أخبار عاجلةأخبار مصرأهم الاخبارالأدب و الأدباءالثقافةالمنيااهم المقالاتحصرى لــ"العالم الحر"

الأديب موسى نجيب موسى يكتب عن البساطة و الدكتور بتاع العيال ( قصة قصيرة )

جمعتنى به الصدفة البحتة فى قطار الصعيد فمبجرد أن وضعت قدمى فى القطار وجدته من بعيد يلوح لى بأن اذهب إليه لان بجواره مكان مناسب للجلوس لى ولم أكذب خبرا ذهبت إليه ورحب بى ترحيبا غريبا كنت اعتقد فى البداية انه وجدنى رجلا كبيرا فى السن وشعرى يغزوه الأبيض فى كل جنباته ويريد ان يصنع معى معروفا المهم جلست وجدته يحدق فى كثيرا ويأتى بأفعال عجيبة كأن يملأ صدره بالهواء ويطلقه فى الزفير دفعة واحدة وكان يرفع يده عاليا ويهوى بها على اى مكان تقابلها سواء شباك القطار المجاور له مباشرة او فى اى مكان بدون هدف محدد لم أبال بكل ذلك بل كان كل الذى يشغلنى ان اجلس وفقط وبعد فترة وجدته يفتح معى الحوار مباشرة ويقول ابنى تاعبنى قوى قوى تصورت إنه يعرفنى ويعرف ( إننى بتاع عيال يعنى ) أقصد ان تخصصى المهنى العمل مع المشكلات السلوكية للأطفال وعزز هذا الاعتقاد داخلى عندما تجاذبت معه اطراف الحوار اننى عرفت أنه من قرية تتبع مديتنا الصغيرة فى وسط الصعيد وقال اسماء لناس كثيرة اعرفها تماما فقلت بينى وبين نفسى يبدو انه يعرفنى تماما لم اجد مفرا امام الحاحه المستمر للحديث معى الا أن ابادله الحوار وبالفعل انصت إليه جيدا وكنت اشرح له – بأسلوب بسيط جدا يتناسب مع طبيعته وتواضع مستواه التعليمى والفكرى حتى يفهمنى -طبيعة حالة ابنه بالتفصيل لانه بالمصادفة كانت من الحالات التى اتعامل معها مهنيا فى المركز الخاص بى وكان كلما قلت معلومة او وصفت له طبيعة الحالة تجحظ عيناه وتتسع جدا وخاصة عندما يتطابق فى ذهنه الكلام الذى اقوله له مع الكلام الذى سبق وان سمعه من بعض المتخصصين الذين طاف عليهم بأبنه ولما استبد به الاستغراب فاجأنى بسؤاله كيف عرفت كل هذه المعلومات الغزيرة عن حالة ابنى فقلت له بهدوء لانه لدينا مركز متخصص يتعامل مع مثل هذه الحالات فعاجلنى على الفور:
– انت بتشتغل مع دكتور مين؟
– قلت له مش بشتغل مع دكتور انا الدكتور
وجدته يصمت تماما ويرجع الى الخلف قليلا ويقول ببطء غريب :
-أنت أيه… قلت أيه.
قلت له:
– انا الدكتور هو فيه حاجة غريبة ….
قال بسرعة باستعراب واندهاش وتعجب أكلوا كل مساحات حب الاستطلاع داخله:
– أنت الدكتور !!!!!
قلت له :
– نعم انا الدكتور.
لم يكن مصدقا لكلامى ولم يقتنع رغم كل ما شرحته له عن طبيعة حاله ابنه أننى بالفعل الدكتور وظل طول المسافة المتبقية الى بلدتنا وبين فترة واخرى كان يقول بصوت عال يكاد يسمعه كل من فى العربة معنا وليس كذلك فقط بل كل ركاب القطار .. انت الدكتور ظل يكررها ويرددها وانا ابتسم له فى هدوء حتى وصلنا الى محطة مديتنا فى وسط الصعيد ولم يشأ ان يتركنى وشأنى بل عندما ودعنى على رصيف المحطة لم يقل أكثر من كلمتين فقط …. أنت الدكتور؟ !!!!

احمد فتحي رزق

المشرف العام
زر الذهاب إلى الأعلى