الاسلاميات

دروب السائرين ❤

دروب السائرين 

بقلم: حنان الشيمي
في رحلة الحياة تضم الأرض صنوف الأقدام كل يسعى، تتعانق تلك الأقدام الراكضة مع الأرض في طريق البحث عن النجاح.
فنرى تلك الأقدام الواثقة خطاها، ثابتة لا تلتفت، تسير في طريقها الذي اختارته بعناية ولها في النجاح ألف غاية، لا تنتكس لها راية، هؤلاء السائرون في درب النجاح بخطى ثابتة، وجهتها معلومة، خطواتها محسوبة، ونتائجها محسومة، ينيرون الطريق لمن خلفهم، قناديلهم الخير والعطاء، وسرجهم البر والإحسان نراهم قادة وقدوة، يحملون مشاعل الأمل، ويخففون عن كل مبتلى بعض الألم، هم أصحاب الهمم العالية، والأماني الغالية غايتهم سلم أمان ممددة حباله إلى السماء، قابعة جذوره في قيعان الأرض راسخة، تمضي أيامهم خفيفة ينالون ما صبوا إليه، ويدركون ما سعوا إليه، عرفوا منحنيات الحياة فانقشع ضباب المستحيل، وكان إيمانهم معراجًا ممتدًا نحو الفضاء، قلبهم بالله موصول لا يعبئون بأساطير الإنس، ولا خرافات الجان.
قال تعالى {.. لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (*) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (*)لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
وأقدام تتعثر في طريقها قليلًا ثم تعاود السير من جديد، تشحذ همتها وتقوي عزيمتها تستجمع رباطة جأشها، وتستمر غير عابئة بأي شيء، لا تشق الجيوب ولا تلطم الخدود قد تفقد علامات الوصول فتبحث من جديد عن دليل البلوغ.
وأقدام تقف جامدة لا هي وصلت، ولا هي فصلت دروبهم ضيقة، أبصارهم خافتة يدورون في مدارات الحقد والغضب، تتلاشى من حولهم علامات السير وأدلة الوصول، تتبعثر خطواتهم وتتمزق حبال صوتهم الشاكي كموج البحر الباكي روحهم مقيدة داخل سرداب الخمول ترتجع مرارة العجز والفشل، أحلامهم معلقة في ستائر الخيال، يقفون في أماكنهم لا يتحركون، لا يدركون أنهم جزء من حركة هذا الكون فقدوا طاقتهم من الإيمان والتحدي والصمود، وصلوا إلى مرحلة الخنوع والاستسلام فقدوا صبرهم واتزانهم وحكمتهم، نسوا ما حفظوا من دروس الإيمان، وما سمعوا من خطب ومواعظ، وما تعلموا من قيم وفضائل، انهزموا فتجرعوا مرارة العجز، انحسر بصرهم فرأوا الطريق مسدودًا والأمل مقطوعًا وكان عجزهم قرارًا اختاروه لا قسرًا لا قهرًا.
وأقدام حاقدة ناقمة على كل شيء لم تكتفِ بالهزيمة بل تعرقل من تراه على درب النجاح سائرًا تكيد له وتتميز غيظًا من انتصاراته، انساقوا إلى نزق الغل والكراهية فألزمهم الحسرة وسجن المعصية نراهم يبثون روح الحسد المذموم، يوقعون الفتن والعداوة والبغضاء بين الجميع وما تخفي الصدور أكبر، هم العدو فاحذرهم فهؤلاء اختاروا طريق الشيطان، فدروبهم آخرها جهنم إن لم يمن الله عليهم بتوبة تعيد لهم الهداية والرشاد، وتمنحهم السكينة والسلام.
{.. كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}
فمن كانت وجهته رضا مولاه فخطاه تسير بثبات ويقين فطريق الحق تنيره قناديل الرجاء والتزام باب الكريم بعزم وثبات وبعد عن الغل والحقد والحسد والرياء
فمن جد وجد، وليس من سهر كمن رقد، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة، لا ينالها إلا من شمر لها، من صدَّق القول بالفعل، وأخلص وجدد النية . فليس العبرة بمن سبق ولكن العبرة بمن وصل
{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى