الأدب و الأدباءالثقافة

الشاعر بشار بن برد .. منبت وضيع ، وشعر بديع :

كتب لفته عبد النبي الخزرجي / العراق – بابل
الشاعر بشار بن برد ، نشأ في بيت وضيع ، وفقر مدقع ، ومنبت رديء ، وكانت البصرة محل ولادته ، وبها نشأ ، وتلقى تعليمه الاول في مدارسها الادبية ومنتدياتها الشعرية ، ورغم انه كان بصيرا منذ طفولته المذلة ، الا انه كان حاذق الحفظ ، سريع الفهم ، واضح الفكرة .
بشار بن برد ، هذا الشاعر الاعمى ، تمكن من قرض الشعر وهو ابن عشر سنين ، وقد صادف نبوغه الشعري نهاية سطوة بني امية وافول دولتهم . ولان بشار بن برد ، ولد في مدينة الفرزدق ، وعاصر ما خلفته مواقف الهجاء بين الفرزدق وجرير والاخطل ، فقد اتجه لهذا النوع من الشعر ، وهو يعتقد ان بامكانه ان يغير نظرة المجتمع القاسية جدا ، والتي شملته بسخطها ولؤمها وحقدها .. ولذلك فقد بدأ شعره بالهجاء .
الا ان بشار بن برد .. قد خسر المعركة في اول خطواته ، وذلك عندما وجه سهام هجائه لاصحاب الكلام في البصرة ، ومنهم واصل بن عطاء ، الذي حرض عليه الناس ، كما ان المعتزلة اشهروا سيوفهم عليه .. فلم يطق صبرا لما تعرض له من تنافر وخصام ومحاربة .. اضطر على اثرها الرحيل الى الشام ، والتي كان فيها آخر سلاطين بني امية ( سليمان بن هشام بن عبد الملك ) ، ولكنه لم يجد لديه ما يشفي غليله ، فعاد الى البصرة ثانية وقد توفي واصل بن عطاء ، مما اتاح لبشار ان يشعر بالامان والطمأنينة .
وما هي الا شهور ، حتى تهاوت دولة بني امية ، واعتلى السلطة بنو العباس ، واصبحت الكوفة عاصمة الدولة الجديدة التي قامت على انقاض سلطان بني امية . فكانت فرصة جديدة امام الشاعر ليجد له موطيء قدم في بلاط السلطة الجديدة . الا ان الرياح كانت تجري بما لاتشتهي السفن ، فخسر جولته الاولى مع ابي جعفر المنصور ، لكنه اتصل بالبرامكة وامتدحهم ، فأجزلوا له العطاء .
وصف بشار بن برد بسوء الخلق وقبح المنظر وجحوظ العينين ، مع وجه مجدور ، وفي الوقت نفسه كان نزقا سريع الغضب ، لكنه في المقابل ، كان يشعر بالزهو في الهجاء ، ولذلك نقرأ له :
عميت جنينا والذكاء من العمى ………. فجئت عجيب الظن للعلم موئلا
وغاض ضياء العين للعلم رافدا ……….. بقلب اذا ما ضيع الناس حملا
هذا هو بشار بن برد ، شاعر سليط اللسان ، اناني التوجه ، كثير فلتات اللسان ، لا يقف في طريقه الا من يماثله في القبح والبذاءة والددناءة .
لكن بشار في الجانب الآخر ، كان شاعرا قليل الاكتراث بالمخاطر وله قلب قوي شجاع ، ويمتلك المفردات الشعرية التي تمكنه من اقتناص القوافي وسبكها في شعره ، وقد برع في شعر الغزل ، رغم فقدانه البصر ، فقال في ذلك :
قالوا بمن يا ترى تهذي فقلت لهم …… الاذن كالعين توفي القلب ما كانا
وفي شعره الكثير من الغرور بنفسه ، الا ان له منقبة ، وهي انه تمكن من انزال الشعر من قفصه الذهبي ليضعه بين ايدي الناس . وصف بشار بن برد انه شعوبي ، يفخر باصله الفارسي ، وقد اتهموه في دينه ووصم بالالحاد والزندقة.

زر الذهاب إلى الأعلى