الأدب و الأدباء

إشكالية الأديب السَّيد حافظ في “كل من عليها خان” للدكتور عزوز اسماعيل سالم

إشكالية الأديب السَّيد حافظ في “كل من عليها خان”

 

د. عزوز علي إسماعيل

نبدأ في تفتيت وتقطيع هذه الرواية كما يفعل معنا مؤلفها بإثاراته اللافتة للانتباه فبدلاً من أبدأ نقدي لها من العنوان وددت أن أغير الأمركما يفعل، لأبدأ من الخلف عبر سلسلة من المقالات موازية لذلك الإبداع؛ حيث الفهرس، وفهرس الكتاب دليلُ إضاءةٍ على ما يحويه الكتابُ أو العملُ من بنودٍ أو فصولٍ، وغالباً نجد ذلك الفهرس في الكتبِ العلميةِ والأدبية وقليل ما يوجد في الأعمال الإبداعية نحو الرِّوايَةَ والدوواين الشِّعريةِ، وهو بلا شَكٍّ من عتبات النَّـصِّ؛ لأنَّه إنْ وجد في عملٍ إبداعي يصبحُ دليلاً للمُتلقي من أجل معرفة فصول العمل ومحتوياته، وهو ما رأيته في عمل ضخم للكاتب الأستاذ السَّيد حافظ في روايته ” كل من عليها خان “ وهو من الكتابات الحديثة التي تتداخل فيها الأنواع الأدبية، فنرى الجنس الأدبي على صفحة الغلاف ” رواية ” وهو التصنيف الذي صنفت به الرواية، ولكن ما ظهر بجلاء أن هذه الرواية بها حكايات مختلفة، وهذا لا غبار عليه فهو ما تحمله الرواية من أساليب عصرية يعشقها الكاتب بينما إذا ما رأينا ” مسرحية ” بداخل العمل فهذا ما يثير الحفيظة، ويسترعي الانتباه بأن هناك تداخلاً في الأجناس الأدبية، ليس ذلك فحسب، بل إن الناظر إلى فهرس هذا العمل ” الرِّوايَةِ ” يجد أنَّ الكاتبَ قد جعل مسرحياته متداخله بين حكاياته، بمعنى أنَّ العمل بدأ بـ ” مسرحية قصيرة جداً[1]. وهذا الأمرُ مثيرٌ للانتباهِ، لأنَّه بعد ذلك مباشرةً وفي الصَّفحة رقم 54 نجده يبدأ في الرِّوايَةِ تحت عنوان ” العام الأول من المجاعة ( القاهرة 1065)، لينتقل بعد ذلك إلى عنوان آخر “مسرحية قصيرة جداً” في الصفحة رقم 62.. ويظل على هذه الحالة في هذا العمل، وهو ما يجعلنا اعتماد الفهرس باعتباره عتبة نصية، أو أنَّه من عَتَبَاتِ النَّصُوْصِ. أمَّا الغريبُ والجديدُ في العمل أنَّه لم  يشر في الفهرس إلى ما قبل 37 صفحة، لأنَّ الفهرس عنده يبدأ بصفحة 37، الأمر الذي يجعل المتلقي يتساءل طالما أنه يوجد فهرس فلماذا تم حذف السَّابق منه، وأعتقد أنَّ ذلك يعودُ إلى هدفِ الكاتبِ من أن المتلقي عليه أن يقرأ ما قبل الفهرس أي أنَّه يريد إثارته. وإذا نظرنا إلى العمل في البداية نجده يخير المتلقي في اختيار عنوان لعمله أي يريد إشراك المتلقي معه في العمل، ويعطيه سبعة عناوين ليختار المتلقي ما يروق له مع العمل الذي بين يديه رغم أن عنوان العمل برمته يتناص مع القرآن الكريم في قوله تعالى ” كل من عليها فان” في سورة الرحمن يقول الكاتبُ:” صديقي القارئ: يمكنك أن تختار عنواناً من السَّبْعَةِ، وتبدأ في قراءة الرِّوايَةِ بالعنوان الذي اخترته أنت.. دعك من اختياري فأنت من الآن شريكي”[2]. أصبح من ثم الفهرسُ طريقاً لإنارة الطريق أمام المتلقي أو القارئ، فمن خلاله علم أن هذا العمل – على سبيل المثال – به مسرحياتٌ وبه قصصٌ وحكاياتٌ وجميعُها يندرج تحت جنس أدبي واحد هو “رواية” كما قلتُ. وهذا النوع من الكتابات جعلت الدراساتِ النَّقْدِيَّةَ في حيرة من الأمر كيف يدرس هذا العمل، هل يدرس على أنه رواية أم مسرحية أم قصص قصيرة رغم أننا اتفقنا منذ البدء أن جنسه رواية. لذلك نقول إن مثل هذا النوع يحتاج إلى دراسات بعينها، تتناول التداخل المعرفي في الأجناس الأدبية وهو بالفعل ما يحدث الآن لدينا نحن النُّقادُ. ويمكنُ أن نطلق على العمل كلِّه ” المسرواية ” باعتباره اقتراحاً لحل هذه المشكلة، وكأنه جنس أدبي جديد.

 

[1] السيد حافظ، كل من خان، مركز الوطن العربي ” رؤيا”، القاهرة 2015 ص 432

[2] المرجع السابق ص 9

احمد فتحي رزق

المشرف العام
زر الذهاب إلى الأعلى