الأدب و الأدباء

الشاعر المهندس / ثروت سليم .علامة فارقة فى تاريخ الشعر الحديث

بقلم / سعيد الشربينى 

……………………………..

للشعر والشعراء عند العرب منزلة عظيمة ، ومكانة رفيعة خاصة عند القبيلة في عصر ما قبل الإسلام. فكان إذا نبغ شاعرٌ تحتفل به قبيلته، وتدق له طبول الفرح وتتباهى به عند القبائل الأخرى، فنبوغ الشاعر عند القبيلة أعظم درجة من الخطيب المفوَّه ، ويكاد يكون أعظم درجة من رئيسها وفارسها وذلك أنه يمجٍّد قبيلته ويرفع من قيمتها عند أعدائها وعند القبائل الأخرى ويحط من قيمة أعدائها، فهوالمنافح والمدافع عنها وهو الذي يسجِّل لها تاريخ مفاخرها و أمجادها ويباهي بمآثرها و يعظم من شأنها ويهِّول على أعدائها
الشاعر هو من يجعل من نفسه حاملا للواء اللغة والفكر وبكليهما تحيا الأمم .. فلم نعلم عبر التاريخ أن أمة قد حيت ونبضت بصنوف التقدم وألوان التحضر بغير اللغة والفكر .. والشاعر هو الحامل للواء هذين العمودين الفِقْريَّيْنِ اللذين يحملان كل هذا الثقل . فليس كل من نظم شاعر وليس كل من صف الحروف شاعرا .
وقد يعتقد معتقد أن التعريف و الإحاطة بماهية الشعر أمرا سهلا نظرا لكثرة تداول هذه الكلمة، إلا أن الدارس الجاد المتعمق في البحث عن هذه الكلمة، يجد نفسه أمام تعريفات متعددة ومختلفة، يدعي أصحاب هذه التعاريف السبق إلى أشياء، ويتهمون من سبقهم بنقصان و قصور تعريفا تهم .
فلا يمكن الحديث عن الشعر العربي القديم دون الحديث عن الرجال الذين حملوا همه وتكبدوا مشاقه في سبيل تفسيرا أشكل منه، وشرح ما استغلق معناه، فحققوا ووثقوا وصححوا وفسروا… وأغلب هؤلاء طبعا عاشوا في القرنين الأول والثاني الهجريين وحتى القرن الثالث، وقبل هذا التاريخ لم يصح وجود كتاب واحد نرجع إليه فيما يعترضنا من صعوبات – وهي كثيرة – أثناء دراسة الشعر.
وكان للشعر العربي المنزلة الكبرى والدرجة العالية في حياة الإنسان العربي، فهو خزان لغتهم، وناقل أخبارهم وممجد أيامهم، والحافظ الأمين لتاريخهم كله. وبالطبع فالشاعر هو الذي يطاوع الكلمة ويضعها في قوالب تجعل الأسياد قبل الرعاع يخشون غضبه. فكم من امرئ رفعه بيت من الشعر وبوأه المنزلة العليا وآخر نزل به بيت إلى الحضيض ولعل خير من نستشهد به في موضعنا هذا هو حكاية لبيد مع الربيع بن زياد الذي كان ينادم النعمان بن المنذر،و كان هذا الأخير يقدمه على من سواه إلى أن هجاه لبيد هجاء مقذعا ، لم بعده النعمان إليه بل أمره بالانصراف إلى أهله ، و بعث إليه بضعف ما كان يحبوه ؛ إلا أنه رفض الانصراف إلى أهله و كتب إلى النعمان يؤكد أنه ليس كما قال لبيد ، فأرسل إليه النعمان : انك لست صانعا باتقائك مما قال لبيد شيئا، قادرا على زلت به الألسن فالحق بأهلك.* و من هذه القصة نستخلص مدى تأثير الشعر على النفوس ، و نفاذ كلمة الشاعر حتى و إن كانت كذبا فلا سبيل لردها ، وهذا ما عبر عنه النعمان في جوابه للربيع:
قد قيل ما قيل إن صدقا و إن كذبا فما اعتذارك من قول إذا قيل.*
ولكل زمان فحوله من الشعراء اللذين اثروا الحياة بدرر الكلمات والمعانى ففى عصرنا الحديث بذغ نجم جديد بل فحل من فحول الشعر الحديث يمتلك ادوات من الشعر وصناعة الكلم قد يفتقدها الكثيرين فى عصرنا هذا . قادرآ على بعث الروح للكلمات حتى ترتع فى الثنايا والدروب فتعمل على ايقاظ المشاعر الوطنية والعاطفية .
فكم له من قوة البيان والقدرة على الاستعارة والاستبيان واستخدام المؤثرات الصوتية للكلم والحكمة فى توظيفها وفق رواية القصيدة .
لايقل جسارة عن فحول الشعر فى العصر الجاهلى بل تفرد على كل من حوله فى عصرنا الحديث واصبح علامة فارقة يجب على وزارة الثقافة والمعنيين بها الالتفات الى هذا الشاعر العظيم الذى اذا ما قرأت قصائده أو عوامه تشعر وكأنك امام بحر من العلوم التى تعمل على ارثاء القيم بكل معانيها انه الشاعر العظيم / ثروت سليم ..هذا الفلاح المصرى الفصيح الذى تتشمم من رائحة قصائده عبق الريف المصرى بقيمه وقيمته بل سوف يكون اضافة جديدة لوزارة التربية والتعليم اذا ما استعانت ببعض من قصائده التى تلائم ظروفنا المجتمعية والاخطار التى تحيط بنا وما طرحه من رؤى يمكن لها ان تأخذ بيد الاجيال الى مستقبل مشرق وامل يتحقق .
فلكل المعنيين بالثقافة والعلوم ووزارة التربية والتعليم نقول احرصوا على قرأة قصائد واشعار هذا الشاعر الكبير / ثروت سليم .. ونهلوا منها ماطاب لكم ولأبنانا ..
( حمى الله مصر وزعيمها وشعبها من كل سوء )
تحريرآ فى / 17 / 12 / 2016

زر الذهاب إلى الأعلى