إلى الدمار الذى يخلفه هذا القصف وفى الوقت الذى تتحدث فيه كثيرا عن الضحايا المدنيين ومعاناتهم فى سوريا لم تذكر أبدا وجود ضحايا مدنيين جراء قصف اليمن

رابعا :ولان هناك تحالف بين تركيا وقطر لاتتحدث الجزيرة مطلقا عما ارتكبته تركيا من مجازر بحق ا لاكراد فى جنوب شرق تركيا ودخول الجيش التركى شمال العراق لقتل الأكراد واعتقال المعارضين وعلى رأسهم زعيمهم عبد الله أوجلان المعتقل منذ أكثر من15عاما ولم تتحدث الجزيرة يوما عن التعاون العسكرى التركى الاسرائيلى والمناورات العسكرية المشتركة ولم تتحدث أيضا عن اعتقال أردوجان الاف اللاجئين السوريين لمنعهم من دخول أوربا من اجل أن يوافق الاتحاد الاوربى على انضمام تركيا اليه

إنها السياسة والمصالح التى جعلت الجزيرة توجه الأحداث كيفما تشاء تنفيذا لسياسة قطر ومصالحها فكفانا حديثا عن مهنية ومصداقية بعد أن تكشفت الأقنعة

 

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر
زر الذهاب إلى الأعلى