الأدب و الأدباء

عزيزي المتشائم

———————
بقلم / حسن بخيت
———————
بينما انا جالس مع بعض الاصدقاء وتناولنا الحديث فى مواضيع مختلفة واذ بأحدهم يتحدث عن الدنيا وصعوبتها والحياة وعذابها وشعرت وقتها بأن الدنيا قد ضاعت وأن الناس قد هلكت . والأرض تخربت . وتكاد السماء تسقط على العباد . أفكار سوداء . وإعتقادات خاطئة . وتشائم تصرغ منه الجبال .
فما أستطعت أن أذهب إلى فراشي للنوم الا وأنا أكتب هذه الكلمات .
إن التشاؤم أو التفاؤل موجود منذ القدم فى مختلف المجتمعات . ويعتقد المتشائم دائما” أن كل شىء أسود وسىء أمام عينيه . ويتخلل أعماق عقله وقلبه اليأس والسخط . ويردد دائما” تعبيرات توحى بالفشل . والأخطاء . واليأس . وفقدان ألأمل . والقلق . والخوف من المستقبل .وضعف الايمان
الشؤم والتشاؤم من الشائعات التي لا أصل لها في الدين ، ولا سند لها من الواقع ، وهو منهي عنه شرعاً.. وأكثر ما يكون التشاؤم ، إذا أصبح أحدهم قاصداً غايته ، واعترضه بعض من لا ترضيه هيئته ، ولا يخفى عليه منظره ، وقد يتحكم التشاؤم في ذلك الرجل ، ويستبد به.. ويثنيه عن غايته ، ويفوت عليه غرضه. ، ومن القصص التي قرأتها وتدل على ما قصدنا :
ما حكي عن سليمان بن عبدالملك أحد خلفاء بني أمية أنه كان كثير التشاؤم وفي يوم من الأيام خرج للصيد وبينما هو في الطريق لقيه رجل أعور دميم الخلقة زريَّ الهيئة فقال لأصحابه : أوثقوه ، ومروا في طريقهم ببئر خربه قد تهدمت وجف ماؤها ، فقال سليمان : احبسوه في هذا البئر!! فإن صدنا يومنا هذا أطلقناه وإلا عاقبناه لتعرضه لنا!! مع علمه بتشاؤمنا!! فألقوه في تلك البئر ومضوا!!.. وشاء الله أن يخلف ظن سليمان ، فما رأى في عمره صيداً أكثر من ذلك اليوم ، فلما رجعوا ومروا بالرجل أمر بإخراجه.. فلما وقف بين يديه قال : يا شيخ.. ما رأيت أسر وأبر من طلعتك.. فقال الشيخ : صدقت ، ولكني ما رأيت أشأم من طلعتك عليَّ.. فضحك سليمان وأمر بإطلاقه وأحسن إليه..
عزيزي المتشائم . إن هذه الدنيا مليئة بالأحزان لأنها أعدت للإختبار والإبتلاء . وكثيرا” ما تكون قاسية . ولكن يتخللها كثيرا” من الأفراح والسعادة . وإذا استمر شعورنا ملاصقا” للأحزان . وأصبحنا ضحية للكآبة والشعور باليآس والإحباط . لضاعت قيمة الحياة . وعشنا فى ألم وحزن ومرض طوال حياتنا . وما تغير من واقعنا شيئا” .
تمر الأيام علينا وبها من الأحاسيس المفرحة والمحزنة كل لحظة . فلماذا ننسى المفرح منها ونحاول التشبث بالمحزن منها فقط . وكأننا نحاول أن ننتقم من أنفسنا ومن الحياة .
أخى القارىء . أختى القارئه : إذا نظرنا إلى الحياة بنظرة تفائل . فإنها تعطى حياتنا طعما” جديدا” مملوء بالفرح والسعادة ووقتها سنتذوق الحياة بمذاقا” جميلا” .
ودائما” نتذكر أن همومنا أبسط بكثير من هموم ومشاكل الكثير من البشر .
وحتى لا أطيل عليكم : أوجه دعوة لنفسى ولعزيزى المتشائم بضرورة النظر للأمور نظرة واقعية تفائلية . ووقتها ستشعر بأن الدنيا جميلة رائعة بكل ما فيها من أحداث ومتغيرات . وترى همومك ومشاكلك الكبيرة أصبحت صغيرة . وسترى أشياء جميلة لم تكن تراها أو تشعر بها من قبل .
المتفائل هو الذي يرى الأزهار فى الأشجار . والمتشائم هو الذي يرى الأشجار فقط .

زر الذهاب إلى الأعلى