الثقافةصفحات من تاريخ مصر

** محلات صيدناوى **

بقلم المهندس/ طارق بدراوى

محلات سليم وسمعان صيدناوى هي شركه مصرية تأسست عام 1913م وأممت في الستينيات من القرن العشرين الماضي وبعد صدور قرارات التأميم سميت الشركة بالإسم الحالي شركة الملابس والمنتجات الإستهلاكية بعد دمج محلات شملا والطرابيشى وإسلام في شركة واحدة عام 1967م وهي تعمل في مجال تجاره السلع الإستهلاكيه والغذائية وهي تتبع الشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما ويبلغ عدد فروع محل صيدناوى عدد 70 فرع منتشرة في كل مدن مصر إلي جانب عدد 65 مخزن وتبدأ قصة بداية هذه المحلات من دكان صغير للخردوات في منطقة الحمزاوي بحي الأزهر بالقاهرة إلي أن اصبحت أشهر سلسلة محلات لبيع الملابس والمنتجات الإستهلاكية في مصر والعالم العربي علي يد الشقيقين سليم وسمعان صيدناوي واللذان ينتميان إلي قرية صيدناوي والتي منها إشتق إسميهما وهي قرية تقع شرق العاصمة السورية دمشق ففي عام 1878م وفد سمعان صيدناوي إلي القاهرة مطرودا كعقاب من والديه بعد أن غضبا عليه بسبب إرتكابه خطيئة دينية كبرى عندما فاز بورقة يانصيب وهو الأمر الذي إعتبراه بمثابة الخطيئة التي يستحق أن يرحل فاعلها حتي لا تحل اللعنات علي القرية التي يقيم بها وعند وصول سمعان صيدناوى إلي القاهرة عمل مع عمه نيقولا صيدناوي في مجال التجارة فأظهر كفاءة ومهارة متميزة مما دفع الأخير لتشجيعه علي الإستقلال في العمل وساعده في فتح دكان صغير للخردوات في منطقة الحمزاوي المشار إليها في السطور السابقة وأصبح دكانه هذا بعد فترة وجيزة قبلة الزبائن والتجار من مختلف مناطق القاهرة لما عرف عنه من أمانة وصدق وبضائع جيدة معتدلة الأسعار وفي هذه الأثناء حضر سليم صيدناوى الشقيق الأكبر لسمعان فأشركه معه في إدارة الدكان الذي سرعان ما إكتسب شهرة كبيرة تتطلب التوسع حيث أصبحت تجارتهما لا تناسبها مساحة الدكان الصغيرة التي يتاجران من خلالها فإشتريا عقارا أوسع مساحة في ميدان الخازندار بالموسكي .

وفي عام 1913م هدما البيت وأقاما مكانه صرحا معماريا كبيرا علي شكل تحفة معمارية من حيث البناء والتصميم وبلغت مساحته 8530 مترًا مربعا وبإرتفاع 4 طوابق لبيع المنتجات والمنسوجات مصرية الصنع ثم توالي بعد ذلك إفتتاح الفروع الجديدة في القاهرة والإسكندرية والمنصورة وطنطا وباقي مدن محافظات مصر بالوجهين البحرى والقبلي وعن وصف المبني الأثرى لمحلات صيدناوى نجد أنه محاط بسور حديدي به بوابة تؤدى إلي ساحة كبيرة بها نافورة يحيط بها سور حديدى صغير يشبه أوراق الأشجار أما المبني فواجهاته مطلية باللون الأصفر الجيرى ويحتوى في أعلاه وأعلي المدخل الرئيسي للمبني على ما يشبه القبتين يتوسطهما إسم صيدناوى بمساحة كبيرة حتى يمكن رؤية إسم المتجر من مسافة بعيدة وأعلى مدخل المبنى توجد قطعة من الرخام محفور عليها إسم سليم وسمعان صيدناوى وشركاهم أما المبني من الداخل فهو يتكون من عدد 4 أدوار كل دور مساحته 1700 متر مربع ًوبه عدد 2 مصعد كهربائي باللون الذهبى ذات الطراز القديم والتي تمتاز بجمال الشكل وبالطابق الثانى يوجد ماكيت داخل صندوق زجاجى كنموذج مجسم لشكل المبنى كله أما عن سقف المبنى فهو عبارة عن لوحة من الزجاج الملون الكبير الذى يشبه الفسيفساء فى جماله ويتدلى من السقف عدد من النجف العملاق وقد إستغرق بناء هذا المبنى نحو 3 سنوات وقد تم إفتتاحه رسميا عام 1913م في عهد الخديوى عباس حلمي الثاني وكان متخصصا في المقام الأول فى بيع الأقمشة والمنسوجات مصرية الصنع وأيضا الأثاث المصرى الصنع والتي كانت تصنع جميعها في الورش التي أنشأها الأخوان لتغذية فروع متجرهما بالبضائع اللازمة والتي كانت تتمتع بسمعة طيبة ولم يكتف الشقيقان سليم وسمعان صيدناوى بالعمل التجاري وإنما ساهما في المجال الخيري بطرق مختلفة أبرزها تكفلهما بإنشاء مستشفى سمعان صيدناوي الواقع بشارع الجمهورية حيث كان مكان المستشفى في الأصل سراي ليعقوب باشا آرتين الذي تحول بعد وفاته إلى فندق ثم هدم ليتبرع سمعان صيدناوي ببناء مستشفى مكانه لكنه رحل عن عالمنا عام 1936م فقام ورثته بإكمال عمله وإفتتحه الملك فاروق فضلًا عن بناء مدرسة بطريركية الروم الكاثوليك بشارع رمسيس لمحدودى الدخل إضافة إلى المساهمة في بناء مستشفى دار الشفاء بالعباسية .

