اسليدرالأدب و الأدباء

من دفتر الوفاء ،- عشق الصين وهمت لاشين

بقلم : إبراهيم خليل إبراهيم

وصلني.. من الأديبة همت لاشين كتابها القيم ( عشق الصين ) الذي صدر في طبعة أنيقة وفاخرة.
يقع المؤلف الراقي في 180 صفحة من القطع الكبير مدعوما بالصور الملونة والواضحة ومن ثم استخدم الكتاب أكثر من وسيلة لإبلاغ الرسالة المرادة فبين حديث القلم عدسة الكاميرا تستطيع أن تثق في المنتج ومنتجه حيث لم تهمل الكاتبة دور المتلقي واحترام تعدد توجهاته
ويعتبر الكتاب من كتب أدب الرحلات والسير ومن خلال العنوان قد يتسائل القاريء : لماذا اختارت العنوان ..( عشق الصين ) ؟.
أجابت المبدعة همت لاشين في الصفحة الخامسة عندما قالت : ( فكرت كثيرا إلى من أهدى هذا الكتاب ؟ ووجدت نفسي أفكر في قائمة طويلة من الأسماء والشخصيات .. هل أهدى الكتاب إلى والدي الذي كان صاحب رؤية وبعد نظر فشجعني في بداية المشوار على دراسة اللغة الصينية في وقت كانت فيه الأذن العربية تتعجب من سماع كلمة الصين أو السفر إلى بلاد الصين .. أم أهدى كتابي إلى زوجي وأولادي الذين ساندوني ووقفوا إلى جانبي وسمحوا لي بالبعد عنهم أياما طويلة لسفري إلى الصين ؟( .
في الصفحة الخامسة نجد دعوة الأديبة همت لاشين الحكم ذات العمق والتجارب الحياتية فها هي تقول : أدعو كل من يتعلم لغة أجنبية أن يتعامل مع شعبها عن قرب وأن يكون متفتحا على معرفة عاداتهم وتقاليدهم وطبائعهم ويتعلم دقائق حياتهم ويجتهد لترسيخ مزيد من التقارب والحوار والتأثر والتأثير الإيجابيين لبناء جسر للتواصل بين الشعوب ).
هى بذلك عزفت على وتر الحقيقة لأن اللغة ممارسة وتواصل وكلما تعامل الإنسان مع من يجيد لغة ما أجاد التعلم ومن ثم النطق الصحيح لتلك اللغة ونجد ذلك في منطقة الأهرام والأماكن السياحية حيث نجد الإنسان البسيط الذي لا يقرأ ولا يكتب ولكنه يتحدث الإنجليزية والفرنسية واللغات الأخرى بطلاقة مع الأجانب من السائحين أثناء زيارتهم للأهرام والأماكن السياحية .
انطلقت همت لاشين مع عشق الصين وتعرفت عن قرب على عادات وتقاليد ومعتقدات وأخلاقيات وطقوس الشعب الصيني وتوصلت إلى أنه يتكلم بالحكمة ويعتز بتاريخه .
نواصل الإبحار مع الأديبة همت لاشين ونشاركها ( عشق الصين ) ونصل معا إلى الصفحة 11 حيث ذكرت أن كتابها يحتوى على هذه الفصول :
طريق الألف ميل يبدأ بخطوة .
رحلة دراسية إلى الصين .
عشق الصين .
الرقم 4 عند الصينيين .
الإمارات ومرحلة جديدة بيني وبين الصينيين .
مدن صينية في قلبي .
الصين عادات ومناسبات .
متفرقات .
إذا دلفنا إلى الفصل الأول من كتاب المبدعة همت لاشين ( عشق الصين ) جاء بعنوان طريق الألف ميل يبدأ بخطوة .. وهذا العنوان هو أحد الأمثال الشعبية في الصين وتردده كل شعوب العالم وفى ذات الفصل نتعرف على بداية عشق همت للصين فبعد أن حصلت على شهادة الثانوية العامة قدمت أوراقها للالتحاق بكلية الألسن جامعة عين شمس وقد لفت انتباهها أن من بين أقسامها قسم اللغة الصينية فسألت نفسها : هل هناك إقبال على هذا القسم ؟ …وهل من الممكن أن تتحدث في يوم ما بتلك اللغة الصعبة ؟؟ .
