الأدب و الأدباءالثقافة

زمن الشعارات المعطوبة

كتبت / مها حامد

فِي زَمنِ الضَّمَائر المثقوبة ، وَ العنتريات المَزْعومة والشِّعَارات المَعْطوبة ، حيث الخوف مِنْ الأَيَّام ، وَنِسيان يوم الحِسَابِ .
أصبح الصدق وَالأَمَانة سلعةً كاسدة فما عاد مَنْ يعشق التفانى فِي العَمل وَلَا تَسلق جبالِ الشُّرف فَالكُلِّ يفر مِنْ حولك عند الحَدِيثِ عَنْ النزاهة و كلمة الشرف . إنها الهاوية فَالكل يَتَحايل عَلَي الكُلُّ وَيَخْدَعُ الكُل َّ.
لَا مكان فِي هَذَا العَالَم للمخلصِ الوَفِيِّ وَإِنْ كُنْتُ ذاك الشخْصُ فَهَذَا يعني أنك عبيط لَا مُحترم نَبِيل ٌ ، فَالغَايَةُ تبَرِّرُ الوَسِيلَةَ وَهَذَا قمة الضِّيَاع وَالوجَعِ .
أَنَّنا والحق أمَّة الخطَاباتِ الجَوْفاءِ . مَنْ يَتَتبَّعُ مَا يكْتبهُ العَربُ وَيُشَارِكونهُ عَلى موَاقعَ التّوَاصلَ الاِجْتِماعِيَّ منْ شعْرٍ و نثَرَ وَ أَقْوَالٌ وَحكَمٌ لِلمُفَكِّرِين و الفَلَاسِفة و الأُدبَاءُ وَ ادعياء العِلمُ الشَّرْعي و َحَتَّى الفَنَّانُون وَ الإِعْلَامِيُّون يَظُنُّ أَنَّنَا نَعيشُ فِي المَدِينَةِ الفاضِلةِ ولا مَكان للشَّرِّ بَيْننا .
يظُنُّ أنَّ العرَبَ أُمَّة مزدهرَةُ سامِيَّةً بِالعلُومِ وَالمعَارِفِ و حَتَّى الأَخْلَاق.
وَلكِنْ يكْفِي أَنْ تَنظُر للواقع العربيِّ لتعرف أن العرب لَا رحمةً لديهم وَلَا تعاطفَ لبعضهم البعض ُ.
نخبَتْهُمْ مجموعة منْ المُرْتزِقَةِ و تجار قَضَايَا و عَامَّتَهُمْ قُطْعَانٌ للخطابات الجَوْفَاءِ .
فَسَادنا الأَخلاقِيَّ من أنفسنا فقد تركنا رَسُول الهُدَى عَلَى المحجة البَيضاء ليلها كنهارهَا لَا يُزيغ عنها إِلَّا هالك و لا يتبعها ألا كُل مُنِيب سالك ، و نحن اِتَّبعنا السُّبُلَ فتفرقت بِنَا .
كُنَّا خير أمةٍ أُخرجت لِلنَّاس ..، فصِرْنَا قَصْعَةً لِلأَكْلَة ، لَا سَبِيلَ لنا لبيت فِي الجَنَّةِ سويٌّ بتطهيرِ بيوتِنَا وَتَهْذِيبِ نُفُوسنا .
وَ كلنا علي أمل أَنْ نَرْجِعَ لِقَوْلِ الحَبِيبِ صَلَّى الله عليه وسلم : ” الدِّينُ المُعَامَلَةُ ” .
و قال لِنَا نَبِيِّنَا ((أَنَّ اللهَ يُحَبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ)) .. فهل عَمِلْنَا وَأَتْقَنَا عَمَلِنَا .
وعندما قَالَ عَنَا اللهُ أَنَّنَا خَيَّر أُمَّةَ أَخرجت لِلناس كان الشرط تَأْمرون بِالمعروف وتنهون عَنْ المنكر بِالحكمة وَ الموعظة الحسنةِ .
ولكن واقعنا أننا نَغُوص فِي التعالي وَالتكبر . كَمْ وَكَمْ أَمَرْنَا ربنا وَرَسوله المُصْطَفَى عليه السلام وَ تَعَلَّمْنَا وَتَأَدُّبِنَا وَفِي النهاية اِبْتَعَدْنَا وَعَنْ مَا نَهَيْنَا عنه فَعَلَنَا بِلَا حياء وَلَا خَجَلَ.
لن يَنْصلح حَالِنَا إِلَّا إِذَا قَرَأْنَا فَعَقَلْنَا وَعَمِلْنَا فَأُتْقِنَا وَتَوَحَّدْنَا لَا تُفَرِّقُنَا وَتَسَاوَيْنَا لَا تَعَالَيْنَا .
لن ينصلح لناَ حَالِ ويستقيم لنا أمرا إِلَّا إِذَا أَسْلَمْنَا وَبِمَا أَمَرْنَا فَعَلَنَا ، و كنا فِي السِرِّ كما فِي العلن بِلَا تمثيلٍ أو تقليدٍ .
نَرَى العار عَارًا إِذَا كان غَيْرنا يفعله ونراه ضَرورة أَجْبرنا عليها إن فَعلناه نَحن .
الفَساد نحن نَصنعُهُ وَ الإِرهاب نحن أَهله و َالدمار صنعته أَيْدِينا بِمَا جَبَلَتْهُ طوال أعوام مِنْ كَره وحسد وَحقد وَكِذْبٌ و نفاق .
فَسَادُ الفكر وَالأَقوال أَقوى تَأْثِيرًا وَأَشَدُّ دمارًا من فساد الأَمْوَال .
ففساد الجيوب يطول بعضَ أَفراد من الدولة أَما فساد الفكر يضرب كل أَفْرَادِ المجتمع .
علاج الفَساد الَّذِي تفشي و نَخر كَالسُّوس فِي الشدات الخشبية الَّتِي تَصلب سُقف البلاد لَنْ تكون فَاعلة إِلَّا بتعيين رَئِيسِ المَصلحة أَوْ الشركة أَوْ المُؤَسسة لَا يَخْتلف اِثْنَان عليَّ وطنيته أَوْ ذَمته أَوْ ضميره المهنى والفكري وما أكثر الوطنين المشهود لهم َ.
إِذَا صلحت الرَّأْسَ صلحُ الجسد والبنيان كله ، وَإِذَا فسد الرَّأس فَسَدُّ الجسدوتهاوي .
نُرِيدُ حُكُومَةَ حرب وَمُؤَسسات تدير الأَزَمَاتِ ، نريد رِجَالٌ أَشِداء لايخافون فِي الحَقِّ لَوْمُهُ لَائِمٌ.
اَللَّهم َوَلَّى علينا خيارَنَا وَلَا تُوَلِّي علينا شرارنا ، و أكتب لِنَا النَّصر فِي أُولَى مَعاركنا نحو الحرية . وَلَا تسلط علينا بِذُنوبنا مَنْ لَا يَخافك وَلَا يَرحمنا ، وَوفقنا لِإِعْطاء أَصْوَاتنا لِمن يُفِيدُنا وَيُفيد بَلَدِنَا .

زر الذهاب إلى الأعلى