اسليدرالأدب و الأدباء

بيكيا

بقلم : حنان فهمي

بهذه السهولة استطعت الاستغناء عني،
وبهذا الثمن البخس،
طوال هذه السنوات اتحمل معك ومنك
كنت اشاهدك واسمع قصصك، أحاديثك،
كم تحملت ثقل أحزانك ولم اشتكي
شاهدت حبًا، وفُراقًا وبكاءً وكمًا هائِلًا من الدُموع
كنت تبكين سرا، على كتفي حتى لا يراكي أحد،
كنتي تخبئي وجهك عندي،
لقد ابتللت يدي بمَ يكفي من دموعك،

حتى تأملاتك، وأفكارك
كنت استمع إلى قصصك وكتاباتك، التي كنتي دائماً تقرأيها بصوت منخفض،
كان يعجبني خيالك الخصب فيها،
كم تمنيت يوماً أن تكتبي قصتي معك،
من أجمل الأوقات التي كنت أسعد بها معك صلواتك وخشوعك، دعائك حتى مطلع الفجر,
عاما كاملاً بعد الحادث الذي وقع لك وكنت لا ترتاحين إلا معي، كنت استمع لشكواك من الالم وأتمنى لو استطعت أن أزيل عنك كل هذه الالام
لم اكل يوما من اتكائك علي ،

عاما كاملا لم تفارقيني إلا سويعات قليلة،
ساعة اراكي تبكين على ما مضى،
وأخرى تضحكي عند سماعك خبر سار،
مللت من مشاكل اولادك وقصص الحب التي لا تنتهي

يقصها عليكي اولادك، واصدقائهم، عندما يأتون لزيارتك ويلتفون حولك، وأحيانا تعلو أصواتهم،فيعج البيت بالضجيج،
مابين ضحكات وجدال،
حزنك كل مرة تختلفي فيها مع زوجك، كنت أشفق عليكي،

ثم أجدك فجأة في قمة السعادة عندما يهديكي قيراط ذهبي كي يصالحك،
كنت أريد أن أخبرك وقتها أنه يخونك مع سمر صديقتك وجارتك،
كنت اكرهها، عندما تأتي وانت غائبة، ربما تجده وحده، لكنها كانت تصدم عندما يفتح الباب لها أحد أبنائك،

وهي تتلفت بعينيها بحثاً عنه ربما تجده،
كنت اسمعها تنصحك دائماً بالانفصال ،
وعندما تذهبي لتحضري لها مشروبا، تتمتم بكلمات حاقدة على حياتك المستقرة، تقول يا ريتني مكانك،
بيتك هو بيتي وزوجك هو زوجي،
أسمعها وأتمنى لو تكشفي حقدها عليكي،
قد كانت ثقتك بها كبيرة،
كثيرا ما تعمدت أن تسكب المشاريب الساخنة على يدي لتحرقني،

سعادتي كانت كبيرة حين اكتشفتي خداعها ومنعتيها من دخول المنزل مرة أخرى،
أخيراً تخلصت منها،
حتى أحلامك شاركتها معك،
وعندما قررتي ترك المنزل كنت مطمئنة انك لن تتركيني، لأنني رفيقتك المفضلة، ومستحيل أن تستغني عني،
رأيتك يوما تبيعي بعض الأثاث،
فرحت من أجلك فأنتي منذ زمن ترغبين في التغيير،

وفي اليوم التالي،
سمعت صوت من الشارع يعلو
بيكيا…،
ها أنتي تسارعي الخطوات إلى الشرفة مناديه
“ياعم يا بتاع الروبابيكيا”
اسمع صوته الأجش ؛ نعم يا استاذه، عندك حاجة قديمه للبيع،
نعم لدي اصعد لترى بنفسك،
صعد بائع الروبابيكيا السلم، كنت اسمع وقع أقدامه وكأنها طبول الحرب،
وشاهدت وجهه وهو يدخل البيت ونظراته الحادة،
وكانت صدمتي،
عندما شاهدتك تنظري إلي وتسأليه ؛
تدفع كام في” الكنبة “دي ؛
لم أصدق ما اسمع
احقا تشاوري علي!
يرد بائع الروبابيكيا ؛
١٠٠ جنيه يا استاذة
١٠٠ جنيه ده انا شرياها من عشر سنين ب ألف
هو ده اللي عندي يا مدام موافقة ولا امشي ؛
شيل معنديش وقت،
قام بحملي وأصبحت نهايتي في عربية الروبابيكيا.

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى