مقالات واراء

صديقتى…صديقى…. للأسف،أنت لست شفافاً !

بقلم/الشيماء صلاح الدين

حقيقة لا تقبل الجدال،لا إنسان شفاف،نعم،ليس بمقدورى أن أرى ما يدور بداخل أى شخص من إنفعالات ولا يمكننى أن أشاهد تبدل مشاعره تجاه أمر معين من حال إلى حال،كما يحدث فى المعامل حينما كان يطلب منا أثناء سنوات الدراسة أن نراقب التفاعلات الكيميائية داخل الأوانى الزجاجية الشفافة ونسجل الملاحظات ونكتب أى فرق قد يطرأ على المكونات داخل المعادلة وتسجيل النتائج ومعرفة الأسباب.
نحن البشر،أيضاً،تحدث داخلنا العديد من التغيرات والإنفعالات،لكن من غير الممكن ملاحظة إلا القليل منها مما قد يبدو ظاهراً،مثل إحمرار الوجه عند الخجل أو الغضب،وإتساع حدقة العين عند الوقوع فى الحب وعند الدهشة أيضاً،حتى إنفعالاتنا الظاهرية قد تحتمل أكثر من معنى وتفسير.
فإذا كان هذا حالنا جميعاً،لماذا نطلب من الآخرين من أبناء جنسنا البشرى أن يعرفوا على وجه اليقين كيف نشعر تجاه أمر معين فى لحظة معينة؟؟
ألا يعد هذا ظلماً؟!
كيف لشخص آخر،خارج حدود جسدك،أن يعرف على وجه اليقين الذى لا يقبل الشك كيف تشعر تجاه كلمة أو تصرف أو موقف؟
كثيراً ما تصادفنى جملة “لو كان بيحبنى صحيح كان عرف أنا حاسة بإيه دلوقتى”،قد تحمل الجملة السابقة جزء من الحقيقة،فمن يحبك بصدق يقدر على الأحساس بك،الأحساس أن هذا الأمر أو ذاك،قد يحزنك أو قد يدخل السرور على قلبك،وقد هنا تفيد الشك،لأنه ببساطة مهما بلغت درجة قرب أى شخص منا،فلن يكون قادر على تقدير درجة الحزن أو السعادة داخلنا لأنها تتغير وتتأثر بعوامل عدة،منها المزاج العام مثلا.
خلق الله لنا القدرة على الكلام للتواصل مع الآخرين،وطور الأنسان هذه القدرة وبدأ فى صياغة حروف وكلمات وعبارات للتعبير عما يدور فى نفسه وفى خاطره من أفكار ومشاعر،لماذا قرر البعض الآن أن علينا أن نفهم مشاعرهم ومقاصدهم بدون أن نحتاج لتلك المهارة الرائعة وهى الكلام؟!
لماذا أصبح من شروط الحميمية فى أى علاقة،سواء صداقة أو حب أو زواج،أن أفهم الآخر من نظرات عينيه أو من لغة جسده؟! لا أنكر أن لغة العيون ولغة الجسد عناصر مهمة لتسهيل التواصل،لكنهما ليسا أساسيان كأستخدام الكلمات ونبرات الصوت المختلفة.
لماذا أصبح غريباً جداً أن أخبر شخص ما أن ما فعله قد أغضبنى أو أسعدنى أو فاجأنى ؟
لماذا يتوقع منا الآخرون أن نفسر نظراتهم لنا بشكل دقيق فى كل مرة،بل ونفهم منها درجة إستيائهم مثلا أو سعادتهم؟
حتى على مواقع التواصل الإجتماعى،إذا ما تخلينا عن تلك الرموز الضاحكة والعابسة قد يساء فهم كلماتنا أو تحمّل فوق ما تحتمل من معنى.
إذا أحببت شخصاً،حاول أن تصيغ ذلك بالكلمات،وإذا كرهت من شخص ما تصرفاً أخبره بذلك وتحرى اللين فى العبارات ،إذا ما قدم لك شخص ما هدية، أشكره حتى ولو بكلمة،أعتذروا بكلمة واجروا فى حروفها شعوركم بالآسف حقاً ،فالقلوب قادرة على استخراج المشاعر واستشعارها من بين حروف الكلمات.
لغة العيون رائعة،لكن أطلقوا سراح الكلمات الحبيسة خلفها وأستمتعوا بإنسانيتكم.

زر الذهاب إلى الأعلى