الأدب و الأدباء

قصة قصيرة بعنوان” حتى تفرقنا المرسيدس”

بقلم/الشيماء صلاح الدين

كان مترددا..
خرجت حروف الكلمات مختلطة بدخان السيجارة التى أشعلتها حينما سألتها عنه،لا أعرف هل أشعلتها لحاجتها للنيكوتين أم لتخفى ملامحها وربما دموعها خلف ستار من الدخان..
كنا فى زيارة عائلية،وأصر أن نلتقى بعضا من أصدقائنا القدامى فى أحد المقاهى المنتشرة على الكورنيش لنكمل معهم أمسيتنا،أخبرته أننى أعرف طريقا مختصرا،وافق فى البداية ثم سرعان ما عاد لتردده وخوفه من كل ما يجهل..
أخذت نفسا سريعا من السيجارة وعادت لتكمل..
بعناد ذكورى،أعهده فيه،رفض كل محاولاتى لمساعدته كى نصل لوجهتنا..
ناولتها منديلا ورقيا لتجفف دموعها المنسابة على وجنتيها،تناولته شاكرة وأستأذنتنى فى تدخين سيجارة أخرى،أشفقت على حالتها النفسية فوافقت على الفور..
كانت الكلمات تخرج من فمها مهتزة مضطربة تشبه أصابعها التى لا تكاد تقوى على حمل لفافة التبغ..
تشاجرنا فى الطريق،ﻷول مرة منذ ألتقينا..
أعرف كبرياءه،لم يكن يريد أن يعترف أنه لم يعد يتذكر الطريق لذلك المقهى،وأنا أختلقت قصة الطريق المختصرة حتى لا يشعر بأننى أثير موضوع ضعف ذاكرته مجددا..
أصبح حساسا جدا مؤخرا،لا يريد أن يعترف بآثار الزمن على كلينا،ينزعج من ذكرى العقاقير ومواعيدها،يثور إذا أجبر على تناولها على غير إرادته..
نفثت الدخان بعيدا وهى تنظر إلى الفراغ وكأنها تستحضر مشهدا أمام عينيها..
أمسكت بيده لنتجه يمينا لكنه سحب يده بقوة وأصر أن نتجه يسارا،كنا فى مفترق طرق،صرخ فى وجهى حينما جذبت يده بإتجاهى،فى هذه اللحظة،ظهرت تلك المرسيدس لتنتزعه من يدى..
أجهشت بالبكاء وهى تضغط قبضتها فى الهواء كأنما تحاول أن تمسك بطيفه الراحل…
لم يفتها أن تبرأ ساحة سائق السيارة من تهمة قتل زوجها الكهل،وألقت اللوم على بطء حركته وضعف سمعه..
وأقفل المحضر فى ساعته وتاريخه..

تمت

 

زر الذهاب إلى الأعلى