مقالات واراء

اللهم أرزقنا بأعداء النجاح

بقلم سفير السلام / اكرم هلال
” يرى الدميم في الجمال تحدّياً له …. والغبي في الذكاء عدوانا عليه ” وهنا يظهر أعداء النجاح, وفي واقع الأمر تتنوع أساليب أعداء النجاح ما بين السخرية اللاذعة وإفشاء الأسرار وعدم احترام مشاعر الآخر، وكذلك ترويج الإشاعات غير الصحيحة، أو نقل صورة مشوهة عن الزميل للرؤساء أو تعطيل مصالحه وغيرها من السلوكيات المشينة والتي لا مجال لحصرها هنا،
فسلوكيات أعداء النجاح سواء إن كانت في مجال العمل أو مجال الأسرة، والتى تنتج عن بعض الأسباب النفسية والاجتماعية، التي تؤدي بشخص إلى أن يقوم بسلوك عنيف تجاه شخص اَخر، ومن أهم تلك الدوافع التي تدفع الشخص إلى إيذاء الآخر هو الشعور بالتهديد، حيث يحدث حين يشعر شخص أن زميله أفضل منه في العمل مما يجعله مفضلاً عنة عند الرؤساء، أو يتقاضى راتباً أعلى، مما يجعل الشخص يفكر أن هذا يمثل تهديداً مباشراً لبقائه في العمل، فيلجأ إلى سلوكيات من شأنها تشويه صورة الشخص الكفء، أو التقليل من شأن عمله وإنجازاته.ومن المؤسف أننا نعاني من وجود هذا الشخص على وجه التحديد وبكثرة, فهذه النوعية هم الذين يحاولون بسعيهم وهجومهم المريض محاربة كل ناجح لا يعترفون بتميزه أو إنجازاته، في حين أننا مجتمع مسلم تعلمنا وتربينا على أن نحب لأخوتنا ما نحب لأنفسنا، فلا هم الذين أنجزوا وتميزوا، ولا هم الذين يتركون غيرهم ينجز وينجح.
فنجد أن الكثير من الناس يتعرض إلى سلوكيات مزعجة ومؤذية من الآخرين؛ نتيجة نجاحهم أو تميزهم في العمل أو في الحياة عموماً، سلوكيات من شأنها إلحاق الأذى بهم دون أن يقترفوا أي ذنب سوى أنهم ناجحون ومميزون، وغالباً تأتي تلك السلوكيات ممن هم أقل منهم من حيث القدرات الاجتماعية أو الذهنية.
صحيح أنهم قلة من نستطيع أن نطلق عليهم أعداء للنجاح ، ولكنهم موجودون ولابد وأن تلتقى بهم مهما حاولت الإبتعاد وكأنهم جزء من حياتك كالماء والهواء. ووجودهم أبدً لم يكن صدفة فهم فى زميلك في العمل ، أو صديقك ، أو قريبك ، أو جارك أو ، أخيك ؛ وبالطيع كل هؤلاء لم يأتو الى حياتك صدفة فأن لم يكونوا بإختيارك فجزء منهم لن يكون بإختيارك أيضاً ولا يمكن تفادى وجوده فى حياتك وأعتقد أنه يرجع سبب تلك العداوة عند بعضهم لقلة الحيلة ، أو لعدم تحقيق أهدافهم ، أو لا زالت الصور القديمة لك في ذاكرتهم قبل سنوات مضت وأنت تلعب معهم في أحد الشوارع الجانبية، أو أنك كنت معهم في وظيفة ما ولا يصدقوا أو لا يتصورا أو أنهم مصدومين بأنك قد حققت أحد طموحاتك ، وطورت ذاتك تعليميا ووظيفيا ومهنيا وهم لا زالوا في أماكنهم ، ولا يعلموا أنك غيرت توجهاتك وقناعاتك واهتماماتك إلى الأفضل ، وأن لك أهدافا مشروعة حققتها ( بفضل من الله ) بعد تخطيط وتنفيذ كلفك مالاً ووقتاً وجهداً !! والغريب أن أعداء النجاح غالبا ما يلونون عباراتهم بأن ما يقولون هو مجرد ” نقد ” وانا فى رأيي ورأى الكثير أن حتى النقد إن لم يكن نقداً بناء هو كراهية داخلية إنطلقت للخارج.
ويُعتقد أن الكراهية غالبا علامة علي الضعف والحسد و الخوف . فالحاقدون يكرهونك لأنك تفعل ما لا يستطيعون وما لا سيفعلون… أو ما هم خائفون منه لدرجة أنهم حتى لا يحاولون.
والغريب بل والجميل فى الوقت ذاتة إنهم جزء طبيعي لتطور أعمالك. عندما تبدأ عملاً جديداً سيكون هناك نقاداً. وعندما تصبح جيداً بعملك، سيكون هناك حاقدون. وعندما تصبح خبيراً، سيتحول الجميع إلي محبِّين. ووجود الكثير من الأعداء والمشككين في طريقك إلى النجاح أمر صحي بل أن وجودهم في حياتك يعد مظهر من مظاهر النجاح، لهذا من يتربص بك ويتمنى فشلك عليك أن تعتبره عامل مساعد لنجاحك ودافع حقيقي لإنجازك وترك بصماتك فى خدمة المجتمع لذا يجب أن ندعو الى الله ” اللهم أرزقنا بأعداء النجاح” ويقول الشعراوي: ان لم تجد لك حاقد فأعلم انك انسان فاشل . لهذا لاتقلق من وجودهم وافرح بما أنت فيه ، فهم من وجهة نظري نعمة كبيرة فالإنسان بطبعه ملول ويمر بحالات من السكون والإستسلام وعندما يشعر أن هناك من يريد له الفشل يتحرك من مكانه نحو الطريق للنجاح حتى لايعطي لهذا العدو الفرصة لتحقيق أهدافه. كما أن وجود الأعداء في حياتنا يجعلنا في تحفيز دائم لايتوقف هذا التحفيز إلا بغيابهم عن حياتنا وهذا محال.
والان أنت بالطبع تتساءل كيف يمكنك تجنب النقد الحاقد من أعداء النجاح؟ وفى رأيي لا يمكنك ذلك إلا بطريقة واحدة.اجلس مكانك وشاهد العالم من حولك. لا تفعل شيئاً. لا تحدد أهدافاً .كن شخصاً عادياً. عندها فقط لن تجد أحداً يكرهك أو حتى يفكر في الحكم عليك.
يا صديقى . النقد والكراهية هما الثمن اللذان تدفعهما لإنشاء وتوسيع دائرة أعمالك. لذا لا تدع صوت الحاقدين يطغي عليك. ستعطيهم القوة حينئذ إذا استمعت إلي ما يقولون. تجاهل تفاهاتهم واستغلها كوقود يدفعك دوماً للأمام. إنهم يكرهونك لأنك تسعي نحو تحقيق أهدافك وتعمل عليها بقوة. بطريقة ما، إعلم إنهم أعظم أنماط ردود الفعل التي يمكن أن تحصل عليها عندما تعمل بجد.ومن أبرز صفاتهم ، أنهم يقللون من نجاحاتك ، ويهمشون انجازاتك ، ولا يعطوك ما تستحقه من تقدير ، ويحاولون بأسماء مستعارة أن يعلقوا على أعمالك وصفحاتك على التواصل الإجتماعى وبين أصدقاءك وعى دائرة مكتب عملك أو مصنعك أو حقلك أو ورشة مهنتك الخ ….. بعبارات تهجمية تهكمية سلبية تريد الإطاحة بك ، وعلى كل منجز قمت به ؛ يقول خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز “رحمه الله” ، في مقولة هي اقرب إلى النصح والإرشاد في مثل هذه الأمور : ( إن استطعت فكن عالما ، فإن لم تستطع فكن متعلما ، فإن لم تستطع فأحبهم ، فإن لم تستطع فلا تبغضهم ).
فأفضل طريقة للتعامل مع أعداء النجاح هو تجاهلهم وعدم الالتفات إليهم، مع مواصلة التميز سواء كان ذلك على المستوى العملي أو العلمي، كذلك لابد من التخلص من الحساسية تجاه تصرفات الآخرين فالناس متفاوتون، والمهم أن يكون الانسان واثقاً بالله ثم بنفسه، فلا يهتز ولا يرضخ لأية مخاوف، إضافةً إلى أهمية ألاّ يسقط الإنسان في فخ الغرور، وبالتالي النظر إلى غيره بأنهم أقل منه، مما يجعله يحفر “قبر نجاحه” بيده.
فالنجاح الذي نحققه في حياتنا الشخصية والمهنية يكشف لنا في المقابل عن نفسيات المحيطين بنا، فمنهم الفاشل الذي يريد أن يعمم تجربة فشله على الآخرين، ومنهم الحاقد الذي لا يسره هذا الإنجاز أو ذاك المجهود، ومنهم الخائف على منصبه، أو المغرور ممن يرى نفسه فقط في القمة وكأنها وُجدت له، وجميعهم في النهاية يحاولون إحباط أي مشروع يقودنا للنجاح والابداع، أن أصعب محاولات إعاقة النجاح وإفشاله حينما تكون من أقرب الناس إلينا، وهي محاولات قد نتأخر في اكتشافها وربما نتأثر بها كثيراً، فكثيراً من الشباب المبدعون فرضوا أنفسهم في مجالات عدة ولديهم طاقات تفرض نفسها لكن كانت بيئة العمل أكثر المحبطين والمحاربين لهم،
فمن يشعر بأنه أقل من غيره، ويعتقد أن ليس لديه من القدرات ما يكفي لأن يصل للمستوى الذي يتمناه، فإنه يبدأ في الشعور بالحقد على الآخرين المتميزين، ولا يجد طريقة ليهدئ بها مشاعره سوى إلحاق الأذى بالآخر بطرق غير مباشرة في أغلب الأحيان، وقد تصل إلى الطرق المباشرة -عنف مباشر- إذا وصل غضبه لمستويات عالية،
وقد نجد أعداء للنجاح ليس بين الزملاء في العمل، بل من الرئيس لمرؤوسيه، ويحدث هذا حين يتميز أحد الموظفين في العمل في مجال ما، بشكل يجعله مرشحاً للترقية أو للتقدم بأي شكل، وهذا التميز قد يُشعر رئيسه بأنه يفقد السيطرة على أحد مرؤوسيه، وخوفاً منه على زوال تلك السيطرة المزعومة، فإنه يصدر بعض السلوكيات العنيفة نسبياً للتقليل من شأن هذا المرؤوس أو لإشعاره بأنه لا يستحق التقدم فعلاً، مبيناً أنه قد يحدث الأمر بين أفراد الأسرة الواحدة حين يشب أحد الأبناء ويبدأ في الاستقلال بذاته مادياً واجتماعياً، فيخشى أحد الوالدين أن يفقد سيطرته على هذا الابن، مما يدفعه لقمعه وإهانته لإشعاره بأنه غير مؤهل للاستقلال، وأن عليه أن يبقى تحت سيطرة الوالدين.
وعلى الانسان الناجح الأخذ بأسباب القوة والتمكين مثل التخطيط والصبر، وتكوين الفريق المميز الذي يكون له حلفاء وشركاء في مسيرته العملية، وعلىية ألاّ يسقط في فخ الغرور بعد النجاح، وعليه أن يتعامل مع أعداء النجاح عبر طرق متعددة من أهمها عدم تعميق العلاقة معهم، ودعاء الله وحسن التوكل عليه، والتخلص من الحساسية من تصرفات الآخرين فالناس متفاوتون، والمهم أن يكون الانسان واثقاً بالله ثم بنفسه، فلا يهتز ولا يرضخ لمخاوفه أو الاوهام التي يحاول البعض تسويقها ليوقفوه عن مسيرته،
طريق النجاح يعلو وينحدر ويتسع ويضيق لكن مساره واحد: الصبر والأيمان والثقة بالنفس والاطمئنان. ومادام الإنسان يعطي ويبني فهو بلا شك سيتعرض لحرب ضروس من التحطيم المعنوي لا هوادة فيها. فالناس لا ترفس كلبا ميتا والجالس على الأرض لا يسقط، والقافلة تسير والكلاب لا تكفّ عن العواء.
وانا عن نفسى لا أعبأ بمن ينسج الكثير من خيوط العنكبوت والقصص الزائفة حول ما أعمل أو أكتب وأقدّم ولا أرد على أحدهم إلا بعطاء أكبر، فالحياة رحلة، والطريق ممتدة ولا أماني تتحقق دون جهد ودون أخطاء وأحزان وخسران. فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم. ولا يحق إلا الحق وكل إناء بما فيه ينضح..
قال رجل لأبي بكر:” والله لأسبنّك سبّا يدخل معك قبرك” فأجابه رضي الله عنه:”بل يدخل معك قبرك أنت”.

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر
زر الذهاب إلى الأعلى