اهم المقالاتمقالات واراء

صنع الحداد: الصراع العنیف بين الشعب الإيراني والنظام

احجز مساحتك الاعلانية

في الثقافة العربية، يُقال “بيننا ما صنع الحداد”، وهو مثل يشير إلى وجود خلافات عميقة وصراعات شديدة بين الأطراف. ينطبق هذا المثل بشكل مثالي على العلاقة بين الشعب الإيراني والنظام الحاكم، حيث يشهد التاريخ المعاصر لإيران سلسلة من الانتفاضات والثورات التي تعكس الصراع المستمر بين الجانبين.

تاريخ من الانتفاضات

منذ الثورة الإسلامية في عام 1979، لم يتوقف الشعب الإيراني عن التعبير عن استيائه ومعارضته لسياسات النظام. الانتفاضات العديدة التي شهدتها البلاد تمثل دليلاً واضحاً على الهوة العميقة بين الشعب والنظام.

انتفاضة 2009:

كانت الانتفاضة في عام 2009 واحدة من أبرز الانتفاضات في تاريخ إيران الحديث. اندلعت هذه الحركة بعد الانتخابات الرئاسية التي اعتبرها الكثيرون مزورة، والتي أُعلن فيها فوز محمود أحمدي نجاد. خرج الملايين إلى الشوارع احتجاجاً على نتائج الانتخابات والمطالبة بالعدالة والديمقراطية. رد النظام كان قمعياً بامتياز، حيث استخدم العنف والاعتقالات الجماعية لإسكات المحتجين.

احتجاجات 2017-2018

في أواخر عام 2017 وبداية عام 2018، شهدت إيران موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبية. هذه المرة، كانت الأسباب أكثر تعقيداً، حيث شملت الأزمات الاقتصادية والفساد وسوء الإدارة. المتظاهرون رفعوا شعارات تنادي بتحسين الأوضاع المعيشية ومحاسبة المسؤولين الفاسدين، مما جعل النظام يشعر بالتهديد ويستخدم القوة لاحتواء الاحتجاجات. وهنا رفع المتظاهرون شعار “الاصوليون والإصلاحيون انتهت اللعبة”.

احتجاجات 2019: ارتفاع أسعار الوقود

في نوفمبر 2019، ارتفعت أسعار الوقود بشكل مفاجئ، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات واسعة في جميع أنحاء البلاد. كانت هذه الاحتجاجات سريعة الانتشار وعنيفة، حيث أظهرت مدى الغضب الشعبي تجاه السياسات الاقتصادية للنظام. مرة أخرى، كان رد النظام عنيفاً، حيث قُتل وأصيب الآلاف وتم اعتقال العديد من الناشطين.

انتفاضة 2022: احتجاجات بسبب مقتل مهسا أميني

في عام 2022، اندلعت احتجاجات واسعة عقب وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها من قبل “شرطة الأخلاق” الإيرانية. وفاة أميني أثارت موجة من الغضب الشعبي ضد النظام، حيث اعتبرها الكثيرون رمزاً للظلم والقمع الذي يمارسه النظام ضد المواطنين، وخاصة النساء. الاحتجاجات كانت واسعة النطاق وشملت مختلف المدن الإيرانية، مما أثار ردود فعل دولية واسعة.

أسباب الصراع

الأسباب التي تقف وراء هذا الصراع المستمر بين الشعب الإيراني والنظام متعددة ومعقدة. من بين هذه الأسباب:

القمع السياسي

النظام الإيراني يعتمد على قمع الشعب في الداخل كوسيلة رئيسية للحفاظ على سيطرته. استخدام القوة والعنف ضد المعارضين والمنتقدين أصبح ممارسة شائعة، مما يعمق الشعور بالظلم والاستياء بين المواطنين.

الأزمات الاقتصادية

اقتصاد النظام يعاني من أزمات متعددة، منها التضخم والبطالة وسوء الإدارة مما يؤدي إلى تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين ويزيد من غضبهم تجاه النظام وذلك بسبب سياسات النظام.

الفساد

الفساد المستشري في مؤسسات الدولة يُعتبر أحد أكبر الأسباب التي تؤجج الصراع بين الشعب والنظام. الكثير من الإيرانيين يشعرون بأن ثروات البلاد تُنهب من قبل النخبة الحاكمة أو تنفق في مشاريع نووية وصاروخية أو يتم صرفها على وكلاء النظام في الخارج بينما يعاني الشعب الإيراني من الفقر والحرمان.

الحريات الشخصية

النظام الإيراني يفرض قيوداً صارمة على الحريات الشخصية، خاصة فيما يتعلق بالحقوق المدنية وحقوق النساء. هذه القيود تؤدي إلى شعور واسع بالاختناق والرغبة في التغيير بين المواطنين.

المستقبل والتحديات

الصراع بين الشعب الإيراني والنظام لا يظهر أي بوادر للتراجع. الانتفاضات المتكررة تعكس رغبة عميقة لدى الشعب في التغيير وإسقاط النظام. وهذا ما يتجلي في عمليات شباب الانتفاضة ووحدات المقاومة التي تعمل على إبقاء شعلة الانتفاضة والاحتجاج متقدة.

التحديات التي تواجه الشعب الإيراني في نضاله ضد النظام كبيرة، لكن الإصرار على تحقيق العدالة والديمقراطية يظل قوياً. الواضح هو أن الشعب الإيراني لن يتوقف عن السعي نحو حياة أفضل وحكومة أكثر عدلاً.

في الختام، يمكن القول أن العلاقة بين الشعب الإيراني والنظام الحاكم تظل متوترة ومعقدة، تُشبه تماماً ما يُعبر عنه المثل “بيننا ما صنع الحداد”. هذه العلاقة المليئة بالصراعات والخلافات تعكس عمق الهوة بين تطلعات الشعب وسياسات النظام، وهو ما يجعل مستقبل إيران مليئاً بالتحديات والأمل في نفس الوقت حتى يتم الإطاحة بالنظام وتحقيق ما يريده الشعب أي إقامة جمهورية ديمقراطية.

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى