أخبار مصرأهم الاخبارالأدب و الأدباءالثقافةحصرى لــ"العالم الحر"

الأديب والناقد الفنى سيد جمعة فى رحلة عبر حروف الغربة للقاص عصام سعد حمودة

حروف الغربة ” .. ما هِيِّ ؟ عند القاص عصام سعد حمودة

في العادة القصة القصيرة وخاصة بعد مُحدثُها الراحل د . / يوسف إدريس .. صارت وجهةُ كثيرٍ من مبدعيِ الكلمة والحرف ، وتعددت تِقنياتٌها وإكتسبت بتعدد المُبدعين فيها أنساقًها الفنية واحتفظت بنفسها كرافدٍ ادبي يتوازي مع فنون الكلمة الرواية ، والشعر … الخ . نحن ُ نعرفُ الحروف ، ولكن العنوان يُضيف كلمة ” الّغُربة ” .. فهل هي غُربة ” الإغتراب ” دون مغادرة المكان ؟ ام ” غُربة ” وغرائبية الحروف حين تكون وسيلة المُبدع المُخالفة للمألوفِ في الإستخدام للحروف في تجربته الأدبية من حيثُ الإيقاع ، والإيجاز ، والتضمين ، والقطع والوصل بين جمل السردِ والوصفِ والتعبير الصريح والمكنيّ .. الخ . كاتبنا القدير / عصام سعد حمودة . في مجموعته القصصية ” حروف الغربة ” ، ومن بداية عنوانهِ للمجموعة ، نستشعر انه ” عايش الحدث ” من خلال قراءته أو مشاهداته أو سماعه وانتقي تفاصيل الحدث وما وراءه وما في اعماق الحدث والشخوص وكل الأبعاد التي تلزمهُ لإعادة تركيب المشهد أو الحدث بنفس الحرارة ، ونفس الحركة والباعثُ عليها والمرجو منها كما عاشها وتحركت به شخوص الحدث نفسه ، اكتنز كل ذلك ، واغترب عنهُ وشحنهُ بدفقةٍ فكرية نتاج مخزونهُ الفكري القائم علي الوانٍ من القراءة ونماذج وإطلاعاتٍ ثقافية وقصصية هضمها واستوعبها كاملةٍ ، إستحضر كل ذلك في كل قصةٍ ، ثم أعاد بناءِ المشهد والحدث من جديد وفق رؤيته وتقنياتهِ الخاصة التي تُميزهُ في تجربته الأدبية المنشورة في هذه المجموعة التي بين أيدينا واعلمُ أن لديه قصصا اخري سابقة ولاحقة لما في هذه المجموعة من قصص . ولعل لابرز ما يُميز هذه القصص تقنيتهُ في الإيقاع السريع والإيجاز السردي نقرأ معاً نموذجاً من قصة ( الهواء البارد ) : ” يجلس إلي مكتبه وقد سيطرت حروف الخبر علي عقله ( طرح وحدات سكنية لمحدودي الدخل ) يسترجع أحداث الأمس : إنها لم تعد تستطيع الإنتظار اكثر من ذلك ، يكفيها ما مضي من عمرها تنتظر .. تتحدث مثل أمها ، كل المخلوقات حباها الله لساناً واحداً ، إلا تلك المرأة لديها بضعةُ ألسنة تضخ سموما فتاكة ، عندما حدثتهُ بالأمس اخرجت ألسنتها : — بنت الناس مش لعبة ، زي ما دخلنا بالمعروف نخرج . يستنجد بفتاته ، أعطته ظهرها .. خطا للخارج بأقدام تائهة . ” ونقرأ ايضا من قصة ” التأشيرة ” : ” الجميلات ، الشقراوات ، السيقان الفارعة ، النهود العالية ، والعارية ، التي تعلن التمرد علي أية محاولة لسترها . بعيدا عن عذابات القلب .. أتوغل في ” سابرينا ” ، التهم صديقتها ” آن ” ، وأخرياتكثيرات ، لن اكتفي .. لن أشبع منهم ما دمت هناك . . طلبت منه أن يتزوج ، يأتي بواحدة ترعي شئونه ، تؤنس وحدته ، رقدته الليالي الطويلة وحيداً ، رفض قائلاً : – بعد والدتك ؟ .. لا . ” – وهكذا نتبين أن بناء الجملة سرديا أحد المقومات الأساسية وأهمها ضمن اشياء اخري كالغة العربيةِ السهلةِ والحوار الجامع المُختصر والقطع والوصل مكانياً وزمنياً بين احداث المشهد الواحد ، وغيرذلك من قدرات الكاتب المتعددة والهاضمة للجديد في القصة القصيرة . الممجموعة تحتوي علي عدد إثنين وعشرين قصةٍ قصيرة .. والقصة تتراوح ما بين صفحتين إلي ثلاث او أربعةٍ صفحاتٍ علي الأكثر ، وهي تُثمل مشاهدٌ وأحدثٌ إنسانية وليدة اللحظة ، لكن كانت عينُ الكاتب لها راصدةً ، وقادرة علي الغوص إلي أعماق ما قبل الحدث أو المشهد ، وما بعدهِ هي مساحةٍ يتركُها الكاتب للمتلقي بعد أن قدم الدلالات التي بها يكتملُ الحدث أو المشهد من خلال براعةٍ في السردِ والبناء المُكتمل وغير المنقوص لغويا أو ادبياً . ســيــد جــمــعــه ســيــد ناقد تشكيلي واديب 4 / 10 / 2018 م

احمد فتحي رزق

المشرف العام
زر الذهاب إلى الأعلى