الأدب و الأدباء

التجريدُ في ما بين الصعودِ والهبوطِ في قصيدة محمد ابو الليف للناقد الفني سيد جمعه

في القصيدة النثرية الحديثة تمتدُ المساحاتِ والفضاءاتِ امام الشاعر لِيُقدم لنا تجريداً يحملُ رؤي ” فكريةٍ وبصرية ٍ ” خارج المَدارتِ المُعتادةِ في القصيدة العادية ، حيثُ الكلماتِ ، والصورِ وهما من أهم ادواتهُ لبناءِ قصيدةٍ تُجسد ماهو فوق أو أدني ما يُمكنُ أن يُدركُ من رؤي ” بصريةٍ أو فكريةٍ ” إعتادها المُتلقي في القصيدةِ المُعتادة . فالصورةِ المُركبةِ من حروفٍ وكلمات ، غير الصورة ِ ، والأشياءُ غير الأشياءِ حتي الرموز والدلالاتِ تبدو جديدةُ علينا ، بل قد تُدهشُنا ، وتُبهرنا ، ونُدرك لحظةٍ إلتقاطها وقراءتها كم هي جديدة وكأننا لم نقرأها من قبلِ ، وكم هي غير مُعتادةِ صورةً ولفظاً ، بل وأحياناً كثيرةٍ تكونُ خارج قاموس صِورنا اللغوي، ذلك وغيرهُ كثيرٌ ، يُجيده فقط من كانت أدواته الشعرية غير عادية و قاموس صورهِ الشعرية خارج المدارات العادية . ننتقلُ إلي بعضِ ما اشرنا إليه ، مع فقراتٍ من قصيدةٍ مُبدعٌ قدير ، فهو فضلاً عن انهُ شاعر مُحترف ، فهو ناقدٌ كبيرٌ الشاعر الأستاذ / محمد ابو الليف .. في قصيدتهِ : مابين الصعودِ والهبوط لننظر هذا البنائية التي يستفتحُ بها القصيدة ، قبل أن يأخذنا ويَشُدنا معهُ إلي مداراتهِ الغير عادية ، يبدأ بهذه الصورة المُركبةِ ، كلماتِها لها دلالاتِ وصورٍ من مخزونهِ ومخزوننا الفكري والبصري : ” صادفتَهُ. نزلةً أخري.. كنت شاخصا وكانت مسبحتُهُ تسبقه حبةٌ من لؤلؤٍ وحبتان من رصاص.. قلت له _ وقد هوت عيني تقبله _ ياسيدَ المنبرين .. وجامعَ السر إلي مالانعلم.. قل لي وماذا بعد النزول ؟ قال : الصعود قلت : ثم ؟ قال _ في براءةٍ مريبةٍ _ الصعود قلت: إلي أين ؟!! قال: الصعود . ” ” النزلةِ ،والمِسبحةِ ، وحبةِ اللؤلئِ ، والمنْبرِ، والصعودِ ” … بهذه المُفرادات والكلماتِ بدلالاتها يضعُنا أمام صورةٍ تجريديةٍ ” فكريةٍ وبصريةٍ ” تُؤهلنا لندلَف معهُ مدارةً يعدُها لنا طارحاً فيها أحداث ما قبل البرزخ ، و ما قبلَ الصعودِ إلي ما لا نعلم ، ويأتي بكلماتٍ في تعددِ رمزيتِها ودلالاتها دافعاً المُتلقي إلي إعادة ترتيبها و تركيبها جيداً لتكتملٌ هذه الصورة ” البصرية ” ومن ثم تتعادل مع الرؤية ” الفكريةِ ” المطروحة ، بتجريدية شعرية أجادها شاعرنا وناقدنا القدير .. محمد ابو الليف . نحنُ إذن مع قصيدة نثريةٍ تَفكُ آسرنا من القصيدةِ المُعتادةِ إلي فضاءِ قصيدةِ يَتسعُ لجماليات الكلماتٍ التي تصنعُها مقدرةِ شاعرٍ غير عادي ، صورةٌ تجريدية لحياة الإنسان قبل البرزخِ . ســيــد جــمــعــه ســيــد ناقد تشكيلي واديب 11 / 4 / 2018 م

احمد فتحي رزق

المشرف العام
زر الذهاب إلى الأعلى