تلاشت تلك الأسئلة عندما شجعها والدها على الالتحاق بقسم اللغة الصينية وبدأت همت رحلتها مع هذه اللغة وتقابلت لأول مرة مع أستاذها جوا لاوشيه الذي أختار لها هذا الاسم الصيني
( سى منت ) حيث إن الأسماء في اللغة الصينية عادة ما تتكون من مقطعين أو ثلاثة مقاطع .
ثم تحدثت همت لاشين عن كونفوشيوس الفيلسوف وماو تسي تونغ الزعيم الصيني لأن تعاليم كونفوشيوس أثرت بشكل كبير في تفكير وسلوكيات الصينيين حيث توافقت تعاليمه مع فكر هذا الشعب العظيم فالمتتبع لتعاليم وحكم هذا الفيلسوف الحكيم يجدها تدعو إلى المحبة وتقديس الأسرة والتحلي بأدب الخطاب مع الآخرين بالإضافة إلى كراهية الظلم والطغيان وضرورة عمل الحكومات لخدمة شعوبها كما تحث الإنسان على طلب العلم وهنا تبرز قيمة هذا القول ( سلح عقلك بالعلم خير من أن تزين جسدك بالجواهر ) .
أما الزعيم الصيني ماو تسي تونغ فيعد الرمز الروحي للأمة الصينية فهو المؤسس لجمهورية الصين الشعبية والذي أعاد استقلالها في الأول من شهر أكتوبر عام 1949 م كما علم شعبه كيف يكون تقديس الوطن والكفاح والعمل من أجل تقدمه حيث قال :
( سوف نخلق حضارة تهتز لها الأمم من حولنا ) وها هي مقولته هذه تحقق برغم رحيله في التاسع من شهر سبتمبر عام 1976 م .
في رحاب حكم ونصائح وتعاليم كونفوشيوس وماو تسي تونغ طافت بنا همت لاشين ونهلنا معها الكثير .
وإذا دخلنا الفصل الثاني تعرفنا طالبة العلم همت لاشين على رحلتها الدراسية إلى الصين والتي بدأت يوم الأربعاء الرابع عشر من شهر سبتمبر عام 1983 من القاهرة عاصمة جمهورية مصر العربية عبر كارتشي باكستان ثم بكين الصين .
من خلال الموهبة الأدبية نجد في الفصل ذاته رصدها لكثرة الدراجات في شوارع بكين فأيقنت إنها وسيلة المواصلات الرئيسية كما أسترعى انتباهها النظام والهدوء واحترام الشعب الصيني للضيف .
وصلت همت إلى معهد بكين للغات الذي تحول اسمه إلى جامعة بكين للغات والثقافة وبدأت رحلة الدراسة وفى خاطرها نصيحة والدها بضرورة الاهتمام بالصلاة والدراسة والعودة لمصر بشهادتها الجامعية .
زارت همت سور الصين العظيم أحد عجائب الدنيا السبع ورمز الأمة الصينية لقوة حضارتها القديمة كما لبت دعوة أستاذها جوا وزوجته وزارتهما فى المنزل واسترعى انتباهها العيش في بساطة وقناعة ونظام .
مضت السنة الدراسية كحلم جميل لا يفارق طيفها وعادت للوطن .. مصر .. ومعها شهادة نجاحها في دراسة اللغة الصينية وأخرى في عشق الصين .
بدأت همت لاشين تشارك في الأنشطة الثقافية والفنية التي تقام بالجامعة بهدف تواصلها مع الشعب الصيني ولغته وبعد حصولها على ليسانس الألسن حصلت على تمهيدي الماجستير وحرصت على الكتابة الصحفية والنشر باللغتين العربية والصينية .
في شهر أغسطس عام 1985 بدأت رحلة العمل في شركة صينية بالقاهرة وتعد المصرية بل والعربية الوحيدة بين فريق العمل الصيني ومع الأيام تواصل نجاحها

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى