الأدب و الأدباء

الناقد والكاتب مروان محمد عبدة يكتب عن ثورة التصحيح الأدبى

صدقني لا توجد حلول سحرية للكتابة، أحياناً أطلع على عناوين كتب “الطرق العشرين أو الثلاثين السحرية لكتابة رواية أو قصة قصيرة!”، أضحك كثيراً، على مثل هذه العناوين، لا يمكن لأحد أن يعطيك وصفة كتابة، هي ليست أكلة أو وصف لطبخة معينة، في كل المهن من الممكن أن أقول لك الطرق السحرية العشرة فى فن إدارة الفصل …أفضل عشرين فكرة للتسويق … ألخ، ولا تطلب المثل في عالم الأدب، هي أولاً موهبة من عند الله سبحانه وتعالى، وحتى هذا الأمر نسبي إلي حد كبير، الموهبة من الأشياء التي لا جدوى من الحديث عنها، هى كما قال أمل دنقل، هي أشياء لا تشترى!، وكل ما أكتبه عن فن الكتابة وطرق الكتابة، هو حصيلة ما سمعته ممن قبلي ومما قرأته ومما جربته بنفسي، وكلها في الأخير تقع تحت عنوان ” رأي شخصي” يمكنك أن تضرب به عرض الحائط!، الأمور نسبية تماماً في عالم الأدب.
الحل السحري الوحيد الذي من الممكن أن أنصحك به ولا بديل عنه إن كنت موهوباً، أولاً أن تقرأ فى عالم الرواية الكثير جداً، حتى تصل للمرحلة التي لا تستطيع فيها حصر ما قرأته وكذلك في المجموعات القصصية والنصوص المسرحية ودواين الشعر ومن ثم تقرأ بعد ذلك في كل شيء يقع تحت يديك، وأي شيء تقرأه، أن تقرأ بنهم شديد حد الهوس، من يدعي أنه لديه حلول سحرية أو خمسين طريقة سحرية لتكون كاتب متألق هو يبيع لك الوهم، كان أولى به أن يطبقها على نفسه عوضاً عن أن يبيعك بضاعته الفاسدة هذه.
الروائي أو القاص يجب أن تكون لديه القدرة على التخيل، الإبحار في التخيل حد اللامنتهي، لا تتوقع أن أضع بين يديك عشرة حلول سحرية لكيف تتخيل جيداً، لا توجد أي حلول سحرية بهذا الشأن ولكن هناك حالات مصاحبة للإغراق في التخيل، أما أنها تصاحبك أو لا، تكاد أحلام اليقظة لا تفارقك، ليست أحلام يقظة تتمحور حول حياتك الشخصية وما تطمح إليه، ولكنه عالم آخر موازي للعالم الذي تعيش فيه، تبني فيه عالم كامل من الأماكن والشخصيات والأحداث التى تسيرها، ولا تستطيع أن تتحكم في خيالك المتدفق، هو يعمل بكل قوته رغماً عنك، هذا أمر الحقيقة لا يتعلق كثيراً بكثرة القراءة، بقدر ما هى قدرة تأتيك من حيث لا تدري على التخيل، لا تملك بشأنها شيئاً، أنت فقط في حالة استسلام كلي لها، وأحلام اليقظة هذه تمدك بآلاف القصص والحكايات بدون مبالغة ولكنك لا تكتبها كلها ولكن تنتقي منها ما تظنه الأفضل ومتى تعرف أنه الأفضل، عندما يتكرر معك حلم اليقظة هذا عدة مرات ويظل يطاردك حتى تفرغ هذا الحلم كتابة فيتوقف عن مطاردتك، هناك عالم ضخم من السينما تدور رحاه بدون توقف كل يوم على مدار ساعات صحوك لا ينتهي أو يتوقف ألا بأحداث ومواقف تجبرك أن توقفه مرغماً، أو أنك تقرأ كتاباً، ما دون ذلك فأن عالم السينما العملاق المختزن برأسك يصنع يومياً ما لا يقل عن خمسة أفلام كاملة، وأحياناً أفلام روائية قصيرة، شيء مذهل هذ الخيال، لا أحاول في هذا المنشور أن أضع نصب عينيك حلول للوصول إلي هذه الحالة، لأني أحسب نفسي أفعلها لاإرادياً، بدون تدريب مسبق مني، قدرتك على تخيل رواية ما أو قصة قصيرة ما تقرأها، وأن تحولها لمشهد سينمائي مفعم بالحيوية، لا أعرف هل هي تداهم كل من يقرأ عمل سواء عمل بالكتابة أو لم يعمل، لا أعرف، ولكن من أمتلكها، أتصور أنه أمتلك عالم سحري عليه أن يحافظ عليه ويعض عليه بالنواجذ، هذه هبة فريدة بالفعل، أحمد الله أنه أتاك هذه الهبة، والحق أن تشكره كثيراً عليها، كما قلت أيضاً في منشور سابق، كثيراً ما يسبب لي خيالى صداع نصفي، لا ينتهي إلا بقرص كيتوفان أو كتافست حتى يسكن هذا الألم في رأسي.

احمد فتحي رزق

المشرف العام
زر الذهاب إلى الأعلى