الأدب و الأدباءالثقافة

كن صديقي …

كتبت / فايزة ربيع ..

عمراً يمضي و سنوات تملائها المواقف و الذكريات و ما يخلو موقف أو ذكرى إلا و كان هناك من يقاسمنا فيها و هو صديق العمر ..
و يا له من عمر أصبح قصيراً !!
فقد أصبحنا نرى أن هناك بعض العلاقات لا تتعدى الشهور بل و الأيام أحيانا ، و أنا لا أقصد التعميم ، فهناك صداقات قوتها كالوتد و عمقها ممتد و لا نهاية له ..
و لكن أيضاً لا نستطيع أن ننكر أنها أصبحت نادرة ، حتى و إن وجدت فهناك معايير جديدة تحكمها ، أو ظروف تتحكم فيها قد تكون معاصرة لوقتنا الحالي ..
فهناك من نلتقي بهم صدفة و يحدث شيئاً ما ؛ يجعلنا نشعر بالتوافق و الإنسجام و تهمس لنا أنفسنا بأن ” ها هو ذَا من نبحث عنه ، فنطمئن و كأننا التقينا بنصفنا الآخر ، و لكن يحدث ؛ أن يكون كل هذا وهماً يمليه عليك عقلك الباطن الذي أودعت فيه هذه الصفات من قبل و رغبةً منا في شريك نتمناه ليتقاسم معنا رحلة الحياة بحلوها و مُرها ، و كثيراً ما ننخدع أو نتوهم هذا التوافق الذي نشعر به تجاه الآخرين ، ربما يكون ذلك نتيجة فراغ بداخلنا نبحث عن من يملئه ، أو حنين لبناء أحداث و مواقف جميلة نحتفظ بها في جعبة ذكرياتنا ، أو ربما تزامن دخول هؤلاء لحياتنا في وقت لم نكن فيه مستعدين لتقييم الأمور و الأشخاص بشكل صحيح !!
و لكن .. تعددت الأسباب و الفراق واحد !!
لم تمضي إلا أياما و عند أول خلاف يظهر الإختلاف ، و تسقط الأقنعة ، و مع ذلك لم نكف عن اقناع أنفسنا أنهم مازالوا هم الأصدقاء !! لا .. لم يكونوا و لن يكونوا ..
فكلمة الصداقة لم تكن يوماً بهذه السطحية و لا هي بالتي تأتي نتاجاً لإسقاط بعض الأحاسيس المفقودة بداخلنا على شخص ما ! قد يكون دخل إلى حياتنا بطريق الخطأ ..
فمهلاً في إختيار صديق العمر و كفانا صديق المرحلة ..
نعم لقد أصبح لكل مرحلة صديق نتقاسم معه الحياة و كأنه الرفيق الأبدي و لكن سرعان ما إن ينتهي دورة و يرحل و عادةً ما تكون النهاية قاسية و غير متوقعة ، و ما إن يمضي إلى حال سبيله ، إلا و نبدأ نشعر بالإحتياج لمن يملأ هذا الفراغ الذي تركه مجدداً !
و لكن لنا كل العذر ..
فمن منا يستطيع أن يكمل هذه الحياة بأعبائها وحيداً دون صاحب يشدد من أزره في الصعوبات ، و يقوي من عزيمته في الشدائد ، و يشاركه فرحة نجاحه ، و يحفزه على الطاعات و يكون طريقاً له للجنة ..
رحلة الحياة طويلة و شاقة و ما أهونها و أجملها عندما نجد صدقاً و حباً و وفاءاً يتمثل في صديقاً و رفيقاً يأخذ بأيدينا في الدنيا ليعبر معنا إلى الآخرة حتى العرش لينادي الرحمن
” أين المتحابين في ” فنكون مهنم
بإذنه و توفيقه و تكون الجنة جزاءاً لنا ..
ربما نلتقي بهذا الرفيق بعد يوم أو بعد جهد في طريق عابر دون قصد …
فمن يجده فاليتمسك به و ليكن له كما يحب أن يكون لنفسه ، فهو حقاً أمر يستحق و هدف لكل من أراد أن يهنأ بالدنيا و الآخرة ..
و لكن فضلاً تمهل .. إتقن الإختيار و لا تنخدع فليس كل من يروق لنا يصلح لأن تقول له ؛ كن صديقي .

زر الذهاب إلى الأعلى