اسليدرمقالات واراء

العوار الدستوري في بيان ٣ يوليو ٢٠١٣

كتبها و حللها : احمد محمد حسونة

تنويه وهذا المقال فقط للامانة العلمية و للامانة التاريخية
حيث جاء نص البيان على لسان الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع و الانتاج الحربي في تلك الفترة
” إن القوات المسلحة لم يكن فى مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب التى استدعت دورها الوطني وليس دورها السياسي على أن القوات المسلحة كانت هى بنفسها أول من أعلن ولا تزال وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسي.
ولقد استشعرت القوات المسلحة – إنطلاقاً من رؤيتها الثاقبة – أن الشعب الذي يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته. وتلك هى الرسالة التى تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها وقد استوعبت بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها وقدرت ضرورتها واقتربت من المشهد السياسي آملة وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب والمسئولية والأمانة.
لقد بذلت القوات المسلحة خلال الأشهر الماضية جهوداً مضنية بصورة مباشرة وغير مباشرة لاحتواء الموقف الداخلي وإجراء مصالحة وطنية بين كافة القوى السياسية بما فيها مؤسسة الرئاسة منذ شهر نوفمبر 2012 ، بدأت بالدعوة لحوار وطني استجابت له كل القوى السياسية الوطنية وقوبل بالرفض من مؤسسة الرئاسة فى اللحظات الأخيرة، ثم تتابعت وتوالت الدعوات والمبادرات من ذلك الوقت وحتى تاريخه.
كما تقدمت القوات المسلحة أكثر من مرة بعرض تقدير موقف إستراتيجي على المستوى الداخلي والخارجي تضمن أهم التحديات والمخاطـر التى تواجه الوطن على المستوى الأمني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي ورؤية القوات المسلحة كمؤسسة وطنية لاحتواء أسباب الانقسام المجتمعي وإزالة أسباب الاحتقان ومجابهة التحديات والمخاطر للخروج من الأزمة الراهنة.
فى إطار متابعة الأزمة الحالية اجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة بالسيد رئيس الجمهورية فى قصر القبة يوم 22 يونيو 2013 حيث عرضت رأي القيادة العامة ورفضها للإساءة لمؤسسات الدولة الوطنية والدينية، كما أكدت رفضها لترويع وتهديد جموع الشعب المصري.
ولقد كان الأمل معقوداً على وفاق وطني يضع خارطة مستقبل ويوفر أسباب الثقة والطمأنينة والاستقرار لهذا الشعب بما يحقق طموحه ورجاءه ، إلا أن خطاب السيد الرئيس ليلة أمس وقبل إنتهاء مهلة الـ 48 ساعة جاء بما لا يلبى ويتوافق مع مطالب جموع الشعب، الأمر الذي استوجب من القوات المسلحة استناداً على مسئوليتها الوطنية والتاريخية التشاور مع بعض رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب ودون استبعاد أو إقصاء لأحد، حيث اتفق المجتمعون على خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصري قوي ومتماسك لا يقصي أحداً من أبنائه وتياراته وينهى حالة الصراع والانقسام. وتشتمل هذه الخارطة على الآتـي :
تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت .
يؤدى رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة .
إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين إنتخاب رئيس جديد.
لرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية.
تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية.
تشكيل لجنة تضم كافة الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذي تم تعطيله مؤقتاً.
مناشدة المحكمة الدستورية العليا لسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء فى إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية.
وضع ميثاق شرف إعلامى يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن.
اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة ليكون شريكاً فى القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.
تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.
تهيب القوات المسلحة بالشعب المصري العظيم بكافة أطيافه الالتزام بالتظاهر السلمي وتجنب العنف الذى يؤدي إلى مزيد من الاحتقان وإراقة دم الأبرياء، وتحذر من أنها ستتصدى بالتعاون مع رجال وزارة الداخلية بكل قوة وحسم ضد أي خروج عن السلمية طبقاً للقانون وذلك من منطلق مسئوليتها الوطنية والتاريخية.
كما توجه القوات المسلحة التحية والتقدير لرجال القوات المسلحة ورجال الشرطة والقضاء الشرفاء المخلصين على دورهم الوطنى العظيم وتضحياتهم المستمرة للحفاظ على سلامة وأمن مصر وشعبها العظيم .
حفظ الله مصر وشعبها الأبى العظيم … والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.”
العوار في ذلك البيان
اولا :- ينقسم شرعية العمل الاداري الى قسمين رئيسيين وهما الشرعية الخارجية و الشرعية الداخلية و الشرعية الداخلية تنقسم الى احترام قواعد الاختصاص في القرار الاداري و احترام قواعد الشكل و الإجراءات و الشرعية الداخلية هي احترام القواعد العامة حرفيا و احترام روح نصوص القواعد العامة ( انظر كتاب المشروعية الإدارية و منحنياتها للدكتور رافت فودة صفحة ٤٠ )
و من هذا نجد انه حتى يكون العمل الصادر من اي شخص مسئول بالدولة مشروع يجب ان يتميز بصفة الاختصاص اي يجب ان يكون مصدر القرار او البيان هو الشخص المسئول بإصدار ذلك البيان و حتى ولو كان هناك حالة استثنائية فان صدر قرار من شخص غير مختص وحتى ولو كان للصالح العام اعتبر مجلس الدولة هذا القرار منعدم و هو والعدم سواء بسواء وبالنظر الى نصوص الدستور القائم في هذا الوقت – دستور عام ٢٠١٣ – لوجدنا ان نص المادة ١٥٣ من الدستور المصري لعام ٢٠١٣ ينص على
” إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته حل محله رئيس مجلس الوزراء. وعند خلو منصب رئيس الجمهورية؛ للاستقالة أو الوفاة أو العجز الدائم عن العمل أو لأى سبب آخر، يعلن مجلس النواب خلو المنصب ويخطر المفوضية الوطنية للانتخابات، ويباشر رئيس مجلس النواب مؤقتا سلطات رئيس الجمهورية.
ويحل مجلس الشورى ورئيسه محل مجلس النواب ورئيسه فيما تقدم في حالة حل مجلس النواب. وفى جميع الأحوال يجب أن ينتخب الرئيس الجديد في مدة لا تجاوز تسعين يوما من تاريخ خلو المنصب. ولا يجوز للقائم بأعمال الرئيس أن يترشح لهذا المنصب، ولا أن يطلب تعديل الدستور، ولا أن يحل مجلس النواب، ولا أن يقيل الحكومة. “
ونجد ان نص المادة سالفت الذكر قد خولت الحق لمجلس الشعب او مجلس الشورى في اعلان خلو منصب رئيس الجمهورية والذي معه كان خلو منصب رئيس الجمهورية لأسباب اخرى غير الاستقالة او الوفاة او العجز الدائم والذي معه يجعل قيام الفريق عبد الفتاح السيسي في ذلك الوقت بإعلان ذلك البيان امر غير مشروع بناء على مقتضيات المشروعية الخارجية حيث ان البيان صدر من شخص غير مختص مما يجعل ما قام به هو والعدم سواء حتى ولو كان في ظروف استثنائية والذي يبرهن هذا الامر احكام مجلس الدولة وهذا ما اتجه اليه مجلس الدولة في احد أحكامه والتي او ضحت الآتي
” نظام الاحكام العرفية وان كان نظام استثنائياً ، الا انه ليس بالنظام المطلق ، بل هو نظام خاضع للقانون ، وضع الدستور اساسه ، وبين القانون اصوله وأحكامه ، ورسم حدوده و ضوابطه ، فوجب ان يكون اجراؤه على مقتضى هذه الأصول و الاحكام ، وفي نطاق هذه الحدود و الضوابط ، والا كان ما يتخذ من التدابير و الإجراءات – مجاورا لهذه الحدود و منحرفاً عنها- عملا مخالفا للقانون تبسط عليه رقابة القضاء ”
( الإدارية العليا ، الطعنين ارقام ٨٣٠ ، ٨٧١ في ٢٩/١٢/١٩٧٩ )
ومن هذا نجد ان ما صدر من الفريق عبد الفتاح السيسي في ذلك الوقت مخالف للمشروعية الخارجية حيث ان وزير الدفاع و الانتاج الحربي او المجلس العسكري ليس المختص بمثل تلك القرارات بل المختص بها وفقا للدستور في ذلك الوقت هو مجلس الشورى لغياب الرئيس و حل مجلس الشعب في ذلك الوقت
ثانيا :- كل ما قام به الفريق عبد الفتاح السيسي في ذلك الوقت هو والعدم سواء بسواء و كل ما ترتب عليه باطلا بطلاناً مطلاقاً من تولي رئيس المحكمة الدستورية العليا منصب رئيس الجمهورية الى ما قام به من إعلانات دستورية وخلافه
ثالثا:- قد يختلف الامر بعد الاستفتاء على دستور ٢٠١٤ والموافقة عليه اذ يعد ما جاء بعد الاستفتاء صحيح يوافق صحيح الدستور و القانون
رابعا:- ليس معنى ان الاستفتاء على دستور عام ٢٠١٤ موافق صحيح الدستور و القانون ان جميع الحرائم التي تم ارتكابها في ذلك الوقت قد سقطت بل هي قائمة لا تسقط بالتقادم وفق ما جاء بنصوص الدستور – ٢٠١٤ – بل ستظل قائمة يوجب عقاب مرتكبها و براءة كل من ظلم فيها بهتاناً وظلماً
هذه شهادة مني بذلك للامانة العلمية و التاريخية
وصدق من قال
“والحرية من الله أيضاً كالرزق ، فابحث عنها وأقبض عليها ويضمن لك الله منالها أيضاً ، فأفضل الجهاد كلمة حق ( حرية التعبير جهاد ) عند سلطان جائر”

زر الذهاب إلى الأعلى