وفي إطار سياسة التأميم التي قامت بها ثورة يوليو عام 1952م وتحديدا في عام 1967م تم تأميم محلات صيدناوي بمختلف فروعها وفي عام 1989م تحولت شركة محلات صيدناوي إلي شركة مساهمة مصرية وخضعت بعدها للقانون رقم 203 لسنة 1991م الذي صدر بعد ذلك وإنتقلت تبعيتها من الشركة القابضة للتجارة إلي الشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما أما رأس مال الشركة فبلغ 6.5 مليون جنيه مصري موزعة علي 6.5 مليون سهم بواقع 1 جنيه للسهم الواحد ويبلغ عدد أفرعها عدد 71 فرع منها 59 فرع مستأجر إلي جانب عدد 21 فرع مملوك للشركة وللأسف الشديد تدهور حال مجموعة محلات صيدناوى سواء في القاهرة أو في المحافظات من ناحية حالة مباني الفروع نفسها أومن حيث كمية ونوعية وجودة السلع المعروضة بها وبالتالي أصبحت حالتها مزرية فلا يوجد أى رأس مال لشراء بضائع جيدة للفروع ولا لترميمها وإعادة تأهيلها وقد دفعت القيمة الفنية والتاريخية للمبني الرئيسي للمحلات بالخازندار الجهاز القومي للتنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة لتسجيله كأحد المباني ذات القيمة التاريخية المميزة وذلك طبقا للقانون رقم 144 لسنة 2006م .
وفى بداية عام 2010م تم طرح مشروع تطوير وإعادة تأهيل مبني محلات صيدناوى الخازندار فى مسابقة معمارية عمرانية بالتعاون بين الجهاز القومى للتنسيق الحضارى وإحدى شركات قطاع الأعمال العام وهى الشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما المالكة لمحلات صيدناوى بهدف تجديد وإعادة إستخدام هذا المبنى التاريخي وإستهدفت المسابقة الحصول على أفضل الحلول المعمارية للمبني مع تغيير نشاطه الحالى ليصبح أول مجمع لتسويق المنتجات الثقافية والفنية فى مصر وأفريقيا بالإضافة إلى الوصول إلى أفضل الحلول العمرانية لميدان الخازندار التى تتناسب مع أسس ومعايير التنسيق الحضارى للمبانى والمناطق التراثية وتم طرح المسابقة على مرحلة واحدة وكانت مفتوحة للمعماريين منفردين أو في صورة مجموعات أو مكاتب إستشارية متخصصة وكانت شروط التقدم للمسابقة هو أن يقوم المتسابق بملء بيانات إستمارة الإشتراك بالمسابقة من خلال الموقع الخاص بالجهاز ويتم الحصول على مستندات المسابقة إلكترونيا بعد سداد 1000 جنيه مصرى رسوم الإشتراك بالمسابقة وذلك على حساب الشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما بشيك بنكى مقبول الدفع لأمر الشركة وكانت جوائز المسابقة 200 ألف جنيه للجائزة الأولى و150 ألف جنيه للجائزة الثانية و100 ألف جنيه للجائزة الثالثة بجانب 25 ألف جنيه لثلاث جوائز تشجيعية وكان مصير المشروعات المقدمة أن تم حفظها جميعا فى أدراج المكاتب .

زر الذهاب إلى الأعلى