الأدب و الأدباءالثقافةحصرى لــ"العالم الحر"

الناقد والأديب سيد جمعة يكتب , الهوية التشكيلية العربية تتآلق في إبداعات المغربي .. علي البخاري

في كثيرٍ من الأحيان يَسبقُ الإبحارُ الفكري الجاد والعميق الإقدام علي عملٍ فني له تميزهُ وخصوصيتِه ، وبقدرِ عمق هذا الإبحار يُكابد المُبدع

 

في كثيرٍ من الأحيان يَسبقُ الإبحارُ الفكري الجاد والعميق الإقدام علي عملٍ فني له تميزهُ وخصوصيتِه ، وبقدرِ عمق هذا الإبحار يُكابد المُبدع في إدراك كل ما يتعلق بخفايا وميزات
كل وسيلةٍ من وسائله التقنية ، لإيجاد العناصر المشتركة التي تتيحُ لهُ مزج وتقارب خفايا هذه العناصر إستخلاصاً وتأكيداً أن الإتساق بينها يؤدي إلي تحديد الإطار العام للمضمون الفكري والبصري للعمل وبصورة كليةٍ او جزئية قادرة – كما فعل المُبدع قبل شروعهِ في تجربتهِ الإبداعية – علي تحفيز المُتلقي أن يبدأ في شحذ قدراتهِ للبحثِ في ثنايا العمل وجزئياتهِ ، وعناصرهِ ، بل وما هو ظاهرٍكدلالاتٍ أو أيقوناتٍ أو ماهو مكنونٍ و مُستتر في العمل . هذه لمحةُ سريعة قبل ان نتصفح معاً القليل المتاحُ لنا عرضهُ من إبداعات فنانٍ مُختلفٍ ، فنانٍ آثر أن يكون إبحارهُ الفكري بعيداً وعميقاً وذا رؤيةً وأيضاً ذا منظورٍ بصري غير مُعتادٍ فحقق إختلافهُ وتَميزهُ ، وتَميّز أعمالهِ . الفنان المغربي / علي البخاري ، من تعريفٍ في كلماتٍ نَعرفُ أنهُ : – خريج المركز التربوي الجهوي بالرباط شعبة الفنون التشكيلية.. – فنان تشكيلي وخطاط وزخرفي ومصمم.. – ناقد وشاعر . – أستاذ مدرس لمادة التربية التشكيلية بداية 1988 وكذلك استاذ مدرس لشعبة الفنون التطبيقية – حاليا استاذ مدرس لمادة الثقافة الفنية (محال التشكيل والموسيقى والمسرح) – لهُ مشاركات وندوات تهتم بالفنون بصفةٍ عامة و في ملتقيات شعرية داخل ربوع المغرب وكذلك تشكيلية تهتم بالاوراش…. – مؤسس وفاعل جمعوي لمجموعة من الجمعيات التنموية الثقافية والفنية ومؤطر لها…. الفنان / علي البوخاري ….. من خلال هذا التعريف نجد انّهُ تدعمهُ خلفية علمية فنية وثقافية وتجارب مُتعددة لذا أتقن بهم الإبحارُ ما بين المدارس والمذاهب الفنية الغربية و المُتعددة ، ما بين التراث والموروث العربي والشرقي ، و فيما بين سحرِ اللونِ والإضاءة ، والفراغ وتناسقهم وتأثيراتهم المتباينة والمتعددة في كل هذه المدارس والمذاهب ، فكان إبداعهُ منثوراً في جنوحٍ اللونِ بدرجاتهِ حيناً أوفي ثورتهٍ وحدتهِ حيناً أخر مُحدثاً بذلك بوابةً للولوجِ والبحثِ عن الكامنٍ غير المرئي فكرياً ولكن لهُ إضاءةٍ بصرية او حركيةٍ مُمثلُهُ في غرائبية التكوين ، وكان للفنان ، ايضاً فيما بين الخط والحرف و الزخرفة العربية بتكويِناتِها التي احيانا تنزعُ إلي دلالاتٍ صوفية أو جمالياتٍ تشكيلية في التلاصق والإنحناء والإستدارة ، والإستقامة ، إضافة ملموسةً وغير عادية أكسبت العمل بعداً ليس فقط جمالياً ، ولكن أيضا بعداً فكرياً ذا عمقٍ ، عن الفن العربي والشرقِي عامةً المغبون في جانب تراثهُ الفني والتشكيليّ . وفيما بين إبحارهُ غرباً بلوحاتهِ التي تعكس مدي عُمق الإبحار ، وعمق الإدراك الفكري والبصري للمدارس والمذاهب الفية الغربية ، والقدرة الذاتية من خلال إتقانهِ لإدواتهِ وتقنياتهِ و وسائلهِ التي تبلغُ حد الإحترافية في كل عنصرِ من عنّاصرِها ، مع إِجادة تامة في التوظيف التقني لكل العناصر ومدي التأثيرات المتوقعة سواء كانت مُتفرقةٍ او مُتجمعةٍ و في إتساقٍ يَحوي عنصريّ الرؤية الفكرية ، والرؤية البصرية كوسيلةٍ شاحذة أو مُؤثرة علي المُتلقي مهما كان حجم تحصيلهُ وإدراكهُ الثقافي الفكري أو الفني . وبالمثلِ يتحقق ذلك كلهُ في تًوجهه إقلاعهِ نحو الإرث الثقافي الفكري والفني العربي والشرقي عامةٍ ، حيث نجد براعة التناول للمضامين الروحية التي تمثلها أيقوانات الخط العربي بِختلاف مذاهبهِ وتنوعِها الناتج من تعدد الكيانات والقوميات في البلدان العربية وما أضافتهِ بهذا التنوع والتحديثٍ من إختلافٍ في جماليات الحرف والكلمة والجملة العربية عامةً ، كما نجد الإيقونات المعمارية والبيئية المتعددة إستمد منها تكويناتٍ بالغة الدقةِ والدلالاتِ الجمالية وأجاد إستخدمها بإحترافية عالية التقنية علي سطح اللوحةِ ، مضيفاً إليها براعته وخبراتهِ المتميزة في إبداع لوحةٍ تشكيلية مُختلفة تليقُ بعلمهِ وجهدهِ ومثابرتهِ في مجال إبداع اللوحة التشكيلية ذات الهوية العربية تعويضاً عن غبنٍ عالميّ لحق بالفن العربي علي مدي قرونٍ .

 

 

احمد فتحي رزق

المشرف العام
زر الذهاب إلى الأعلى