الاسلامياتالثقافة

رائحة الموت

كتب حازم مطر
الموت حقيقة لا خلاف عليها, وهو يترقبنا جميعا, كلا لوقته المحدد, فقال الله عز وجل في محكم التنزيل ” كل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذو الجلال والاكرام” صدق الله العظيم, وعندما تدق آخر دقة فإن الموت يأتي بعدها ولا يتأخر أبداً. وربما نعجب من دقة البيان الإلهي عندما وصف لنا لحظة الموت فقال: (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) [النحل: 61], وأنه لولا وجود الموت لم توجد الحياة وكأن الموت هو الأصل. والعجيب أننا نجد إشارة واضحة عن هذا الأمر في قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك: 2] إذاً الموت مخلوق… هذا ما يؤكده العلماء وهذا ما يقوله القرآن: والسؤال: من أين جاء النبي الكريم بهذا العلم لو لم يكن رسولاً من عند الله؟؟!, يؤكد العلماء أن الموت يُخلق في داخل النطفة، ويتطور داخل الخلايا منذ أن يكون الإنسان في بطن أمه، ويقول العلماء: يُخلق داخل كل خلية عناصر مثل صمامات الأمان تتحكم بحياة الخلية، فبعد كل انقسام يتغير حجم هذه العناصر، وكلما قصر طولها تقترب من الموت، وعند حجم معين تتوقف الخلية عن التكاثر وتموت، وهذا ما حدثنا عنه القرآن بقوله تعالى: (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) [الواقعة: 60]، أي أن الله تبارك وتعالى وضع نظاماً مبرمجاً لعملية الموت، لذلك فالعلماء أطلقوا مصطلحاً علمياً جديداً على موت الخلية أسموه (الموت المبرمج للخلية) ولذلك فإن قوله تعالى: (قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) [الواقعة: 60]، يتطابق مع الحقائق العلمية، وهذا يشهد على إعجاز القرآن الكريم.
من رحمة الله تعالى بنا أنه خلق الموت وجعله النهاية الطبيعية لكل شيء، يقول تعالى: (كل شيء هالك إلا وجهه) [القصص: 88]، ولكن ماذا يقول العلم الحديث؟ يصرح علماء الأحياء اليوم أن الموت لا يقل أهمية عن الحياة. فبعد تجارب وأبحاث كثيرة كشف العلماء أخيراً أن داخل كل خلية من خلايا الإنسان يوجد ساعة بيولوجية خاصة بهذه الخلية، فتأملوا مخلوقاً مثل الإنسان يعمل بمئة تريليون ساعة! مَن الذي ينظم عمل هذه الساعات ومَن الذي يحفظها من أي خلل قد يصيبها، مَن الذي يشرف على صيانتها، مَن الذي يزودها بالطاقة اللازمة لعملها… هل يستطيع أحد أن يدعي ذلك من المخلوقات؟ إنه الله تعالى القائل: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ) [الأنعام: 61].
وهذا ما حدث مع الإنسان أيضاً، إذ أنهم حاولوا إطالة عمر مجموعة من خلايا الإنسان، فإن هذه الخلايا تحولت إلى خلايا سرطانية قاتلة، ولذلك فإن العلماء قرروا أخيراً أن الموت لا يقل أهمية عن الحياة، وأنه لا يمكن أبداً إيقاف الموت ولذلك قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْت) [آل عمران: 185]. وهذه الحقيقة القرآنية تطابق العلم وتشهد على صدق كلام الحق تبارك وتعالى.

زر الذهاب إلى الأعلى