الأدب و الأدباء

البلادة

بقلم : محمد عادل حبيب

التجريف الثقافي للأمة على مدى هذه العقود الطويلة أصاب شعوبنا بالبلادة ، مما أفقد الإنسان ملكة الإحساس والشعور ، فأصبح كالدمية لا يملك عقلا يقدر به ، ولا إحساسا يوجد عنده ردة فعل .
أصبحنا بسبب هذه البلادة نقف موقف المتفرج على عدونا وهو يعلن عن مخططاته المعادية لنا مسبقا ، ثم وهو ينفذها على أرض الواقع ، دون أن يحرك فينا قوله أو فعلة أي ذرة من الإحساس بالكيان ، وهل تدرك الدمى ؟
لقد كتب الدكتور محمد الغزالي رحمه الله منذ ما يقارب نصف قرن عن مخطط ينفذ لتقسيم السودان ، وبين أن هذا المخطط يقضي بإقامة دولة مسيحية في جنوب السودان ، وأن من يروج له بعض المسيحيين المصريين ، وهذه هي مهمة العلماء أن يلقوا الضوء على طريق الساسة ليتعاملوا مع المواقف ، فهل تحرك أحد ؟
البلادة منعتهم من التحرك على كل المستويات الشعبية والقيادية
بل إن الأمر وصل إلى أن أقامت مصر وغيرها من الدول العربية علاقات مع ما سمي بجنوب السودان وقدمت لهم الدعم لإقامة دولة منفصلة ، بل وتبنت مصر خطوات التفاوض من أجل الانفصال ، كل ذلك بسبب خلاف مزعوم بيننا وبين حكومة السودان الإسلامية .
هذا هو لب المخطط الغربي
خلق عداوات وهمية بيننا ، ثم استغلال حالة البلادة التي أصابتنا ودفعنا إلى الاقتتال واتخاذ قرارات أخرى مصيرية خطيرة في غيبة العقل وفي ظل البلادة .
وما يحدث الآن في بعض أو أغلب الدول العربية ومن بينها مصر هو نفس المخطط ، يتم خلق نفس العداوات الوهمية ، ونندفع على إثرها بكل ما لدينا من بلادة نحو المصير القاتم الذي بنتظرنا ، وهو التقسيم .
صائدوا الجراد يضيئون الأنوار ليلا لتجذب الجراد ، يندفع الجراد باتجاه الضوء ، دون أن يدري أنه يتدفع ليقدم نفسه وجبة طعام لغيره .
ربما تضيع هذه الدعوات أيضا كما ضاعت دعوة الغزالي
لكن التذكير يبقى مسئولية كل من بقي لديه قدرا من الانتباه ولو يسيرا وسط هذه البلادة المتفشية في أركاننا .

زر الذهاب إلى الأعلى