اسليدرالسياحة و الأثار

باحث أثري : الفانوس والمدفع والمسحراتي عادات مصرية تطورت في عصر الفاطمية

قال الباحث الآثري أحمد عامر أن فانوس رمضان الذي يُعتبر من العلامات المميزة لشهر رمضان في الريف والحضر،ففي صدر الإسلام إستُخدم الفانوس للأضاءة ليلاً أثناء توجه المسلمين إلي المساجد والجوامع أو أثناء زيارة الأقارب أو عند خروج القضاة ليلاً لرؤية هلال رمضان،وقد ذكر “الفيروزابادي” الفانوس بمعني “النَّمَّام” في القاموس المحيط،وفي بعض اللغات السامية يُسمي “الفناس”،ويُحكي أنه عندما دخل الخليفة “الُمعز لدين الله الفاطمي” القاهره المعزية في الخامس والعشرين من رمضان خرجت جموع الشعب لإستقباله بالشموع والقناديل والفوانيس والمشاعل،وفي العصر الفاطمي تحول الفانوس من وظيفته الأساسية إلي وظيفة ترفيهية فإزدانت به المنازل ولعب به الصغار بإمساكه في الطرقات وهم يُغنون ويطلبون الحلوي من الماره في الطريق،وكان الفانوس يُوضع علي مآذن الجوامع ويُجري إطفاءه علي بداية الإمساك لتذكير المسلمين بصوم اليوم التالي أما اليوم فتُعلق الفوانيس والأوراق الملونه ونماذج مُصغره للجوامع بين شرفات البيوت وفي الشوارع،ويتم صناعة الفانوس في حي “الدرب الأحمر” وقد بدأت صناعته قديماً من الحديد والزجاج ويُضاء بالشمع أما الآن فقد دخلت عليه أفكار وأشكال حديثة فصُنع من البلاستيك ووضع به شريط عليه مجموعة من الأغاني بداخله وصار يُدار ببطارية .
وتابع “عامر” أن جملة “مدفع الإفطار إضرب..مدفع الإمساك إضرب” قد إعتاد المصريون بدء إفطارهم بعد غروب الشمس وإمساكهم قبل طلوع الفجر طوال شهر رمضان دون أن يعرفوا مصدر هذا التقليد أو حتي متي كانت بدايتهِ!،ويختبف العلماء المصريون حول تاريخ بدء إستخدام مدفع رمضان الذي يصل عمرهُ إلي ما يقرب حوالي 560 عاماً تقريباً،فمنهم من يُرجعُهُ إلي عام 859هـ/1454م وذلك أثناء حكم والي مصر العُثماني “خشقدم” عندما أهداه صديق ألماني مدفعاً إختبره جنوده وقت غروب الشمس في رمضان فذهب العلماء والأعيان بعد ذلك إلي الوالي يطلبون منه إستمرار هذه العاده خلال شهر الصيام ولكنه كان بالخارج فقابلوا زوجتهِ الحاجة فاطمة التي نقلت طلبهم إلي زوجها فوافق ومنذ ذلك عُرف مدفع رمضان باسم “الحاجه فاطمة” ومن يومها أصبح إطلاق المدفع في رمضان تقليداً شعبياً وكان يعمل بالذخيرة الحيه حتي عام 1859م،وفي بادئ الأمر كان المدفع بالقلعة ثم نُقل إلي نقطة إطفاء الدِّرِّاسة،ثم إلي مدينة البعوث بالقرب من جامعة الأزهر إلي أن إستقر حالياً فوق هضبة المقطم،ونظراً لتزايد الكثافة السُكانية بالقاهره وُضعت خمسة أماكن مختلفة حتي يسمع جميع الصائمين صوتها في أنحاء المدينة .
وأشار “عامر” إلي مهنة “المسحراتي”أو”المُسحِّر” بإعتباره رجلاً مميزاً فعمله في هذه المهنة يكون من خلال هذا الشهر فقط،ومهنته يقصد بها المسلمون ذلك الشخص الذي يُوقظ المسلمين في ليالي شهر رمضان لتناول وجبة السحور فقد ورد في الحديث النبوي الشريف “تسحَّرُوا فإن في السحور بركة”،وكان التسحير في عهد الفاطميين يجري من خلال رفع الأذان في المساجد والجوامع لتذكير المُسلمين بموعد السحور ثم أصبح يجري بعد ذلك عن طريق الشُعراء المارين في الطُرقات والذين كانوا يتغنون بأبيات الشعر المُرتبطة بهذه المناسبة الدينية،وقد بدأت هذه المهنة في الإتساع في عصر الخليفة “الحاكم بأمر الله الفاطميَّ” الذي أصدر أوامره بأن ينام الناس بعد صلاة التراويح وكان جنوده يمرون علي المنازل ويدقون أبوابها لإيقاظ المسلمين النائمين ليتسحروا،وفي عصر المماليك كانت القناديل تُعلق فوق المآذن كما كان أصحاب الأرباع يطُوفون علي المنازل وهم يدقون علي “البازة” وهي “الطبلة الصغيرة” حالياً،وفي عصر السلطان المملوكي “الناصر محمد بن قلاوون” كان “ابن يقظة” أول سحَّار محترف في مصر،وفي عصر محمد علي باشا الكبير بدأ تجوال المسحراتي في الشوارع المخصصه له مُمسكاً في يديهِ طبلة وعصا وكان بصحبته غلام أو إثنان يحملان له قنديلاً لإنارة طريقهُ .

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر
زر الذهاب إلى الأعلى