اسليدرالاسلامياتاهم المقالات

فى يومِ مولِدِ الهادى البشير..من أخلاقِهِ يتعلـُم الفلاسفةُ والحكماء

كتب : محمد عبد الحميد
يحتفل العالم الاسلامى هذه الأيام بذكرى مولد النبى عليه السلام وسيرة المصطفى عليه السلام بحرها عميق لا نستطيع سبر غوره ولكننى أردت أن استغل هذه المناسبة الطيبة لأكتب عن شئ من أخلاقه عليه السلام
فلقد كان عليه السلام أستاذَ الإنسانية وصفوةَ البشرية أوسطَ الناس حسبًا وأشرفَهم نسبًا وأحسنَهم قولًا وأكرمَهم خُلقا رباه ربه فأحسن تربيته وأدبه فأحسن تأديبه وفطره على محاسن الشيم ومكارم الأخلاق فوضع للبشرية كلِها منهاجا للحياة
يقول شوقى فى مديح النبى عليه السلام
فرسمتَ بعدَك للعبادِ حكومةً………… لاسوقةٌ فيها ولا أمراءُ
الله فوق الخلقِ فيها وحدَه ……………والناسُ تحت لوائِها اكفاءُ
والدين يسرٌ والخلافةُ بيعةٌ ……………..والأمرُ شورى والحقوقُ قضاءُ
فمنذ كان النبى عليه السلام طفلا صغيرا وهو يلفت الأنظار بما بدا عليه من كمال أدبه وسمو خُلقه وترفعه عن اللهو الباطل
كان صبيًا فى الثانيةعشرة من عمره يوم سافر عمه أبوطالب فتعلق الصبى به فأشفق العم عليه واصطحبه فى السفر وكان قد جاوز الأربعين من عمره وهو يبدى مشاعر الولاء لمرضعته السيدة حليمة السعدية ويلقاها هاتفا بها أمى أمى ويفرش لها رداءه وكان شيخا قارب الستين يوم بكى عند قبر أمه بكاءَ من لا ينسى الحب والمودة
وكان عليه السلام دائم البِشر بين أصحابه , وسعَ الناسَ خُلقُه فصاروا عنده فى الحق سواءا , ليس بفظٍ ولاغليظٍ ولاصخّابٍ ولافحّاشٍ ولاعتّابٍ ولامدّاح, يمازح أصحابَه ويجيب دعوة الحر والعبد والأمَةِ والمسكين ويعود المرضى فى أقصى المدينة
يقبل عذر المعتذر ولم يُرَ قط مادا رجليه بين أصحابه , يُكرم من يدخل عليه وربما بسط له ثوبا ويؤثره بالوسادة التى تحته ويعزم عليه بالجلوس عليها , يبدأ من لقيَه بالسلام ويبدأ أصحابه بالمصافحة , يُكَنى أصحابه ويدعوهم بأحب الأسماء إليهم , كثيرَ السكوت لا يتكلم فى غير حاجة , ضَحِكُه التبسم وكلامه فضل لافضول فيه ولا تقصير , مجلسه مجلس حِلم لاتُرفع فيه الأصوات ولاتُخدش فيه الحُرم
أما أمانته فقد شهد له بها العدو قبل الصديق ويكفى من ثقة الناس به عليه السلام ما أودعه عنده كفار قريش من أمانات وهم يناصبونه العداء ولم يهاجر إلا بعد أن كلف عليًا بن أبى طالب بردها إلى أهلها
وكان عليه السلام حليمًا صبورًا لايغضب لنفسه حتى فى أصعب المحن والكروب قال له بعض المسلمين بعد غزوة أُحُد وقد شُج رأسه وكُسِرت ُرباعيته (لودعوتَ عليهم) فقال عليه السلام انى لم أُبعث لعّانا ولكن بعثت داعيا ورحمة اللهم اهد قومى فإنهم لايعلمون
وكانت السيدة عائشة إذا غضبت أخذ النبى عليه السلام بأنفها وقال لها (يا عويش قولى اللهم ربّ النبى محمد اغفر لى ذنبى وأذْهِب غيظ قلبى وأجِرني من مُضلات الفِتن )
كان عليه السلام رحيمًا بالأحياء كافة لم ينهر فى حياته خادما وما استكبر يومًا أن يأكل معه ولم يضرب أحدا , يحلب الشاة ويضع الإناء للهرة لتشرب , لم ينفخ فى طعام ولاشراب ولم يتنفس فى اناء , يمازح الصغار ويُجلسُهُم فى حجره كان يصف أبناء عمه العباس ويقول لهم (من سبق إلىّ فلهُ كذا) فيستبقون إليه ويقعدون على صدره فيقبلهم
أما الزهد فكان صفةً ملازمةً للنبى عليه السلام طوال حياته فقد كان زاهدا فى الدنيا راغبا عنها , تقول السيدة عائشة رضى الله عنها ( ماشبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام متوالية حتى فارق الحياة ولو شئنا لشبعنا ولكن كنا نؤثر على أنفسنا ) وتقول رضى الله عنها ( كانت تأتى علينا أربعون ليلة وما يوقد فى بيت رسول الله مصباح ولانار قيل لها فبم كنتم تعيشون قالت بالأسودين التمرِ والماء ) وكان عليه السلام لايسأل أهله طعاما إن أطعموه أكل وما أطعموه وماسقوْه شرب
وربما بكت السيدة عائشةعلى النبى رحمة به مما ترى به من الجوع فقالت له ( نفسى لك الفداء لو تبلغتَ من الدنيا بقدر ما يقويك ويُعينك على الجوع ) فيقول عليه السلام ( يا عائشة اخوانى من أولى العزم من الرسل صبروا على ما هو أشدُ من هذا فمضوا على حالهم فقدموا على ربهم فأكرمَ مآبَهم وأجزل ثوابَهم فأجدُنى أستحيي إن ترفهتُ فى معيشتى أن يُقَصّرَ بى غدا دونَهم يوم القيامة فالصبرُ أياما يسيرة أحبُ إلىّ من أن ينقُص حظى غدا فى الآخرة وما من شئ أحبُ إلىّ من اللحوق بأصحابى واخوانى)
هذا هو محمدٌ النبى التقى الورع الزاهد الحليم الصبور الإنسان , الأمىُ الذى علّم البشرية وعلم الفلاسفة والحكماء الذين تساءلوا كيف كان هذا سلوك رجل أمى ولكنهم سرعان ماوجدوا الإجابة ببساطة لأنه نبى ليتنا نقتدى بسنته العطرة وسيكون هذا أعظم محبة نقدمها لنبينا الكريم فى ذكرى مولده

 

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر
زر الذهاب إلى الأعلى