الثقافةاهم المقالاتمعلومات عامةمقالات واراء

الاغتراب الاجتماعي و الشباب

كتب . محمد فتح الباب

يمكن القول أن الاغتراب ظاهرة إنسانية امتد وجودها لتشمل مختلف أنماط الحياة الاجتماعية والاقتصادية، ففي معظم الثقافات الإنسانية المعاصرة، تتزايد مشاعر هذا الاغتراب وتعدد نتيجة لطبيعة العصر الذي يعيشه الإنسان ،
عصر المتناقضات،عصر التنافس والتغيرات الخاطفة المتلاحقة، عصر طغت فيه المادة، مما أدى إلى إصابة الإنسان بالكثير من الاضطرابات والمشاكل الاجتماعية، والتي جاءت في مقدمتها ظاهرة الاغتراب الاجتماعي بكل تجلياتها………..

تعتبر مشكلة الاغتراب الاجتماعي من أهم وأخطر المشاكل الاجتماعية التي تواجه أفراد المجتمع في الوقت الراهن، وخصوصاً فئة الشباب التي تعد من أهم فئات المجتمع ، فالاغتراب ليس مفهوماًً حديثاً بل هو القديم الحديث ، لأنه يرتبط بمتغيرات ومفرزات المجتمع الذي ينشأ فيه، لذا يمكن القول أن لكل مجتمع مشاكله الاجتماعية التي تساهم بإيجاد هذه المشكلة، وللاغتراب أنواع ومظاهر متعددة،
نجد أن طبيعة الواقع الاجتماعي من أبرز وأهم العوامل التي تساهم في تكوين وتوجيه العلاقات الاجتماعية لأفراد المجتمع ، ناهيك عن طبيعة هذه العلاقات وكيفية تأثيرها المباشر على أفراد المجتمع ، فإذا كان هذا الواقع يعاني من مشاكل عديدة ضمن بنيته الأساسية ، فإن ذلك سينعكس سالباً على أفراد المجتمع ، وخصوصاً الشباب مما يؤدي في بعض الأحيان إلى إيجاد ما يسمى الاغتراب الاجتماعي لديهم ، كنتيجة طبيعية لمشاكل التفكك الأسري الذي يؤدي إلى إحباط عمليات التواصل والتفاعل الاجتماعي بين علاقات الأفراد( الشباب ) ، ناهيك عن ارتفاع معدلات البطالة بينهم بسبب عدم قدرة سوق العمل على استيعاب الأيدي العاملة الفتية ، بالإضافة إلى انخفاض مستوى الدخل الشهري لدى الأفراد مما يجعلهم يعيشون ضمن حدود الكفاف التي تلبي احتياجاتهم الأساسية فقط ، كل ذلك يجعل منهم أفراد غير فاعلين بالمجتمع قلقين من المستقبل بسبب العوز المادي الذي يعتبر من أهم العوامل في إيجاد مفهوم الاغتراب الاجتماعي لدى الشباب .

بالمقابل نجد أن معاناة الشباب من الاغتراب الاجتماعي يساهم هو أيضاً بإيجاد عدد لا يستهان به من المشاكل الاجتماعية التي تعتبر نتيجة حتمية له لأن بهذه الحالة يحاول الإفلات من سيطرت هذا المرض الاجتماعي من خلال اللجوء إلى الإدمان على المخدرات بين الشباب كحل سلبي انسحابي للهروب من الواقع الاجتماعي المرير الذي يطاردهم في أشكال علاقاتهم الاجتماعية ، ناهيك عن انتشار الجريمة والسرقة للتعويض عن الجزء المفقود من الدخل المادي لديهم، وبهذا المعنى أصبحت هذا المشاكل مرتبطة بشكل مباشر بالاغتراب الاجتماعي لدى الشباب .

وفي جانب آخر يعتبر التطور التكنولوجي الذي تمر به المجتمعات البشرية أحد أبرز العوامل التي تساهم في إيجاد مفهوم الاغتراب الاجتماعي لدى الشباب ، وذلك من خلال استخدام الانترنت التي ساهمت بشكل كبير في إيجاد نوع من العزلة الاجتماعية لدى الشباب من خلال ارتفاع معدلات استخدام الانترنت للمحادثة داخل المجتمع الالكتروني الكبير ضمن الشبكة العنكبوتية ، هذا الوضع انعكس سلباً على العلاقات الاجتماعية بين الأفراد ، وخصوصاً الشباب بسبب فقدان ما يسمى عمليات التفاعل الاجتماعي بينهم ، الأمر الذي ساهم في إيجاد نوع من الفتور و العزلة الاجتماعية التي تتحول مع مرور الزمن إلى ما يسمى الاغتراب الاجتماعي لدى الشباب ، وبهذه الحالة يعتبر الاغتراب بمثابة متغير تابع للمتغيرات التكنولوجية التي تعتبر بمثابة المتغير المستقل . فالاغتراب الاجتماعي بكل تجلياته يدخل في علاقة جدلية مع الواقع الاجتماعي أي في علاقة تأثير وتأثر .

زر الذهاب إلى الأعلى