الأدب و الأدباءالثقافة

أنا دائما علي صواب ؟!

كتبت / مها حامد عبدالسميع

هتدخل كلية الطب وسيبك من الكلام الفاضى بلا سياحة وفنادق بلا كلام فارغ انا ابوك وفاهم وعارف عنك ؟!
هتدخلي كلية الصيدلة انها مستقبل البنت بلاش كلام فارغ .. قال معهد التمثيل قال ?! انا امك وعارفه الصح وفاهمة عنك وبكرة تقولي كتر خيرك يا ماما !؟
ده واقعنا فدائما نحن علي صواب ومن سوانا علي خطأ و ننسي ان نسأل انفسنا لماذا نحن ؟؟ ولماذا ليس هم من كانوا علي صواب ؟؟
فجميعنا نتعصب وننحاز لأفكارنا ونربي اولادنا علي التعصب بإحتراف ؟!
أنا و أنت و هو وهي آحادى الرأى و بإمتياز , وقناعتنا أننا على الصواب المطلق .
شعارات حقوق الإنسان والمساواة وحرية الفكر والابداع شعارات نرددها عمال علي بطال , لكن تقلب وجهك وتصبح متعصب بإمتياز مع المختلف معاك في الرأى او الفكر مع سبق الترصد والاصرار .
لو نظرت في مجتمعك ستجد اننا كلنا نمارس احادية الرأى علي كل لون سواء في المدرسة او السياسة او الاعلام .
بداية من المدرسة حيث أن إجابات الإمتحان مقيدة بالنموذج الوزارى بجمل محددة منسوخة من الكتاب المدرسي لا يسمح للطالب بتغيير حرف أو جملة فالاجابة مشروطة بالنص الوزارى وإلا كان مصير الطالب الصفر بمنتهى الظلم و الجبروت .
وحين نضع إجابات أسئله الإمتحان نختار نموذج إجابات إختيار أما الجملة صواب أو خطأ فيتعلم الطالب أنه الإجابة محصورة بين الأبيض والأسود . في ذات الوقت نجد العالم المتحضر يتجه للتعامل بمنطق الإجابات الصحيحة المتعددة
وكذلك امام الصلاة لا يجوز مناقشته فيما يقول في الخطبة ولو حتى من باب المعرفة وإن ناقشت العلم الشرعي وجادلت أتهمت بالكفر والفجور والألحاد .
حتى مع اهلك فكل ما يردداه مطاع وبلا نقاش وإلا اتهمت بعدم التربية وانعدام الاخلاق .
وترى التعصب الفكري ممثل في أعلي مراحله فيما يطلقون علي أنفسهم النخبة وهم يطلون علينا من علي شاشات التلفزيونات فيبدأون الحوارات بتبادل الإبتسامات ورفع اللياقات البيضاء وضبط الكرافتات ومع أول اختلاف في الآراء والأفكار نستمع الي السباب ووصلات الردح وتراشق الألفاظ ومن ثم تبدأ معركة المياة المرشوشة حتى نصل إلي فقرة الأحذية المتطايرة .
ومحصلة كل هذا علمنا أولادنا انه لا يستطيع التفكير خارج الصندوق .
وبالتالي نكتشف أننا نجتمع في أمر غالبا , وهو أننا أحاديي التفكير ، ونادرا مانتقبل الرأي الآخر . ونتنازع بل ونقاتل في سبيل نصرة مواقفنا والدفاع عن أفكارنا . وتهميش الرأي المخالف وصاحبه حتى أننا نمارس النرجسية المعلنة .
أن الرأي القائل ( إن لم تكن معي فأنت ضدي ) إنغرس لا شعوريا في داخل أنفسنا من حيث لانشعر ، وذلك نتيجة الإستماتة في الدفاع عن أرائنا ومعتقداتنا .
فمشكلتنا تكمن في طبيعة ثقافتنا لا ديننا لأن ديننا دين علم وإبداع. أما شرقيتنا وعاداتنا الموروثة تفرض علينا أحادية الفكر وعدم تقبل الآخر وإحتكار الصواب ونسينا أو تجاهلنا المقوله الشهيرة (( رأى صواب يحتمل الخطأ ؛؛ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب ))
لابد أن يكون أساس تعاملنا الحوار الهادئ الراقي فقد تجد أن ماكنت تعتقده صواب هو خطأ و أنك تعيش في واقع مظلم حبيس أفكارك وآراء من هم علي شاكلتك .
أفتح أفق الحياة وحاور من تختلف معهم ولا تغلق نوافذ الفكر والحوار بحجة واهيه لتثبت لنفسك إنك علي صواب فليس عيب أن تتراجع عن نظرتك لبعض الأمور بل العيب كله أن تستمر أعمى البصيرة
ورضى الله عن عمر بن الخطاب فقال : رحم الله امرئ أهدى إلي عيوبي
أننا يا أصدقائى نحتاج لسنوات ضوئيه حتى نصل للتقارب وتقبل الاخر طول ما العصبية الفكرية او العرقيه او الحزبيه موجوده .
فالمفترض أن الإختلاف فى الآراء لا يفسد للود قضية و أن الإختلاف يثرى العقول و يجعل الأذهان تتفتق عن أشياء جديدة لم تكن تلتفت إليها , فمن الجميل أن تؤثر وتتاثر !
و لكن للأسف ما نراه الآن أن إختلاف الرأى يفسد للود قضايا بل قد يلجأ بعض المتشددين إلى تكفير مخالفيهم فى الرأى ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فلا تتدعى المثالية لانك جواك نرجسي صغنون في قمقم محبوس منتظر لحظة الانطلاق .
وتقبلوا منى كل الشكر والتقدير والامتنان .

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر
زر الذهاب إلى الأعلى