اسليدرالأدب و الأدباءالاسلاميات

موقف النبي صلّ الله عليه وسلم من المدح

بقلم / أ : مصعب أبوبكر أحمد

كذلك كان تكريمه – صلّ الله عليه وسلم للشعراء المادحين له كبيراً ؛ نعم ذلك شأن الكرام يجدون في أنفسهم بواعث قوية لا يمكنهم إلاّ العمل بمقتضاها ، كما فعل سيدهم سيد الوجود وأكرم من كل والد ومولود عندما أنشده كعب بن زهير رضي الله عنه قصيدته ” بانت سعاد ” والتي أسموها بعد ذلك ” بالبُردة ” لما جاد النبي الكريم لكعب بعباءته كرماً منه واستحساناً لما سمع . وها هو زعيم هوازن : أبو جرول وكان رئيس قومه لما أسره الرسول صلّ الله عليه وسلم هو وقومه ، فوقف بين يدي النبي الكريم وأنشده مذكراً أيام رضاعه ، فما كان منه – سيد الأكرمين – إلاّ أن عفا عن الأسرى وأطلق السبايا التي كانت له ، ولبني عبد المطلب ، وعندها أطلقت الأنصار سباياها إكراما لرسول الله صلّ الله عليه وسلم بسبب تلكم الأبيات . فهذا شأن الكرام عند الترجي والإسترحام وحسن الظن بهم ، فكيف برسول الله وهو أكرم الخلق ، وأرأفهم ، وأحلمهم . فكان من شعر رئيس هوازن :

امنن علينا رسول الله في حَرَمٍ
فإنكَ المرءُ نرجوهُ وننتظر
امنن على نسوة كنتَ ترضَعها
يا أرجح الناس حلماً حين يُختبرُ
إنّا لنشكر للنعمى إذا كفرت
وعندنا بعده ذا اليوم مُدّخر

فقال عليه الصلاة والسلام : ( أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لله ولكم… ) فقالت الأنصار : وما كان لنا فهو لله ورسوله ، فردت ماكان في أيديها من سبايا وأموال .
فانظر – أيَّدك الله – إلى مقام الشعر عند النبي صلّ الله عليه وسلم ، وما جاء به من عفو وصفح وهبة . فلا مجال لقول مفترٍ أو متنطّع أنه لا يجوز مدحه صلّ الله عليه وسلم .
وكيف لا يكون وقد كانت من أهم داوفع الفتح الأعظم ” فتح مكة ” وشحذ الهمم والشوق إليها ، أبيات من شعر عمرو بن سالم الخزاعي أنشدها حين قدم على النبي الكريم في المدينة لما هاجمتهم قريش بمكة وأصابوا منهم ما أصابوا … وهم كانوا حلفاء للنبي الكريم . فدخل عمرو عليه وهو جالس في المسجد بين أظهر الناس فأنشد :

ياربِ إني ناشِدٌ محمداً
حِلفُ أبينا وأبيه الأتلدا
قد كنتُ والداً وكنّا ولدا
وزعموا أن لست ادعوا أحدا
وهُم أذلُّ وأقلُّ عددا
هم بيوتنا بالوتير هُجّدا
وقتلونا رُكّعا وسُجّدا
فانصر هداك الله نصرا أبدا
وادع عباد الله يأتو مددا
فيهم رسول الله قد تجرّدا
إن سِيمَ خَسْفاً وجههُ تَربَّدا
في فيلق كالبحر يجري مُزبدا

فقال بن هشام : ( قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم : نصرت يا عمرو بن سالم .. ثم عرض عارض من السماء فقال رسول الله إن هذه السحابة تستهل بنصر بني كعب )
فكان منها تجهيزه للجيش ولفتح مكة .
عليك أفضل الصلاة وأتم التسليم ياعلم الهدى ونبراس الوجود

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر
زر الذهاب إلى الأعلى