اسليدرالأدب و الأدباءالثقافةحصرى لــ"العالم الحر"شاهدت لكقرأت لك

اقوى القصص بلد العميان / للأديبة امل البنا

كتبت الأديبة / امل البنا

بلد العميان
في القرية القابعة قرب النهر، أصاب العمى سكانها ذات صباح، تعالى نحيبهم وصرخاتهم وهم يجوبون حاراتها الضيقة، اعوامُ مضت وهم يتكاثرون بأطفالٍ تحمل نفس عاهتهم، حتى صارت القرية مضرباً للعنة
ذات ليلة، دار الدرويش في طرقاتها بمبخرته وهو يصيح: سيرتد إليكم نور البصر إذا ذبحتم بقرة الوالي الصفراء
التف حوله أهل القرية ليؤكد لهم، أن في حرقهم لكبدها خلاصهم من العتمة الأبدية
خيم عليهم صمتٌ طويل، بينما كانت بقايا مبخرته تلاحق وجوههم الشاحبة المثقلة
وأخيراً قصم أحدهم الصمت بقوله: أظن أن هذا الرجل قد أصابه الجنون، أيريد منا ان نتجرأ على الوالي بسؤال بقرته
أحدهم: وإذا كان محقاً كسابق عهده في كل نبؤاته، ألن يكون هذا مدعاة للمجازفة للنجاة ؟
أحدهم: عن أي مجازفة تتحدث وأنت تعرف أنه طريق بلا عودة
آخر: تذكروا أطفالكم و هم يَحْبون في عتمتهم، وأنهم سوف يصرخون في وجوهكم كل صباح أحلتموه إلي ليالٍ حالكةٍ لأنكم لم تجازفوا من أجلهم
هبت ريحٌ باردة صكت وجوههم، ورفعت ذيول جلابيبهم مما جعلهم يضمون أيديهم عليها و كأن بينهم من يخشون افتضاح أنفسهم أمامه
دقائق مضت، إلي أن هدأت الريح ليقول شيخهم: كلكم محقون، ولكن ربما إذا تعاونتم جميعاً لإيصال رسالتكم إليه، ووجد أن في أصواتكم صوت واحد، فمن المؤكد أنه سيذعن لرغبتكم
أحدهم: وكيف هذا يا شيخنا ؟
_تقفون ببابه، لتقولوا له جملة واحدة تتقاسمون جميعاً كلماتها، ليتأكد لحظتها أنكم يدٌ واحدة وأنكم عزمتم أمركم على هذا الفعل
أحدهم: وماذا تكون تلك الجملة.؟
_فلتكن(أيها الوالي، اللعنة التي أصابتنا وجدنا خلاصنا منها بأن تعطينا بقرتك الصفراء لذبحها)
أحدهم: وهل سنرددها جميعاً في وقت واحد ؟
الشيخ: ربما يُحدِث هذا اضطراباً، ومن الأفضل أن يقوم كل واحد بقول كلمة يحفظها إلي أن نقف أمامه لقولها
أحدم: أيعني هذا أنك ستصحبنا ؟
_ألديكم شك في هذا ؟،وسأكون القائل بآخر كلمة ليعلم أننا جادون في أمرنا
أحدهم: وعلي هذا كم ستحتاج من القوم في صحبتك ؟
أخذ يُحصي علي أصابعه بكلماته السابقة هامساً ليقول: سيكون وفدنا ثلاثة عشرة رجل، وعلينا أن نُحسن الاختيار
أيامٌ مضت في التجهيز لبعثتهم، ليتحسسوا أحد الأيام طريقهم إلي قصر الوالي، لتُفتح لهم الأبواب بعد أن أمرهم الحراس بخلع نعالهم ليمضوا في ممرٍ طويل حتي استشعروا أن تحت أقدامهم قطع زجاجية قد اختلطت بالحصى الرطب فتوقفوا
ظهرعلى أبواب قصره يتثاءب بملء شدقيه، وحبات المطر تتساقط بطيئة أمام الكشافات اللامعة قائلا ً: ما الذى أتي بكم في مثل هذه الساعة، أتظنون أن الأبواب تُفتح لكم وقتما تريدون ؟!
الشيخ: أتيناك في أمرٍ قد أهمنا
صارخاً: وماذا تريدون بحق الشيطان ؟
الأول: أيها
الثانى: الوالي
الثالث: اللعنة
الرابع: التي
الخامس: أصابتنا
السادس: وجدنا
السابع: صرفها
الثامن: في
التاسع: أن
العاشر: تعطينا
الحادي عشر: بقرتك
الثاني عشر: الصفراء
الثالث عشر وقد تردد في صمته
الوالي في ثورة غضب عارمة قائلاً: أعطيكم بقرتي أيها الرعاع !!
وكحيوانات قد اكتظت بالطعام تدافعت أصواتهم نحوه: لتقديم قربان لها أيها المبجل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى