اسليدرالأدب و الأدباء

الطريق إلى الثلاثاء

بقلم : منال الأخرس

كنت أسير مع السائرين وأصعد مع الصاعدين، أهبط مع الهابطين، أضحك مثل
الضاحكين وأبكي في كل حين..
كان وجداني محبط وحزين فأنا لست هنا ربما ذهبت هناك ولكن متى؟ وأين أنا؟ كيف
أبحث عني وبمن أستعين؟

وتركت نفسي تقودني رفقة الدرب البهيم؛ عيناي مفتوحة ولكنها لا ترى، قدماي تخطو
على مضض وتشدني رفيقتي .

حتى أبطأ الركب وكنت على الحافة أسرعت بالهبوط وهبط
بعدي بعضهم وانتظرت أن تجذبني رفيقتي لنواصل المسير .

ولكنها لم تفعل وإذا بالحافلة
تمضي وهي بها تلاحقني لهفتها. وتبادرني نظراتها: لماذا لم تصمدي؟
وأنا لا أبالي إلا سهم خارج من غمدي مصوب ليد رفيقتي أغيثيني .. وارفعيني. وتعدو
بي خطاي تجرني رغبتي وغربتي لذياك الكف المكين.

وتوقف الركب لأجلي وطويت أنا تلك المسافة هرولة وتلقفتني كفوفهم.
وكانت بهجتي وانشرح صدري بعدما اجتزت محنتي وكأني تعرفت على بعض نفسي
وذقت رحيق الأمان و تقت طمعا ليطول بي الزمن القصير .

حينها كنا في طريقنا إلى يوم الثلاثاء.

كنا ذاهبين إليه بفعل الجاذبية التتابعية فهذا اليوم كم أحبه .

لم يكن ذهابي إليه للمرة الأولى وإنما زرته كثيرا وتشكلت ملامحه فوق ملامحي، وتآلفنا لا بفعل التعود وإنما بما جمع بيننا من صلة قرابة اللهفة بالأمل .

وفي الزيارة السالفة له غمرني الذهول عندما تمردت قدماي على رغبتي وأبت الانصياع إلي ورمتني أمام عتبة وجودك وأحرجت بي كل شيء وكساني العري إزاء نظرات الملفتين حولي وشفقتهم علي.

وأصاب يد ي العجز فلم تقو على الاستجابة
للأذرع الممدودة لإغاثتي .

كنت لا أنتظر إلا يديك بيد أنك أهملتني وساقك حوَلك وانصرفت
عن مأواك تبغي الأمان والفناء.
ولكنك ضللت السبيل بما هيأه لك الحول .

ومكثت أتوسل إلى قدمي أن انهضي
واسعفيني هيا احمليني وأصرت هي على البقاء وبقيت أنا ربما عدت لتدخلني وجودك . فقد خانني تقديري وظننت أن الحياة استعصت إلا به..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى