اسليدرالتقارير والتحقيقاتالمصريين بالخارجحصرى لــ"العالم الحر"
بالصور .. الإتجار التعاقدي هو الموت البطيء لشبابٍ في عمر الزهور !!
تحقيق / خلف الله عطالله الأنصاري
مقدمة :
ضاع الضميرُ ، وأصبحت المادةُ هي التي تتحكمُ في حياةِ شباب في عمرِ الزهورِ ، بات ضحايا لجرائم الإتجار التعاقدي المذموم ، و كيف يستعبدون وقد خلقهم اللهُ أحراراً كنور الضحى في رابعة النهار! أحرارٌ رغم رياح الذل و إن سارت بهم عكس إتجاه الإنسانيّة . وأنا من بينهم حرٌ ؛ أطالع كل يومٍ خارطة قهري ، ماتت فيَّ الأماني وشاخت ، نملأ رغباتهم نُشبع حماقاتهم وهم يتاجرون بحريتي وكرامتي !! لم ينههم الجنس الذي يجمعنا ؛ لم يكترثو أو ينظروا إلى أنّي بشرا . أدموا المآقي دماً ، جعلوا الروح تنطوي تقطر دمعاً ، جعلوا المساء يعوي بالآهات بالأسى الدفين ! أوثقوا الرحيلَ نفسي وكياني ، بتُ في غربتي جاثم ، أعيش في الحياة وأنا خارجها ، أحاول المضي فيمنعني صراخي ، ثم أرقب درباً من العمر جديد ، خطايا ثقيلة عثرة قد أدماها طول الطريق ، حتى أمسى حلم عيش كريمٍ ضرب من الخيال ، وهم يحيطه شبحٌ دنّس كل ألوان الإنسانيّة . لم أعد أطيق ذاك القيد ، بتُ أكره أني إنسان مكبل اليدين مربوط اللسان ، لا يستطيع الصراخ في وجه كل من يرضعونا اليأس والآلام . أبدا لن يدوم صمتي ، حتماً سأهدم يوماً كل جدران الكآبة والذل ، لن يغلق باب الأمل في نفسٍ تتوق للحريّة رغم أنجاس الزمان ، حتماً يشرق فجراً وينمحي في الغروبا . يعود الفجر وإن طال الزمن وأعود حراً كما خلقني الله لأنزع ثوب القهر و أصير فقط ” إنسان ” .
متي بدأ الاتجار التعاقدي في العالم ؟
بدأ الإتجار التعاقدي من بعد التوجه نحو إلغاء الرق علي الصعيد العالمي ؛ فبحلول نهاية القرن الثامن عشر رفض الرأي العام الأوربي مسار تجار الرقيق ، فقامت جماعة بريطانية بتأسيس جمعية لإلغاء تجارة الرقيق عام 1787م ، ونجحت تلك الجمعية في وضع اللبنة الأولي للقضاء علي تجارة الرقيق ، مما كان له أثره البالغ ، ودفع معظم الدول الأوربية لإلغاء هذه التجارة في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي عام 1833 م ، ليتم إلغاء الرق في جميع أنحاء الإمبراطورية البريطانية. وبعد تأسيس دولة فرنسا عام 1848 بثلاثة شهور قامت الثورة الفرنسية الكبري ضد تجارة الرقيق ومن ثم إلغائها و القضاء علي تلك التجارة بكافة جمهورية فرنسا . وفي عام 1897 في أثناء حكم السلطان حمود بن محمد ألغي الرق في زنجبار وهي احدي المحميات البريطانية منذ عام 1890 . أواخر القرن التاسع عشر الميلادي أبرم البريطانيون معاهدات مع حكام مناطق شرق أفريقيا القرن الإفريقي والجزيرة العربية و الخليج العربي والتي كانت تمثل حلقة الوصل لحملات مكافحة الرق والعبودية . ومن ضمن تلك المعاهدات تلك التي كانت في عام 1877 مع الخديوي اسماعيل بمصر وسلطان زنجبار 1873 . و قد استمرت تجارة الرقيق في دول الخليج العربي من قبل اكتشاف الذهب الأسود بدول الخليج و حتى مطلع ثلاثينيات القرن الماضي ليتم إلغاء الرق بشكل نهائي ؛ بداية من عام { 1855-1962} حيث أصدرت الدولة العثمانية مرسوم يقضي بمنع تجارة الرقيق في جميع المناطق تلك التي تحت سيادتها و منها دولة قطر في ابريل عام 1952 ، دولة السعودية في نوفمبر 1962 و مع بزوغ شمس الحرية بدأت مرحلة جديدة من نظم العقود المذمومة .
أكثر الدول المصدرة للعمالة في العالم :
كشف تقرير سعودي صادر عن وزارة العمل السعودية أن 10 دول مستهدفة لإستقدام العمالة المنزلية ( النسائية ) . و من أبرز هذه الدول الهند ، الفلبين ، فتنام ، نيبال ، سريلانكا ، كمبوديا ، لاوس ، إندونيسيا ، قرغيستان و بنجلاديش. وطبقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي تضمن قائمة بأسماء 10 دول مصدرة للعمالة ، وهي : الهند ، المكسيك ، روسيا ، الصين ، بنجلاديش ، باكستان ، الفلبين ، أفغانستان ، أوكرانيا ، و المملكة المتحدة. كما أضاف التقرير بعض الحقائق الخطيرة عن حجم مشكلة الإتجار التعاقدي : يقع حوالي 2,5 مليون شخص ضحايا العمل القسري – بما فى ذلك الإستغلال الجنسي – نتيجة للإتجار التعاقدي بالبشر . فمن بين 190 دولة يضمها عالمنا المعاصر ، هناك 161 دولة تلعب دوراً ما فى منظومة الإتجار بالبشر ، فهي إما دولة مصدرة أو مستوردة للضحايا . هذا و اغلب العمالة تتراوح أعمارهم ما بين 18 و 34 عاما . و يقدر أن 1.2 مليون من الأطفال يتم الإتجار بهم سنوياً .
أكثر الدول المستوردة للعمالة المهاجرة :
دول الخليج العربية وخاصة المملكة العربية السعودية والتي تأتي في المركز الثاني بين أكبر 10 دول في العالم و يقصدها المهاجرون للبحث عن فرصة عمل و الإقامة فيها ، وتأتي بعد الولايات المتحدة التي حلّت في المركز الأول ، بينما جاءت الإمارات العربية المتحدة في المركز الخامس . و القائمة ضمت كلاً من الولايات المتحدة ، السعودية ، ألمانيا ، روسيا ، الإمارات ، المملكة المتحدة ، فرنسا ، كندا ، إسبانيا ، وأستراليا.
الهجرة الداخلية للدول العربية لإستيعاب نسب البطالة المرتفعة:
كشف تقرير صادر عن – بنك النقد الدولي – إرتفاع نسبة البطالة في بعض الدول العربية ، نتج عنه الهجرة الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي ، ومن هذه الدول الجزائر ، مصر ، اليمن ، جيبوتي ، العراق ، الأردن ، السودان ، لبنان و سوريا . وبالرغم من التقدم الذى تحقق في الأعوام الأخيرة من خفض لمعدلات البطالة المرتفعة ، لتسجل إنخفاضا من 14.2 % لعام 2000 إلى 10.3 % لعام 2008 ولتحرز ثباتا ظل حتي عام 2009 ، الا انها عادت لتسجل إرتفاعا خطيرا خاصة في دول ثورات الربيع العربي .
استغاثة العمالة الوافدة :
استغاثة من حناجر شباب تركوا أوطانهم بحثاً عن لقمة العيش استنجادا بحقوق الإنسان و منظمات المجتمع الدولي ضد تجار المال في زمن غاب فيه الضمير الاستاذ : رضوان عثمان من دولة السودان حاصل علي دبلوم في علوم الحاسوب و المعلومات ، و دبلوم الاعلام والعلاقات العامة ، وشهادة الإجازة الصحفية ، إلا أنه يعمل حارس أمن بأحد الدول الخليجيّة منذ 3 سنوات و راتبه لا يتعدي 350 دولار بما يعادل 1450 ريال ، قال رضوان : أسباب رضوخي تحت أسر العقود هي عدم توفر فرصة للعمل بأجر مجزي في بلادي في ظل حقيقة أن العمل الحر غير ذي جدوي ؛ ذلك ان الدولة تسلط مجموعة من سيوف الجبايات والرسوم على الرقاب ، لذلك رأيت أن أجرب حظي عبر هذه الطريقة ولكن الظلم الذي عانيته في بلادي ، وجدته أيضاً في الدولة الخليجيّة . أحمد عطا الله مصري حاصل على مؤهل جامعي ويعمل حارس أمن أيضا بأحد شركات القطاع الخاص في أحد الدول الخليجية منذ 9 سنوات إلا أن راتبه لا يتعد 1500 ريال ، متزوج ويعولُ أُسرةً والظروف التي تمر بها بلاده أجبرته علي الاستمرار في هذا الوضع الظالم . محمد مجيب 58 عام من بنجلاديش يعمل في شركة عقارية خاصة ، 24 عاما من العمل إلا أن راتبه فقط 800 ريال و نفس السيناريو يتكرر . احمد محمد 61 عاما يعمل بشركة صيانة كبري لنحو 26 عاما و راتبه 1100 ريال والكثير من تلك النماذج تحتاج منا الى وقفة تأمل و لفتة إنسانية .
الأضرار الصحية والنفسية :
يتعرض العامل للإهانة والظلم علي يد الكفيل ، و صور الظلم متعددة من تأخير الرواتب او القص منها متناسين قول الله تعالي ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) و عن أبي سعيد الخدري : أن النبي “صلى الله عليه وسلم ” ( نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره ). الراتب حق ليس لكفيل فيه ناقة ولا جمل . و من أعجب ما سمعت أن بعض أرباب الأعمال يعطى الأجير أجره من زكاة ماله لا من حر ماله و كأنه يظن خدمته واجبا على العبيد وأجره زكاة . فكم عدد العمال الذين يتأخر عليهم الراتب ! كم عدد العاملات اللواتى ينتحرن مما يجدونه من اشكال الظلم والضيق النابع عن سوء المعاملة وسوء الخدمات الصحية والضغوط من عدم الحصول علي جواز السفر و تأخير السفر لبلاده . فنجد ضياع حقوق العامل انسان حر يجد نفسه في غرفة صغيرة تحمل 6 : 10 أفراد ، مع عدم انضباط مواعيد العمل التي تصل لنحو 16 ساعة متصلة ، و آخر الشهر بعض أصحاب العمل لا يعطون العامل حقه مما يضطر ببعض العمال الي الهروب أو العمل بدون سند قانوني موافقا على الهجرة غير الشرعية عن طريق البحر مما تؤدي الي موته غريق أو سجين ، مرحلا الي بلاده في ذمة قضيّة سرقة و معتقل ..الخ .
أين مؤسسات المجتمع المدني المعنية ب ( حقوق الإنسان ) ؟
إن جمعيات حقوق الإنسان علي مستوي العالم تمتلك الآليات والأدوات المتاحة في إطار المنظومة العالمية لحقوق الانسان و التي يكفلها القانون الدولي ، لتشكل أهم الأساليب التي تمكنها من حماية حقوق العمال المهدورة و من ثم تصحيح أوضاع مغلوطة لإجبار الدول التي تعمل بنظام الكفالة على تصحيح أوضاعها نحو إلغاء نظام الكفالة لتتيح حق و حرية للعامل في التنقل و السفر مع ضمان كافة حقوقه المادية ليستعيد شعوره بإنسانيته .
خطوات خليجية جادة من ” قطر والسعودية والامارات والكويت والبحرين ” الي الغاء نظام الكفيل:
بعد إعلان الكويت والبحرين في 2009 الغاء نظام الكفالة حيث بدأت الكويت، في العام نفسه ، أولى خطوات إلغاء نظام الكفيل، بقرارها إلغاء موافقة الكفيل على تحويل إقامة العامل إلى كفيل آخر، من دون إذن الكفيل الأول، بعد قضاء العامل فترة لا تقل عن ثلاث سنوات لدى الكفيل الذي يعمل لديه وفي العام نفسه اقرت دولة البحرين نفس القرارات .
كما اعلنت الإمارات في 2010 إلغاء نظام الكفالة وبدء “نظام نقل الكفالة” الذي كان يحظر على العامل في القطاع الخاص الانتقال من شركة إلى أخرى، من دون الحصول على موافقة صاحب العمل ، حيث سيتمكن العامل الأجنبي الذي ينتهي عقده أن يغيّر صاحب عمله، من دون انتظار المهلة القانونية 6 أشهر، بشرط أن يعمل الطرفان المتعاقدان على فسخ العقد بينهما “ودياً”، وأن يكون العامل قد عمل لدى صاحب عمله سنتين على الأقل. وفي حال عدم فسخ العقد ودياً، يمكن للعامل الانتقال إلى عمل جديد، إذا تخلّف صاحب العمل عن واجباته التعاقدية والقانونية، أو إذا ثبت أن العامل ليس مسؤولاً عن فسخ العقد.
أيضاً أعلنت دولة قطر، إلغاءها نظام الكفيل بشكل رسمي واعطاء فرصة للشركات لتعديل أوضاعها، عقب إصدار مجلس الوزراء القطري قراراً باتخاذ الإجراءات اللازمة لاستصدار قانون جديد لتنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم في قطر، بعد إطلاع المجلس على توصيات مجلس الشورى حول مشروع القانون .
وكانت وكالة الأنباء القطرية الرسمية “قنا”، قد أوردت أن مشروع القانون يتضمن الأحكام المتعلقة بتنظيم إجراءات وشروط دخول وخروج وإقامة الوافدين واستقدامهم، وتغيير جهة عملهم، والتزامات كل من المستقدم والوافد.
وتسعى قطر لبعث رسائل إيجابية للمجتمع الدولي حول الموضوع الذي أثارته وسائل إعلام غربية ، بالتأكيد على صون حقوق العمال الوافدين، مع تزايد وتيرة الإنجازات التي تشرع فيها قطر استعدادًا لمونديال 2022 والذي ظهر جلياً بعد افتتاح الكثير من المشاريع الكبري وايضا المدينة العمالية بالصناعية .
الحل:
إلغاء نظام الكفالة علي مستوي العالم وخاصة في الدول التي تعمل بنظام الكفيل ، وضع شروط وقوانين تضمن حقوق كلا من العامل ورب العمل وجود خارطة رواتب ثابتة يسري العمل بها علي مستوي العالم مطابقة للمتغيرات الحالية في الاقتصاد وغلاء الاسعار ، إنشاء مساكن أدمية وألاّ يزيد عدد ساكنو الغرفة عن شخصين ، الإلتزام بدفع الرواتب في مواعيدها دون تأخير وإعطاء حق العامل في الساعات الإضافية ، التأمين الصحي الشامل للعامل ، سهولة اجراءات السفر والمغادرة وإلغاء الخروجية ، رفع الراتب بنسبة مئوية سنوية كفالة حقه في الترقي ؛ ذلك ان العامل دعامة اساسية في بناء مستقبل البلد التي يقيم بها و عضوا فعالا في منظومة الإقتصاد فهو يستأجر من المواطن عقارا ، يشترى سلعته ، وفي قطاع الخدمات يرصف طريقا ، يبني ناطحات السحاب و يعلم أبناء الوطن . فهل العامل الذى ساعد و ساهم فى نهضة البلاد ، يكون تقديره بعد ذلك الظلم والاستعباد . يجب فعليا على الدولة أن تبدأ بنشر التوعية بين المواطنين بأهمية العامل وحقوقه ليعم السلام والحب في سبيل بناء دولة متطورة متماسكة .
